القاهرة تحبط ترقيع أبي أحمد لأزمة السد بفرض شروط الحل النهائى ضد أديس أبابا
القاهرة تحبط ترقيع أبي أحمد لأزمة السد بفرض شروط الحل النهائى ضد أديس أبابا
يبدو أن إثيوبيا تسعى بجهد حثيث باتجاه تأجيج أزمة السد لتتخذ أبعاد جديدة تضع ذلك الملف على خطى المربع الأول،ذلك المربع الذى حاولت من خلاله أديس أبابا فرض سياسة المماطلة كعنوان لمضمون الحوار بين البلدان الثلاث،والتى استطاعت أن تمتطى جواد التعنت عبر جولات التفاوض لتمحو أثار مفاهيم الحقوق المائية لدولتى المصب،بحيثية خبيثة تراوها أن تكون إثيوببا الأب الروحى الذى يقتفى أثرها كثير من الدول بهدف إثارة الفوضى بحوض النيل،تلك المنطقة التى تعد حظيرة حقيقية للأمن القومى المصرى بوجه عام والأمن القومى المائى بوجه خاص،ومن ثم تحمل القاهرة على عاتقها مسئولية كبيرة تجاه استقرار تلك المنطقة ،خوفا من إثارة مخططات هدامة قد تجلب معها معسكر الشر المتنامى ببلدان آخرى ،مما يؤكد تلك العوامل التحليلية التى تستند على محاولة استهداف أمن الدولة المصرية عبر تخوم وثغور المؤامرة التى تسعى دول كثيرة لاختراقها،وذلك لأن النظام المصرى قد جعل استراتيجية مواجهة الإرهاب أجندة خاصة لتصب نحو استقرار المنطقة التى ماجت بفعل تداعيات ما اصطلح عليه ثورات الربيع العربى.
فإطالة أمد أزمة السد يشى بوجود خطط دفينة تكتنف سياسات إثيوبيا ونظام أبي أحمد ضد الدولة المصرية، وهذا ما استدعى تغليب الدبلوماسية المصرية باتجاه كونها إحدى آليات تقنين الأرضية المشتركة للحل على الصعيد الدولى والإقليمى،وسط سياسة إثيوبية سعت نحو فرض المظلومية الذاتية باتجاه ذى الرماد بأعين المجتمع الدولى لتسويق شائعات الممانعة المصرية بنهضة إثيوبيا تنمويا،مما كان له الدور والأثر البالغ نحو صك استجداء للدعم المالى من قبل المؤسسات الدولية والدعم الشعبى داخليا وخارجيا،فى وقت تشير فيه تقارير مؤكدة على زيادة الضرائب على الإثيوبيين رغم جائحة كورونا!!،مما قد يدلل على أن سد النهضة أصبح ذريعة سياسية للتكسب من قبل نظام أبي أحمد وبطانته،فى وقت مازالت ترفع فيه أديس أبابا شعارات الخير للجميع.
فاستراتيجية القاهرة جاءت لتفخخ هزلية النهج الإثيوبى الذى يسعى إلى عملية تعويم إدارة الأزمة، بهدف تحريك بوصلة الحدث باتجاه إدخال مفردات سياسية وأمنية جديدة تدحض نظرية ومبدأ الحقوق التاريخية لمصر بالنيل، وهذا ما فطنت إليه الدولة المصرية مما جعلها لا تألوا جهدا فى ترويج منهجية الحل القائمة على العوامل القانونية وليست البيئة السياسية للأزمة ذاتها، وتلى ذلك اجتذاب القاهرة للمعسكر الدولى نحو ضرورة هيمنة الحل على حساب الأجندة الدولية والإقليمية لبعض الدول التى ورطت أديس أبابا فى انتهاج مثل هذا السلوك ،وهذا ما أفصحت عنه تصريحات مدير مكتبة الإسكندرية الدكتور مصطفى الفقى عن وجود لدولة عربية تقود إحداث سد النهضة فى الخفاء، محثا إثيوبيا على ضرورة العودة لرشدها.
حيث عقد الرئيس السيسى اجتماعا ثنائيا برئيس جمهورية الكونغو فيليس تشيسيكيدى عبر مؤتمر صحفى عقد بالقاهرة للتباحث حول عدة قضايا إقليمية ومن بينها سد النهضة ،حيث أكد الرئيس السيسى أن نهر النيل شريان جامع لكل دول النيل ومصدرا للتنمية والاستقرار،وأضاف السيسي أن تلك الزيارة تزامنت مع قرب ترأس الكونغو للإتحاد الأفريقى ،مؤكدا أن مصر تثق بشكل كامل بقدرة دولة الكونغو على اجتياز تلك الفترة العصبية بنجاح، منبها أن ذلك الاجتماع قد تطرق لبحث الاتفاق القانونى الملزم لحل أزمة السد،معلنا عن توثيق العلاقات بين البلدين على المستوى الاقتصادي والسياسى ومجال الموارد المائية خلال الفترة القادمة،من جهته قال رئيس الكونغو على ضرورة الاستفادة من الرؤية المصرية لدعم التعاون بين الدول من خلال الإتحاد الأفريقي فى ظل منطقة حوض النيل التى تموج بكثير من المشكلات.
وعلى جانب ثانى أفاد وزير الطاقة والمياه الإثيوبى شيلسى بيكيلى أن إثيوبيا ماضية بطريق بناء السد كما هو مخطط له،فى وقت قد أعلنت فيه وكالة الأنباء الإثيوبية عن زيارة لوفد سودانى برئاسة وزير الطاقة والمياه الإثيوبى إلى السد لمتابعة استكمال البنية التحتية هناك، وأضافت وكالة الأنباء عبر تقريرها أن الوفد السودانى عقد اجتماعا مع لجنة الاستشاريين والفنيين والمقاولين الكيت أكدوا أن العمل فى السد جارى على قدم وساق وبدون أى عراقيل تذكر.
ومن هذا المطاف نستنتج وجود خطة محكمة من قبل الدولة المصرية تستهدف كسر رعونة السياسة الإثيوبية التى تطفو على سطح أزمة السد منذ سنوات طويلة،فكان لزاما على الدولة المصرية ترويض ذلك العصيان الإثيوبى الذى هدد قضية المياه بأفريقيا،حتى تقطع الطريق على أن تحل منطقة حوض النيل لمن يسعون متستريين خلف إثيوبيا لقلب موازين الاستقرار،فى وقت ولت الدولة المصرية ظهرها إبان نظام مبارك لحاضنتها الأفريقية ،مما جعل الدولة المصرية ساعية نحو ولوج تلك المنطقة من خلال الباب الأرحب الذى لا يجلب العمار وليس الدمار لأفريقيا،ومن ثم ترتكز مرجعية الحل المصرى على محددات دقيقة لا تهدف إلى السيطرة بل التعاون بين البلدان الثلاث التى تمثل أطراف الأزمة،فكانت المطالب المصرية للحل بمثابة الخيط الرفيع الذى يفصل بين مبدأ ترسيم الحقوق وذلك الاستئثار الذى تحاول إثيوبيا تحقيقه، ومن ثم يأتى التقارب بين مصر و الكونغو كإحدى مدلولات ذلك الاتجاه الذى يترسخ بتلك الأونة، والذى سبقه اجتماع بين الرئيس السيسى ورئيس مفوضية الإتحاد الأفريقي موسى فقيه منذ أيام قليلة.
فتأتى الخطوات المصرية لهيكلة جذرية لملء الفراغ الذى خلفته السياسة المصرية القديمة باتجاه دول حوض النيل،مما يعد عملة واحدة لوجه آخر وهو تذليل التعنت الإثيوبى الذى قد يقود الأزمة إلى أن تستفحل،مما يعد نذيرا لفوضى تستعر بتلك المنطقة أجلا أو عاجلا،فعودة إثيوبيا إلى حجورها مرة أخرى لن يتأتى إلا بفرض ذلك عليها بشكل مؤسسى عبر بوابة الإتحاد الأفريقى، من أجل إتاحة الفرصة لتلك المنظمة على حماية المرجعية المصرية التى تتركز على وجوب التوصل إلى حل لإدارة وتشغيل السد حال طغيان أدبيات المعسكر الدولى المتأرجح بشكل مضاد للأمن القومى المائى،مما سوف يدشت مسارا ناجحا فى حصار إثيوبيا باجبارها على الانصياع للحل الأمن لتلك الأزمة بعيدا عن القواعد الاسترشادية التى حاولت تدشينها كفرضية واهية، تضع بها منطقة حوض النيل كأحد بقاع وبؤر التوتر التى يمكن أن تتجدد فى أى وقت،وفقا لقواعد اللعبة السياسية أو المناورات الجانبية لبعض الدول التى لا يهدأ لها بال عندما يقع بصرها على تعزيز مصر لدورها الريادى والقيادى بالمنطقة، فتوجه الدولة المصرية نحو الظهير الإفريقى المؤسسى يدعم وبقوة تفتيت تلك السياسات التكتلية التى تعتمد عليها إثيوبيا وفقا لقاعدة حماية التدخل الخارجى لهذا السد،ذلك التدخل الذى يحتمى به السد قد يكون لها طابعا استثماريا أو اقتصاديا،وهذا ما تجلى بتلك الحملات التمويلية والبرامج التحفيزية التى كان البنك الدولى جزء منها ،إلى جانب الاكتتاب الشعبى الذى تصدر واجهة استكمال مشروع السد خلال العام الماضى بوجه خاص،كل ذلك بذريعة عدم السماح للدولة المصرية بالانخراط بتلك الأزمة أمنيا و سياسيا لتطويق المماطلة الإثيوبية،فكانت سياسة عزل السد من تلك المخططات عبر تثمين دور الرعاية الإفريقية و الوساطة الدولية هو بمثابة القوة الجبرية لكى يعتزل أبي أحمد سياسة التعنت ضد دولتى المصب فى سبيل إقراره بالحل النهائى والملزم.