التاسع من ذي الحجة لغير الحاج سنَّة مؤكدة؛ حيث أن صامه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحثَّ عليه، وقد اتفق الفقهاء علي أن صوم يوم عرفة لغير الحاج مستحب ، ورَوَى من أَبُو قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» أخرجه مسلم.و صيام يوم عرفة هو من أفضل الأيام؛ لحديث مسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَة».
صيام عرفة للحجاج
وأما بالنسبة إلي الحاج فقد ذهب جمهور الفقهاء – الشافعية و المالكية والحنابلة- إلى عدم استحباب صوم يوم عرفة إلي الحاج ولو كان قويًّا، و يعد صومه مكروه له عند الحنابلة و المالكية وعلي عكس الأَولى عند الشافعية؛ لما روته أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهَا أَرْسَلَتْ إِلَى نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحِ من لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ بِعَرَفَةَ فَشَرِبَ. أخرجه البخاري.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ مع أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ مع عُمَرَ، ثُمَّ مع عُثْمَانَ، فَلَمْ يَصُمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ. أخرجه الترمذي.
والحكمة في عدم استحباب صوم يوم عرفة للحاج، قيل: لأنه يضعفه عن الدعاء والوقوف، فكان تركه أفضل، وقيل: لأنهم أضياف الله وزواره.
رأي الشافعية
وأوضح الشافعية: ويسن فطره إلي المريض و المسافر مطلقًا، وقالوا: يسن صومه إلي حاج لم يصل عرفة إلا ليلًا؛ بسبب فقد العلة.
رأي الحنفية
وذهب الحنفية إلى استحبابه إلي الحاج -أيضًا- إذا لم يُضعِفه عن الوقوف علي عرفات ولم يخلَّ بالدعوات، فلو أضعفه كُره له الصوم.