المزيد

“إثيوبيا تلعب بالنار مع خط مصر الأحمر”

"إثيوبيا تلعب بالنار مع خط مصر الأحمر"

تتجه آديس أبابا نحو تعمد تأزم حل أزمة السد التى يمثل طرفاها الأخران القاهرةوالخرطوم،وذلك بعد أن كشفت عن استراتيجية شفهية تستهدف التفاوض من جانبها وفقا لقواعد النوايا الطيبة باتجاه دولتى المصب،بهدف التوصل إلى حل مربح للجميع!!،فى اتساق اخرفى وقت سابق عن حديثها عن ضرورة حل تلك الأزمة بناء على قانون الجميع يربح!!،ذلك القانون الذى فسرته مصادربتقسيم مياه النيل بشكل عادل على الدول الثلاث،وهذا ما قد يكون اعتقدته إدارة آبي أحمد،فى ظل تعاملها الأحمق تجاه تلك القضية بمصطلحات الاستعمارية للنيل ضد القاهرة والخرطوم،فكان أولى لآديس أبابا السعى نحو إثبات حسن نواياها بدلا من استغراقها بعملية تفتيش خائبة لنوايا القاهرة و الخرطوم ،اللذان أبدا كلا منهما صحيح منهجهما عبر تصريحات وزير الرى السودانى عن وجود قبول من قبل الخرطوم لمشروع السد قبل أن يتغير سلوك إثيوبيا من خلال عملية الملء الأول الذى تمت دون توافق مع دولتى المصب،فتنحية الخيار العسكرى من قبل القاهرة لإنهاء تلك الأزمة كان بمثابة الدليل الدامغ على حسن النية أمام صانع القرار الدولى وكذلك الإثيوبى.

فاللجنة الرباعية التى طالبت بها السودان وأعلنت مصر قبولها بها لم تأت بديلا عن دور الإتحاد الأفريقى كما تحاول إثيوبيا ترويجها،من خلال سياساتها الدعائية بشأن رغبتها بالحل ضمن إطار المؤسسة الأفريقية،بذريعة الفصل الاختصاصى التى يقوم به الإتحاد الأفريقى بتلك القضايا وما يشبهها، فعدم الجدية التى يجسدها النموذج الإثيوبى بتلك الأزمة جعلت كلا من القاهرة والخرطوم يشعران بقلق بالغ حول ماهية الاتفاق الذى قد تكون إثيوبيا طرفا فيه،بعدما لم تترك آبي أحمد جسر واحد من جسور التواصل قائما بسبب تحركها الأحادى المتكرر بهذا الملف،إلى جانب لغة التشكيك التى تتحدث بها إثيوبيا طيلة الفترة الماضية ضد دولتى المصب ،ولهذا جاء التواجد الدولى ليكون ضمانة رئيسية لعدم زعزعة أى اتفاق مرتقب بين أطراف الأزمة مستقبلا،مما يجعل تكهنات نظرية المؤامرة التى تتربص بمنطقة حوض النيل حقيقة واقعة لا محالة، فى وجود قوانين إثيوبية جديدة بمنح حق الحماية لمشروعات صينية جديدة ليس من بينها سد النهضة،وهذا يفسر سبب تعطيل بيان مجلس الأمن ضد آبي أحمد بشأن إقليم تيجراى من قبل الصين وروسيا،فى وقت قد يكون سد النهضة هو المشروع القادم لحقل التجارب الإثيوبى بدعم روسى ولما لا!!،فهاتان الندان هما المنافسان لأمريكا التى دخلت على خط أزمة السد مؤخرا.

فالقاهرة والخرطوم سوف يستفدان كثيرا من التدخل السعودى الإماراتى بتلك الأزمة بدون شك،فاحترام الرياض للأمن القومى المائى العربى ظهر جليا بحديث وزير الدولة للشئون الأفريقية بالخارجية السعودية السفير أحمد بن عبد العزيز قطان ،مما يشكل قوة مضافة للنهج المصرى السودانى بتلك القضية بهدف تغليب مصالحهما ضد ما تسعى آديس أبابا لتحقيقه،وسط تدويل دولى للأزمة من قبل إثيوبيا جراء تلك العراقيل التى وضعتها بمسار التفاوض خلال عشر سنوات مضت، والتى تقابلها كلا من مصر والسودان الان بمحاولة تدويل حل الأزمة بسبل مقننة وفقا لمخرجات رعاية الكونغو التى تترأس الدورة الحالية للإتحاد الأفريقى ،وفقا لما أعلنه وزير الخارجية المصرى سامح شكرى بالاتصال الهاتفى الذى أجراه منذ أيام قليلة بالأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريتش،عقب تصريحات آخرى فى وقت سابق لوزير الخارجية المصرى عن وجود سيناريوهات متعددة للدولة المصرية لمجابهة التعنت الإثيوبى وعملية الملء الثانى للسد المقرر لها شهر يوليو من هذا العام.

