هكذا أصبحت إسرائيل رهينة للإمارات والسعودية بعد اتفاق السلام
هكذا أصبحت إسرائيل رهينة للإمارات والسعودية بعد اتفاق السلام
قال كاتب إسرائيلي بارز. إن اتفاق السلام الذي أبرم بين الإمارات وإسرائيل، مؤخرا، جعل ”تل أبيب“ رهينة للإمارات والسعودية، على حد تعبيره.
، نشر الكاتب إيلي بوده أستاذ الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية في الجامعة العبرية، وعضو المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية،
وأكد الكاتب في مقال بعنوان ”كيف تحتجز الإمارات والسعودية إسرائيل الآن كرهينة؟“، أن الإمارات والسعودية تملكان الآن نفوذا أقوى من إسرائيل فيما يتعلق بالسياسات الخاصة بالفلسطينيين، وأن الرياض هي الجائزة الحقيقية بالنسبة لإسرائيل.وأضاف الكاتب: ”السياسة الخارجية للحركة الصهيونية تقوم على طرد العرب من أرض إسرائيل، وتجاوز قادتهم بحثا عن حلول مع زعماء آخرين في الدول المجاورة، كان هذا رأيا بارزا لجاد فرومكين، القاضي في المحكمة العليا، وجد كارمي جيلون، رئيس (الشين بيت) في التسعينيات“.
ومضى قائلا: ”هل يبدو ذلك منطقيا؟ بالطبع، الاتفاق بين إسرائيل ودولة الإمارات يعتبر مثالا بارزا لهذه المدرسة الفكرية، ومنذ نشأتها فإن إسرائيل سارت في اتجاهين متناقضين في إستراتيجيتها تجاه الدول الأخرى بالشرق الأوسط، الاتجاه الأول كان يركز على حل القضية الأساسية، وهي الصراع العربي الإسرائيلي، والصراع مع الفلسطينيين، بناءً على الافتراض بأن هذا سيؤدي إلى تسهيل مشاركة دول عربية في العملية، والاتجاه الثاني كان يقوم على السعي الحثيث للتوصل إلى اتفاقات مع دول عربية، على أمل أن يؤدي ذلك إلى إخراجها من الصراع ما سيؤدي إلى إضعاف الفلسطينيين وإجبارهم على التفاوض“.
وتابع الكاتب: ”خلال معظم أوقات الصراع، فإن إسرائيل اختارت المسار السياسي الأول، فالعلاقات السرية بين إسرائيل ودولة الإمارات تعود إلى مطلع القرن الحادي والعشرين، وتمت عبر ممثلين لجهاز الموساد الإسرائيلي ووكالات دفاع إسرائيلية أخرى، وكان وزير النقل الإسرائيلي أفرايم سنيه أول سياسي إسرائيلي بارز يزور دبي سرا في العام 2001، وكان الهدف إقامة روابط أمنية واستخباراتية لمواجهة التهديد الإيراني“.
وأردف الكاتب: ”ظهرت المؤشرات الأولية على التغيير في العام 2005، خلال خطة إسرائيل لفك الارتباط مع قطاع غزة، حيث شارك رجل أعمال إماراتي بارز في شراء مشاتل من منازل المستوطنين، وبيعها إلى الفلسطينيين في غزة، وقد احتفظت تسيبي ليفني، وزيرة الخارجية الإسرائيلية في حكومة رئيس الوزراء إيهود اولمرت في الفترة من 2006 إلى 2009، بعلاقات جيدة مع الإمارات، ونقلت وثائق ويكيليكس عن دبلوماسي إسرائيلي بارز قوله: إن الإماراتيين يعتقدون أن إسرائيل تستطيع صنع السحر في واشنطن، بالإضافة إلى أن الإيمان بنفوذ اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة كان دافعا مهما بالنسبة للدول العربية للراغبة في إقامة علاقات مع إسرائيل، ولم تكن دولة الإمارات استثناء من ذلك“.وبحسب الكاتب: ”في العام 2009، اقترح مدير الموساد وقتها مئير داغان، على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن تقوم إسرائيل ببيع طائرات مسيرة إلى الإمارات مقابل تعاونها ضد إيران، ووافق نتنياهو على العملية، ولكنها لم تتم نتيجة مخاوف من تسريب التكونولوجيا الأمريكية الإسرائيلية المتطورة، بالإضافة إلى حروب النفوذ الداخلية في إسرائيل“.
