المزيد

لماذا استولت القيادات على شركات الإخوان؟

لماذا استولت القيادات على شركات الإخوان؟

منذ القبض على محمود عزت، القائم بعمل مرشد جماعة الإخوان، فيما عرف بعملية “الصيد الثمين” بمصر نهاية أغسطس الماضي، والأوراق والمستندات التي عُثر عليها بحوزته، يتكشف كل يوم جانب كبير من شركات وأموال جماعة الإخوان، وخطة التنظيم المالية، وشركات الجماعة واستثماراتها في مصر والخارج.

وكانت المعلومة المهمة التي تكشفت من تلك الأوراق والمستندات هو أن أغلب شركات واستثمارات الجماعة كانت بأسماء قياداتها وأسماء شخصيات أخرى مجهولة، وتبين فيما بعد أنها تابعة ومنتمية للجماعة ولكنها خلايا نائمة وتصب عائداتها بلا شك فيها. وهي ليست مرصودة لأجهزة الأمن المصرية، من بينها أسماء سيدات، وربات منازل، ومعلمات، وطبيبات، ومهندسات، وشخصيات أخرى لم يكن أحد يعلم، بمن فيهم أقاربهم، أنهم تابعون لجماعة الإخوان.

وللتدليل على ذلك، وعلى سبيل المثال، ما كشفته المعلومات التي حصلت عليها أجهزة الأمن عقب ضبط عزت، أن الجماعة خصصت نسبة بسيطة من أسهم شركاتها باسم طه محمد السعيد عبدالعظيم جودة، وهو شخص غير معروف يبلغ من العمر 49 عاما، ويمتلك شركة تسمى “الروضة للحدايد والبويات”، وتبين أنه يمتلك فيلا فخمة اشتراها لحسابه من حصته في أموال الجماعة في الحي الثاني بالتجمع الخامس شرق القاهرة، ولديه مسكن في العقار رقم 23 شارع الشيخ محمد النادي بمدينة نصر شرق القاهرة.

كما تبين وجود حصص بأسماء أستاذ بكلية الهندسة جامعة الأزهر وزوجته يقيمان في شقة متواضعة بعمارات الطوب الرملي في مدينة نصر، وخلال فترة وجيزة قاما بشراء فيلا فخمة في عمارات النرجس بمنطقة التجمع الخامس شرق القاهرة، وحصة باسم فارس سمير أحمد عواد، من مواليد العام 1972 يقيم في قرية طه شبرا بمدينة قويسنا محافظة المنوفية، وتبين أنه كان يتولى عملية نقل أموال لحساب الجماعة.

وثبت أن الجماعة خصصت حصة باسم صابر إبراهيم فهيم، وبالبحث عنه تبين أنه يعمل مهندسا زراعيا، ويدير شركة للمفروشات لحساب الجماعة في منطقة المعادي، رغم أن محل سكنه الأصلي بمحافظة دمياط، وعقب توليه إدارة الشركة اختار مسكنا آخر له في شارع ابن النيل بالمعادي جنوب القاهرة.

كما تبين أن هناك حصصا أخرى باسم سيدات وفتيات بعضهن تبين انتماؤه للتنظيم فعليا مثل هنا حسن سعد الطباخ، تبلغ من العمر 45 عاما وتعمل معلمة وتقيم في مدينة السادات بمحافظة المنوفية، وأسماء أحمد منصور هلال وتعمل معلمة أيضا وتقيم في عزبة تابعة لقرية أمليج بمدينة شبين الكوم محافظة المنوفية، ورجاء عاشور سليمان غانم وتعمل معلمة وتقيم في مدينة سرس الليان محافظة المنوفية، وأمينة عبد الرحمن السعيد السيد تبلغ من العمر 61 عاما وتقيم في ميت خاقان بمحافظة المنوفية، وفاطمة السيد الصاوي كشك وتقيم في القابوطي بالضواحي بمحافظة بورسعيد وتبلغ من العمر 48 عاما، وألطاف الرفاعي صبح صبح وتقيم في منطقة الزهور بورسعيد وتبلغ من العمر 46 عاما، وجيهان محمد توفيق الرودي وتقيم في القابوطي بورسعيد وتبلغ من العمر 53 عاما وبدون عمل.

لكن لماذا فعلت الجماعة ذلك؟ ولماذا خاطرت بأموالها وقيّدت أسهم شركاتها واستثماراتها بأسماء قياداتها وبأسماء عناصر تابعة لها؟ ثم هل كانت ضامنة لولاء هؤلاء وسهولة استعادة أموالها منهم؟ رغم ما حدث من ورثة جمعة أمين نائب المرشد الأسبق حينما رفض أبناؤه بعد وفاته في العام 2015 التنازل عن نصيب والدهم في مجموعه “مدارس المدينة المنورة” بالإسكندرية المملوكة فعليا للجماعة وعائداتها التي كانت تقدر بنحو 50 مليون جنيه، وكذلك حصته في دار نشر باسم “الدعوة” في الإسكندرية، وحاولت الجماعة تسوية الأمر وديا ووسّطت قيادات كبيرة لإقناع الأبناء بالتنازل دون جدوى.

إن الجماعة اضطرت لقيد شركاتها واستثماراتها بأسماء قياداتها وأسماء آخرين تابعين لها، تجنبا لتكرار أزمتها الكبرى في الستينيات، وهي الأزمة التي تعرضت فيها الجماعة وأموالها لضربة كبرى وقاسمة فيما عرف بأزمة العام 1965، حيث قام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر باعتقال كافة قادة الجماعة ومصادرة ممتلكاتها وأموالها، وهو ما عبّر عنه الرئيس الإخواني محمد مرسي خلال حفل تنصيبه رئيسا عام 2012 أمام مناصريه في ميدان التحرير قائلا “وما أدراك ما الستينات”.

أن جماعة الإخوان وقبل تلك الأزمة كانت لديها استثمارات كبيرة صادرتها الدولة المصرية، ورأت الجماعة أنها ارتكبت خطأ في ذلك، وأن قيامها بإدراج هذه الشركات وقيدها باسم التنظيم سهّل على الدولة مصادرتها، مشيرا إلى أنه ومنذ ذلك التاريخ أعادت الجماعة بناء شركاتها واستثماراتها من جديد وقيدتها بأسماء شخصيات وعناصر تابعة لها، ولكنها غير مرصودة أمنيا، وعقب عودة الإخوان للعمل من جديد في السبعينيات كثفت الجماعة من نشاطها الاقتصادي وكونت إمبراطوريتها المالية الحالية.

وإن المدقق في الشركات التي قامت بتأسيسها جماعة الإخوان ونشاطها يمكنه الوقوف على عدة حقائق، منها أن الجماعة اعتمدت على الشركات التي تتيح لها مكاسب وأرباحا سريعة ويسهل تصفيتها فيما بعد، فضلا عن أنها لم تسع يوما إلى تأسيس شركات منتجة تقوم على التصنيع أو على بنية تحتية ضخمة، مضيفا أن الجماعة وخلال حكم الرئيس الراحل أنور السادات عملت على الاستفادة من الانفتاح الاقتصادي، وتأسيس الشركات التجارية والتوكيلات واستيراد السلع وبيعها في الداخل ولم تؤسس أي مشروعات إنتاجية أو تصنيعية، وهدفت من ذلك لتصفية هذه الشركات في أي وقت وعند شعورها بخطر المصادرة، وسهولة وسرعة جني الأرباح والمكاسب وانعدام فرص الخسارة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى