أخبار العالم

تقسيم السودان مرة أخرى يطبخ على نار مشتعلة.

تقسيم السودان مرة أخرى يطبخ على نار مشتعلة.

اعداد/جمال حلمي

في صمت ومن دون أن ينتبه احد. تقسيم السودان مرة أخرى يطبخ على نار مشتعلة.
وبدل سودانان سيصبحوا ثلاثة وربما أكثر. حركات دارفور تمردت على حميدتي والجيش السوداني يقف عاجزا. ملايين السودانيين تهجروا وملايين موعودون بالجوع والكوليرا.

وهنا قصة المأساة التي ضاعت بين الماسي.
ربما سرقت مأساة الفلسطينيين الأنظار من على السودان. الذي كان حتى قبيل الحرب الإسرائيلية على غزة يعيش أوضاع مأسوية أوصلت البلاد إلى الحضيض.
على وقع الحرب الأهلية التي كانت قد اندلعت أعقاب الانقلاب الذي قامت به قوات الدعم السريع الذي يقوده حميدتي والجيش السوداني الذي يتزعمه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.
(2)
وكتذكير سريعا بما جرى. فعقب الاحتراب الذي جرى بين الفريقين. استقر السودان على حالة حرب وعلى مناطق نفوذا لكل طرف. الدعم
السريع في الغرب والجيش في الشرق ومعارك محتدمة في الخرطوم والحرب حتى ذلك التوقيت كانت سيجال طرف يتقدم وأخر يعاود التقدم. وفي حين ظهرت للواجهة حركات كانت تسمي بالانفصالية فيما سبق.

لكن هذه تحولت إلى ما يشبه رمانة الميزان كما يقال. أي أن موقفها كان حاسما في من ستؤيد .
وعلى هذا كانت آخر الأخبار. قبل أن تندلع الحرب الأسرائلية على قطاع غزة والتي لبشاعتها خطفت كل الأنظار في العالم. لكن ما أصبح يجري في السودان لن يقل بشاعة. حيث بدأت أخبار تخرج. بان ما يشبه التطهير العرقي بات يرتكب في السودان.

حيث يريد كل طرف أن يخرج مؤيدي الطرف الآخر من مناطقه.
وعلى هذا نشر صحيفة تيليجراف البريطانية ما يشبه إعلان موت بطئ للسودان. وقالت بالحرف.

ان السودان في طريقه نحو ما أسمته الشر المطلق. وهذا الشر هو جنون الحرب والجوع والمرض وتهجير والتقسيم. وجنون الحرب يعني أن كل طرف بدأ يجد فرصه للإجهاز على الطرف الأخر والعالم منشغلا بما هو منشغل فيه.

وهذا ما فاقم المعاناة ووصل السودانيين إلى مراحل حرجة. فأكثر من ستة مليون مهاجر وفق آخر إحصائيات. وثلاثة ملايين سوداني سيصابون بالكوليرا القاتلة.

وملايين آخرون سيفتك بهم الجوع.
ولافت أن هؤلاء غالبيتهم في مناطق الجيش السوداني الذي يقف عاجزا. أمام المأساة الكبرى.

لكن هذا لا يعني أن مناطق قوات الدعم لا تخلو هي ألآخري من كوارث اكبر. حيث ما يجري هناك هي حرب أهلية أخرى ضمن الحرب الأهلية المشتعلة أصلا. خاصة مع إعلان ثلاث حركات كبرى في دار فور التمرد على حميدتي وهي حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي وتجمع قوة تحرير السودان والتحالف السوداني. وهذه قالت إنها ستقف بالمنتصف الآن وعلى الحياد. لكنها لن تسمح بتقسيم البلاد.
وهنا السؤال. هل السودان إلى ينجرف إلي تقسيم ؟

الحقيقة انه ضمن المعطيات الحالية لن يحول بين السودان والتقسيم أيه حائل. وقبل أن نشرح لماذا دعونا نستعرض خارطة سيطرة

(3)
كل طرف على الأرض والبداية من خارطة السودان هذه التي تنقسم إلى ثماني عشر ولاية .

ثمان ولاية منها تعتبر ولايات آمنه نسبيا وهي تحت سيطرة الجيش السوداني وهي الولاية الشمالية وولاية البحر الأحمر وكسلا والقضارف وسنار ونهر النيل والنيل الأزرق والنيل الأبيض.

والي هذه الولايات نزح غالبية السودانيين. وبالمقابل فان قوات الدعم السريع حاضرة بقوة في كل من ولايات الوسط التابعة لكر دفان وهي ثلاث ولايات .

شمال كرد فان وجنوب كرد فان وغرب كرد فان
وكذلك الأمر في ولايات دارفور الخمس وهي شمال دارفور وجنوب دارفور وغرب دارفور وشرق دارفور ووسط دارفور وتبقى الخرطوم التي تشهد حربا طاحنه بين طرفين بحكم أنها عاصمة البلاد وتضم معظم مؤسساته ومنشأته الحيوية ويمكن القول بالإجمال.

أن شرق وشمال السودان الحالي هم مع الجيش في حين الغرب والجنوب مع الدعم السريع. هذا في حال استثنينا أمر الحركات الدار فورية التي ذكرناها وقلنا أنها أعلنت موقفها بالحياد. لكن إذا استمر الأمر بما هو عليه فغالبا سيولد سودانان جديدان او ربما أكثر وهما سودان شرقي يحكمه الجيش الذي يقوده الجنرال عبد الفتاح البرهان وسودان غربي تحت سيطرت قوات الدعم السريع التي يقودها الجنرال حميدتي وما بينها بين يمكن أن ينبثق سودان آخر بطرف دارفور تجتمع به الحركات التي كانت سابقا متمردة
( 4 )
على الدولة و الآن تقول إنها لا تريد التقسيم. كما يمكن للخرطوم أن تتحول إلى برلين جديدة أي. خرطوم شرقية وأخرى غربية.

ومع هذا السيناريو الذي سمته التيلجراف الشر المطلق وليس لكون الصحيفة البريطانية تخاف على السودان من الانهيار وإنما لكون الأمر يمثل فرصة لتنام الحركات التي يسميها الغرب متطرفة وإرهابية وهذا تحديدا ما بات مصدر قلق للجميع.

فهذا شبيه بما جري في الصومال تسعينيات القرن الماضي حرب أهلية الآن أسفرت عن صومالين.

إحداهما تنامت به حركات توالي القاعدة كحركة الشباب المجاهدين.

وهذا كان مدعاة لتدخل الأمريكيين وتدخل العالم اجمع وانهيار البلاد. هذا فضل عن مجاعات وأوبئة وغياب أي مظهر من مظاهر الدولة.

لذي وفق السيناريو الذي يسير به السودان الآن فإن مصيره شبه محسوم إلا إذا وهنا ربما يكون آخر أمل للسودانيين. إلا إذا قرر طرفي الحرب أو أطرافه تحكيم العقل والضمير.

وهذا لا بوادر له حتى الآن.

لكن ما له بوادر قد تعطي بعض الأمل هي التحركات الدولية لاسيما المصرية والسعودية. فمصر لها حدود شاسعة مع السودان وحتما ستكون اكبر المتضررين لو انزلق السودان للأسوأ.

كذلك السعودية لا يفصل بينها وبين السودان سوى البحر.

وستطولها رياح التأثير لاشك لو عصف التغيير بالسودان.

وعلى هذا يبقى بصيص الأمل هذا ما يتعلق به الجميع قبل أن ينحدر كل شيء للأسوأ. وهذا أيضا ما يخشاه الجميع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى