بعد 3 سنوات من الحرب.. أوكرانيا تلوح بتخفيف العقوبات عن روسيا مقابل السلام
بعد 3 سنوات من الحرب.. أوكرانيا تلوح بتخفيف العقوبات عن روسيا مقابل السلام

كشفت كييف عن استعدادها للنظر في تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا كجزء من صفقة سلام شاملة، وسط مساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الصراع المستمر منذ ثلاث سنوات.
العقوبات كأداة ضغط وليست عقاباً
صرح فلاديسلاف فلاسيوك، مفوض الرئيس فولوديمير زيلينسكي لسياسة العقوبات، في مقابلة حصرية مع صحيفة “بوليتيكو”، بأن عودة الدول للتعامل التجاري مع روسيا هي “مسألة وقت”، لكن ضمن الشروط المناسبة.
وأوضح أن القيود الاقتصادية وحظر استيراد الطاقة الروسية “لها أهدافها الخاصة، والتي قد تتمثل في دفع روسيا لوقف عدوانها وإبرام اتفاق للسلام الدائم”، بدلاً من كونها مجرد “عقاب من أي نوع”.
وأضاف المسؤول الأوكراني: “لقد لاحظنا بالفعل أن الروس يحاولون طرح بعض الأسئلة حول ما إذا كان ينبغي رفع تلك العقوبات، على الأقل بعضها، مما يعطينا فهماً أفضل لماهية العقوبات الأكثر إيلاماً. من الجيد دائماً معرفة ما هو الأكثر إيلاماً، وعلينا استخدام هذا النفوذ بحكمة”.
الاقتصاد الروسي تحت وطأة العقوبات
تشير بوليتيكو إلى قلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المتزايد بشأن حالة اقتصاد بلاده المنهك، حيث خسرت روسيا مليارات الدولارات من عائدات النفط والغاز وشهدت مغادرة الشركات والعمال المهرة منذ بدء الغزو.
وعلى الرغم من استمرار اعتمادها على استخراج الوقود الأحفوري لدفع رواتب الجنود وشراء المعدات العسكرية، فقد انخفضت إيرادات الطاقة الروسية بشكل كبير نتيجة للعقوبات وخسارة الأعمال مع الغرب.
وأكد فلاسيوك، الذي يشغل أيضاً منصب أمين المجموعة الدولية العاملة المعنية بالعقوبات الروسية، أن كييف ستسعى في إطار أي اتفاق دائم إلى “تحقيق العدالة لشعبنا”، بما في ذلك “تعويضات للأوكرانيين” نظراً لحجم التضحيات التي قدموها، مشترطاً أن يضمن هذا الاتفاق أمن أوكرانيا.
جهود ترامب الدبلوماسية وموقف زيلينسكي
منذ توليه منصبه في يناير 2025 بعد فوزه في انتخابات نوفمبر 2024، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه سيعمل على إنهاء الحرب الروسية، مع تقليص المساعدات لأوكرانيا في الوقت ذاته وتهديد موسكو بعقوبات ورسوم جمركية جديدة إذا لم تتفاوض.
وأوفد البيت الأبيض المبعوث ستيف ويتكوف إلى موسكو في وقت سابق من هذا الأسبوع، حيث تحدث مباشرة مع بوتين.
من جانبه، وقّع الرئيس الأوكراني زيلينسكي علناً على اقتراح لوقف إطلاق النار، لكنه حذر من أن بوتين غير مهتم بالسلام ودعا إلى تدابير اقتصادية أكثر صرامة، قائلاً: “يجب تطبيق العقوبات – تلك التي ستكون فعالة. سنواصل العمل مع شركائنا الأمريكيين والأوروبيين ومع كل من يريد السلام في العالم – لإجبار روسيا على إنهاء هذه الحرب”.
مستقبل العلاقات الاقتصادية بين روسيا والغرب
أثار فلاسيوك احتمال إبرام الدول الأوروبية صفقات جديدة لشراء النفط والغاز الروسي بعد انتهاء الحرب، قائلاً: “تمتلك روسيا الكثير من الإمكانات، خاصة موارد الطاقة، وربما يكون من الغباء عدم محاولة الاستفادة منها. ربما ليس بنفس القدر السابق – ونأمل ألا يجدوا أنفسهم أبداً في وضع الاعتماد الكلي على الطاقة الروسية”.
وأضاف: “إذا عادت روسيا في مرحلة ما إلى سياسة أكثر طبيعية تجاه شركائها وجيرانها، فلا أعتقد أنه ينبغي استبعادها من الأسواق التنافسية”.
في سياق متصل، فتح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روتي الباب أمام التطبيع مع موسكو، قائلاً في مقابلة مع وكالة “بلومبرج”: “من الطبيعي إذا كانت الحرب قد توقفت، استعادة العلاقات الطبيعية مع روسيا خطوة بخطوة”.
رغبة أوكرانية في التكيف مع المتغيرات السياسية
يعكس الموقف الأوكراني الجديد رغبة كييف في التكيف مع المتغيرات السياسية التي أحدثتها إدارة ترامب والاستفادة من النفوذ الاقتصادي لتحقيق مكاسب سياسية وأمنية. وتدرك القيادة الأوكرانية أن العقوبات ليست غاية في حد ذاتها، بل وسيلة للضغط، وأن استخدامها بذكاء قد يمهد الطريق لحل دبلوماسي يضمن أمن واستقرار أوكرانيا على المدى الطويل، مع إمكانية عودة تدريجية للعلاقات الاقتصادية بين روسيا والغرب.