واشنطن بدأت تفقد صبـرها حيال التمدد التركي في ليبيا
واشنطن بدأت تفقد صبـرها حيال التمدد التركي في ليبيا
تحاول الإدارة الأمريكية طويلا ضبط النفس حيال التدخل التركي في الشأن الليبي، حيث بات الحليفان تحت لواء حلف شمال الأطلسي، غريمين إقليميين
عن قلق الجيش الأمريكي بشكل متزايد من حرب تديرها تركيا بالوكالة في ليبيا، مستشهدة بالتقرير الفصلي حول عملية مكافحة الإرهاب في شمال وغرب أفريقيا، الذي أصدرته هيئة الرقابة الداخلية في ”البنتاغون“ (وزارة الدفاع الأمريكية) حيث ذكر للمرة الأولى المساعدة العسكرية التركية لحكومة الوفاق الليبية.
وبحسب تقرير هيئة الرقابة الداخلية في البنتاغون فإن تركيا نشرت في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020 عددا غير معروف من قواتها وأرسلت ما بين 3500 و 3800 مقاتل سوري إلى الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، مؤكدا أن أنقرة جندت آلاف المرتزقة للقتال إلى جانب حليفها الليبي، حكومة الوفاق، وأغرتهم بوعود بالمال وبمنح الجنسية التركية
.وأشار التقرير إلى أن تركيا ضاعفت أيضا من مساعدتها العسكرية في مايو / أيار الماضي قبل أن تحقق القوات المقاتلة إلى جانب حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج عددا من الانتصارات المهمة التي أدت إلى انسحاب الجيش الوطني الليبي، وفقا للبنتاغون.
وبحسب التقرير، فإن المفتش العام الأمريكي أرسل إشارة أخرى من القلق الأمريكي المتزايد بشأن التوترات في ليبيا، حيث استمرت المواجهة المسلحة بين الحكومة المدعومة من تركيا والجيش الوطني الذي يقوده المشير خليفة حفتر.
ويؤكد التقرير الأمريكي أن الانتصار الأخير لميليشيات طرابلس في غرب ليبيا في أبريل / نيسان الماضي سلط الضوء على دور أنقرة المهم في تغيير ميزان القوى على الأرض، في إشارة إلى السيطرة على قاعدة الوطية وعلى مدينة ترهونة.
ويضيف التقرير أنه ”في تركيا كان ينظر إلى فوز حكومة الوفاق على أنه دليل على صلاحية المذاهب العسكرية والسياسية التركية ومبرر للأعمال الوحشية ضد الدول التي تعوق طموحات الرئيس رجب طيب أردوغان العثمانية“.
وفي المقابل اعتبر التقرير أن هذه التطورات مثلت خيبة أمل مريرة لواشنطن، خاصة بالنظر إلى دورها التعزيزي في حلف شمال الأطلسي، ففي الوقت الذي تتمدد فيه تركيا في ليبيا تواجه الولايات المتحدة ما وصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ ”موت دماغي“ لحلف شمال الأطلسي.
وأشار التقرير إلى أنه ”في أوائل يوليو / تموز علقت فرنسا مشاركتها في العملية البحرية لحلف شمال الأطلسي ”سي جارديان“ بعد حادثة مع البحرية التركية في البحر الأبيض المتوسط، حيث زعمت باريس أن السفن التركية أضاءت ثلاث مرات الفرقاطة الفرنسية ”كوربيه“ بأنابيب الحريق الخاصة بها أثناء محاولتها تفتيش سفينة ترفع علم تنزانيا يشتبه في تهريبها أسلحة إلى ليبيا.
وبعد ذلك دعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أعضاء الاتحاد الأوروبي إلى مناقشة العقوبات المحتملة ضد تركيا، الأمر الذي تؤيده الولايات المتحدة التي لم تعد تخفي مخاوفها بشأن سلوك تركيا المتهور، بحسب التقرير.
ونقل التقرير عن روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي الأمريكي تعليقه ”إن هذا ليس بالشيء الجيد“، مشيرا إلى أن ”واشنطن إلى جانب فرنسا“.
ويؤكد التقرير أن العلاقة بين أنقرة وباريس ليست الوحيدة التي عانت من التوسع التركي بل إن التوتر شمل جميع دول شرق البحر الأبيض المتوسط بما في ذلك إسرائيل، الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، والشريك الآخر في حلف شمال الأطلسي، اليونان
.ويشير التقرير إلى أن مطامع أنقرة الإقليمية في البحر الأبيض المتوسط المدعومة بمعاهدة ترسيم الحدود البحرية المثيرة للجدل مع حكومة فائز السراج تعارضت مع مشروع مشترك لنقل الغاز الطبيعي من إسرائيل عبر اليونان إلى جنوب أوروبا. وعلاوة على ذلك خلق إنشاء منطقة اقتصادية حصرية من قبل طرابلس وأنقرة ظروفا إضافية لتعميق الانقسام مع أثينا ونيقوسيا.
وخلص التقرير إلى القول إن التصريحات الأخيرة للمسؤولين الأمريكيين هي علامة واضحة على أن استياء واشنطن يتصاعد بسبب الأنشطة التركية المشكوك فيها والتي تهدد وحدة حلف شمال الأطلسي، فعلى الرغم من أن تركيا جزء مهم من الحلف إلا أن مستقبلها كدولة عضو يعتمد على رغبة أنقرة في الاندماج عضوياً في هيكل الأمن الجماعي، فإن لم يكن فإن جسم الحلف قد يخضع لعملية جراحية ويستمر في العيش“، بحسب تعبير التقرير.