حيث واصل المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتى سلسلة استفزازته تجاه أزمة سد النهضة ودولتى المصب خلال مؤتمر صحفى ،جاء ردا على المقترح السودانى بشأن تدشين لجنة رباعية دولية للتوسط للوصول إلى حل لأزمة سد النهضة،قائلا أن إثيوبيا قد أبلغت الوفد الكونغولي برفضها للوساطة الدولية، معلنا عن تمسك بلاده بالوساطة الأفريقية فقط بهذا الملف ،مضيفا أن الوفد الكونغولي لم يطرح أى مبادرة لحل الأزمة،مكتفيا بنقل وجهات نظر كلا من القاهرة والخرطوم _على حد قوله_،معللا ذلك بأن لا يجب إقحام أى أطراف خارجية بتلك الأزمة وإعطاء فرصة للوساطة الإفريقية للنجاح بهذا الأمر.

فيما يرى مراقبون أن اتفاق المبادئ الذى وقع بين البلدان الثلاث عام ٢٠١٥ به بنود يجب الإلتفات إليها بعناية،ومن بينهم وزير الرى السودانى الأسبق عثمان التوم بحديثه. قائلا أن البند العاشر من اتفاق المبادئ ينص على ضرورة توافق الدول الثلاث حول نشوب أى تعارض بشأن تفسير اتفاق المبادئ أو اتفاق المبادئ ذاته على أسس التفاوض وحسن النية ،مفيدا حال فشل ذلك يجب على الدول الثلاث مجتمعة طلب الوساطة أو التوفيق أو إحالة الملف إلى رؤوساء الدول الثلاث ،منهيا حديثه أن نجاح اللجنة الرباعية الدولية بحاجة إلى جهد دبلوماسى كبير من قبل الدولتين ،بينما قال أستاذ القانون الدولى بالجامعات السودانية أكرم محمد صالح قادش أن البند الثالث باتفاق المبادئ ينص على ضرورة وجود استراتيجية تؤمن حقوق القاهرة والخرطوم حال وجود ضرر “ذو شأن” ملحوظ قد يلحق بهما إلى جانب مناقشة مسألة التعويض،ويستطرد قادش حول أهمية المادة الخامسة باتفاق المبادئ على ضرورة وجود آلية تنسيقية تحكم عملية تبادل البيانات والمعلومات بين السدود و الملء الأول والسنوى للسد وإخطارات مستمرة من قبل إثيوبيا بشأن أى طارئ يحتم ضرورة تغيير هيكلة إدارة السدود بدولتى المصب.

ويمكننا من خلال ذلك إسدال الستار عن وجود سعى إثيوبى محموم باتجاه تفتيت حلول الأزمة بنزع الضمانة الأفريقية التى يجسدها الإتحاد الأفريقى ،عبر محاولة الانتقاص من دوره وتهميش أهميته التى تجلت بحديث المسئول الإثيوبى عن تبنيه لوجهة نظر القاهرة والخرطوم دون وجود مبادرة حقيقية للحل،مما يعد امتدادا لنظرية الطرف الثالث التى روجتها آديس أبابا ضد السودان خلال الفترة الماضية،باتهام خبيث بانحياز الكونغو الرئيس الحالى للإتحاد الأفريقى إلى دولتى المصب،ومن ثم بلورة القاهرة للمقترح السودانى بشأن الرباعية الدولية بخضوعها إداريا للإتحاد الأفريقى جاء ملبيا للرغبة الإثيوبية بانحسار مخرجات جولات التفاوض نحو إطار ذو اتفاق أفريقى،ولكن التقليل من دور الإتحاد الأفريقى كما ترمى إثيوبيا بحديث مسئولها ومطالبته فى نفس الوقت بمنحه فرصة للنجاح فى رعاية اتفاق بين البلدان الثلاث،يظهر مدى الانفصام الذى تعانى منه إدارة آبي أحمد نحو معالجتها لتلك القضية،مما قد يرجح عدم رغبتها فى الحل بشكل أو بأخر.

فاتفاق المبادئ الذى يحكم مسار أزمة السد يتخلله بنود تحاول إثيوبيا القفز عليها بهدف ارتكازه على المواد التى تضمن حقوقها فقط دون حقوق الدول الأخرى،فيحاول آبي أحمد استغلالها لفك حصار خط مصر الأحمر الذى يشتعل تحت أقدامه،والذى شكلته القاهرة عبر دبلوماسيتها من خلال اجتماعات تعريفية لوزارة الخارجية لإظهار مخاطر السد ضد دولتى المصب،إلى جانب تلك اللقاءات التى ضمت المسئولين السودانيين بالسفراء الأجانب لشرح مخاطر وتداعيات تلك الأزمة،استفادة من البند الثالث الذى يفضى إلى ضرورة وجود خطر عظيم يداهم الأمن المائى للقاهرة والخرطوم من أجل خضوع إثيوبيا لاتفاق ينظم ذلك،لإفشال مخطط آبي أحمد لفرض مبدأ وجوب الإجماع من قبل الدول الثلاث بشأن توافر آلية توافقية حول الوساطة الدولية،فوجود الأمم المتحدة إلى جانب الأطراف الثلاث وفقا لمقترح السودان يمثل توازن استراتيجي أمام التحركات الإثيوبية عبر تحويل اتفاق المبادئ إلى عوار قانونى ، مما يبرهن على قراءة جيدة من قبل القاهرة والخرطوم، تستطيع من خلالها الدولة المصرية قص أجنحة السد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى