
لم تكن د. مـاء الفريق عبد المنعم رياض مجرد خسارة…
بل كانت قسمًا حُفر في صدور رجاله:
«لن نرتدي السواد… بل نحمل السلاح، ولن نغفر.”
9 مارس 1969 — سقط القائد وسط جنوده على الجبهة، بقذيفة أطلقت من موقعٍ حصين شرق قناة السويس المعروف باسم لسان التمساح.
قبل استشهاده تلقّى رياض تحذيرات شديدة: لا تذهب إلى الجبهة الآن الخطر واضح. لكنه ردّ بجلدِ الرجال وهدوء الشهيد قبل الرحيل:
«مثلي لا يهاب الموت؛ مثلي مثل أي جندي على الجبهة.»
رجال الصاعقة لم يكتفوا بالحزن، ولم يقيموا عزاء…
وقفوا بصمتٍ ثائر، وأقسموا أن يأخذوا بثأر قائدهم… أو يُدفنوا معه.
لم تكن الطريق سهلة — بعض القادة حذروا من أن العملية انتحارية، وأن العودة ليست مضمونة. لكن الرفاعي ورجاله أصرّوا بوجوه لا تعرف التراجع:
«مش راجعين غير بثأر رياض… يا ناخده… يا نموت زيه!»
ليلة السبت 19 أبريل 1969 — من قلب الظلام انطلقت قوارب الصاعقة المطاطية عبر بحيرة التمساح بقيادة العقيد إبراهيم الرفاعي.
الهدف: اقتحام موقع لسان التمساح وتدميره بالكامل — نفس الموقع الذي خرجت منه قذيفة اغتيال رياض.
كل مجموعة عرفت مهمتها بدقة:
مهاجمة الدشم الأربع
تفجير الذخيرة والمركبات
القضاء على من بالداخل
رفع العلم المصري وسط الدخان والصرخة
التنفيذ:
القوارب تخترق البحيرة في صمتٍ قاتل، القنابل اليدوية والدخان تفتح الطريق، واشتباكات بالأيدي والأسلحة داخل الدشم. دوّت التفجيرات — دبابتان وعربة نصف مجنزرة دمرتا — وتحقّق الثأر بتصفية ما لا يقل عن 40 جنديًا وضابطًا إسرائيليًا داخل الموقع.
الخسائر المصرية: إصابتان فقط، حُمِل صاحباهما على الأكتاف حتّى العودة. باقي القوة عادت سالمة، منتصرة. ثأرهم تحقق — فداء لرمزٍ وهية لقائدٍ لم يهاب الموت.
ومنذ ذلك الحين، صار اسم إبراهيم الرفاعي كابوسًا في عقل العدو، لقبوه: «الشبح المميت»، ووضعوه على قوائم الاغتيال لعملياته الدقيقة والخاطفة.
وبعد فترة قصيرة، استشهد الرفاعي بنفس الشجاعة والبطولة، ليكملوا مسيرة الفداء، ويبقى اسمهما خالداً في تاريخ القوات المصرية.