اعداد/جمال حلمي
ثمانمائة ألف دولاراقرضها اليهودي لحاييم سولومون لجورج واشنطن استعدادا لحرب الاستقلال
اليهود مولت الثورة الأمريكية لتدبير مواردها وتوفير إمداداتها في حربها الطويلة ضد القوات البريطانية فقد كان هناك مهمة يهودية خالصة.
بعد تكوين جيش المستعمرات الموحد وتنصيب جورج واشنطن قائداً عاماً له، كان كانت مشكلة تمويل هذا الجيش وتوفير الإمدادات اللازمـة لـه هـو المعضلة التي واجهـت قـادة المستعمرات الثائرة وكادت تفضي به إلى كارثة.
وكان الذي حل المعضلة وأنقذ المستعمرات وجيشها من الكارثة رجل آخر لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية لتوجد من غيره، اليهودي حاييم سولومون! هذا هو وصف المؤرخ واشنطن إرفنج Washington Irving في كتابه: حياة جورج واشنطن The life of George Washington لحالة جيش المستعمرات الأمريكية الثائرة: “كانت طرق الإمدادات محاصرة، والمخازن والمستودعات خالية، ولا يوجد مال كاف لتوفير احتياجات الجنود الأساسية، ولأسابيع طويلة كان الجيش يفتقد اللحم، ولأسابيع أخرى كان يأكل بلا خبز، وأحياناً لم يكن الجنود يجدون لا اللحم ولا الخبز، والملابس والبطاطين كانت هي الأخرى قليلة، فكان الجنود البائسون يتضورون في ليالي الشتاء الطويلة جوعاً ويرتجفون بردا”.
وهاهنا ظهر اليهودي المنقذ حاييم سولومون Haym Solomon. وحـاييم سولومون يهـودي بولنـدي ولـد فـي لنـزو Lenzo سنة 1740م وارتحـل متاجراً في بلاد أوروبا المختلفة فكون ثروة وأجاد عدة لغات، ثم وصل إلى نيويورك سنة 1772م والثورة على الأبواب فانضم إلى منظمة أبناء الحرية Sons of Liberty منظمة ماسونية صارت إحدى مراكز الثورة. وهي وفي سنة 1776م، بعـد وصـول قـوات السير وليام هـو البريطانية إلى نيويورك وسيطرتها عليها، أشعل أبناء منظمة أبناء الحرية حريقاً في المدينة دمر ربعها تدميراً تاماً، فألقى القبض على عدد من أعضاء المنظمة، وكان من بينهم حاييم سولومون. ولإجادة سولومون التامة لعدة لغات استعانت به القوات البريطانية لفترة ثم أفرجت عنه وسمحت له بممارسة نشاطه التجاري مرة أخرى. وبعد مغامرات عديدة وتنقل بين المستعمرات اعتقلته القوات البريطانية مرة أخرى سنة 1778م واتهمته بالجاسوسية لفرنسا وهولندا والمستعمرات الثائرة، ثم حكمت عليه بالإعدام، فتمكن مـن الهـرب والوصـول إلى فيلادلفيـا حـيـث قـدم إلـى كـونجرس المستعمرات تقريراً بكفاحه البطولي وما بذله من مال في مواجهة القوات البريطانية، وكان وصوله إلى فيلادلفيا وجيش واشنطن على حافة الكارثة.
ولشهرة حاييم سولومون الكبيرة وصلاته الواسعة والعميقة بالحكومات الأوروبية وبسادة التجارة في مختلف بلدان أوروبا طلب منه الماسوني روبرت مورس Morris، وكيل الكونجرس والمسؤول عن تدبير الموارد المالية، سنة 1781م إغاثة Howe William Robert حكومة الدولة الوليدة المفلسة وإنقاذ الجيش ليتمكن من القتال واتمام الاستقلال. وعقد الكونجرس ممثلاً في روبـرت مـورس مـع حـاييم سولومون اتفاقيـة يـوفر بمقتضاها سولومون الأموال للحكومة والكونجرس والموارد للجيش قرضاً بفائدة نصف في المائة، في الوقت الذي كان متوسط سعر الفائدة على القروض في المستعمرات الأمريكية يتراوح بين خمسة وسبعة في المائة. وأوفى حاييم سولومون باتفاقه، وكان سخياً في تمويله، فقد سجل روبرت مورس في تقاريره وفي يومياته أكثر من مائة صفقة مالية بين عامي 1781م و 1784م، هو الهائلة التي جمعها من التجارة والإقراض بالربا في أوروبا وفي المستعمرات الأمريكية. وبلغ من سخاء حاييم سولومون في تمويل الدولة الأمريكية ورجالاتها، حيث لم يرفض أي طلب حكومي أو شخصي للتمويل والإقراض، أن شاع عنه أنه كيميائي يحول الأوراق والكمبيالات إلى نقود! وفي سنة 1785م مات حاييم سولومون في الخامسة والأربعين من عمره دون أن يسترد شيئاً مما أقرضه للدولة وجيشها، ولا مما أقرضه لكبار قادتها ورجالاتها. وتقدر الموسوعة البريطانية جملة ما أقرضه سولومون للحكومة الأمريكية وجيشها بحوالي ستمائة ألف دولار، بينما يقدره المؤرخ اليهودي جاكوب ماركوس R.Marcus في كتابه: يهود أمريكا الأوائل Early American Jewry بثمانمائة ألف دولار! Jacob ويقول اليهودي دافيد لويس David lewis في كتابه: إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية Israel & The united States of America : “إذا فرض أن فائدة الثمانمائة ألف دولار التي أقرضها حاييم سولومون للولايات %7، وهو متوسط الفائدة في كل عصر، ثم أضيف إليها ما تراكم من فوائد مركبة بسبب التأخر في السداد مائتي عام وسبعة عشر، وأرادت الولايات المتحدة الوفاء بحقوق حاييم سولومون لديها فسيكون عليها أن تدفع لورثته مبلغاً فلكياً، أقل تقدير له هو ثلاثة تريليون دولار”! المتحدة هي وعلى ذلك: “عندما يهمهم بعض الحمقى من أعضاء الكرنجرس متململين من ثقل المعونة التي تمنحها الولايات المتحدة لإسرائيل سنوياً، فعليهم أن يتذكروا أن يهودياً مد يد العون للولايات المتحدة وأنقذها بماله ومات مريضاً معدماً وهو في الخامسة والأربعين من عمره تاركا خلفه أرملة وأربعة أطفال أكبرهم في السابعة من عمره من أجل أن تعيش الولايات المتحدة الأمريكية، ولولاه ما وصلوا هم إلى ما وصلوا إليه وما كانوا في أماكنهم التي يتململون فيها ويهمهمون منها”! فهلا أدركت أن الحمقى حقاً وفعلاً ليسوا من يتململون ويهمهمون في الكونجرس الأمريكي، ولكنهم من تراهم أمامك ومن حولك في بلاليص ستان يجلسون في انتظار أن يأتي يوم تكون فيه هذه الولايات المتحدة الأمريكية هي الحكم العدل والوسيط المنصف بينهم وبين هؤلاء اليهود! فإليك تتمة دور اليهود في صناعة الولايات المتحدة الأمريكية