وقال الكاتب: إن قيام إسرائيل باغتيال محمود المبحوح، قيادي حركة المقاومة الإسلامية حماس، المتهم بتهريب أسلحة من إيران إلى غزة، خلال وجوده في أحد فنادق دبي العام 2010، أدى إلى تدهور العلاقات بين الطرفين، واستغرق الأمر عامين من الاتصالات السرية بين إسرائيل والإمارات، برعاية الولايات المتحدة، من أجل الوصول إلى تفاهمات حول قواعد اللعبة.
وتابع قائلا: ”وفي العام 2011 أصبحت العلاقة أكثر قربا في أعقاب الربيع العربي والاضطرابات التي انتشرت في المنطقة، وبعد أن تعزز دور الإخوان المسلمين، وبعد ازدياد القلق من البرنامج النووي الإيراني عقب التوصل إلى الاتفاق النووي مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في العام 2015.وأشار الكاتب، إلى أن ”إسرائيل حققت انتصارا دبلوماسيا كبيرا في العام نفسه، عندما وافق الإماراتيون على التمثيل الإسرائيلي في الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، IRENA التي تم تأسيسها في أبوظبي العام 2009، حيث كان المندوب الإسرائيلي بمثابة نافذة صغيرة على التطورات في الخليج“.
واستكمل كاتب قائلا: إنه ”منذ تعيينه سفيرا لدولة الإمارات في واشنطن العام 2008، فقد لعب يوسف العتيبة دورا مهما في تعزيز العلاقات مع الجالية اليهودية الأمريكية وإسرائيل، وفي يونيو 2020 كتب مقالا بارزا. بعنوان (الضم أو التطبيع) حذّر فيه من العواقب المحتملة لضم أراضي الضفة الغربية، وكان مقاله (العتيبة) بمثابة نقطة الانطلاق للمفاوضات السرية التي توّجت بالاتفاق بين البلدين“.وقال: ”كان الاتفاق بمثابة نموذج بارز للانتصار الدبلوماسي بالنسبة للطرفين، وبالنسبة لإسرائيل فإنه اتفاق مع ثالث دولة عربية بعد مصر والأردن، بمقابل ضئيل نسبيا، التخلي عن خطة الضم، والتنازل الذي يزعم نتنياهو أنه مؤقت، ويبدو على أي حال أنه بمثابة اعتراف بأن الخطة الطموحة لم يعد لها وجود، ويأمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من جانبه أن يستغل هذا الاتفاق في تعزيز حملته الانتخابية، في الوقت الذي يصور فيه الإماراتيون هذا الاتفاق بأنه أنقذ الفلسطينيين من تهديد الضم، رغم أن الفلسطينيين وآخرين ليسوا مقتنعين بهذا التسويق“.وذكر الكاتب أن ”الاتفاق مع إسرائيل يعطي دولة الإمارات فرصة أن تكون لاعبا محوريا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومن الآن فصاعدا، فإن أي إجراء إسرائيلي قد يضر الفلسطينيين، مثل ضم أراضي الضفة الغربية على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي إلى إلغاء اتفاقية السلام، وإلى حد ما، فإن إسرائيل ستكون (رهينة) في سياستها الخاصة بالشؤون العربية“.
ووفقا لكاتب المقال: ”هناك شائعات حول وجود دول عربية أخرى تنتظر السير على درب الإمارات، على سبيل المثال البحرين، التي ارتبطت بعلاقات سرية مع إسرائيل خلال العقدين الأخيرين، وعُمان التي تتعامل سرا مع إسرائيل منذ السبعينيات، والتي زارها نتنياهو في أكتوبر 2018، إلا أن سلطان عمان الذي حكمها على مدار 50 عاما، السلطان قابوس، توفي وربما لا يبدو خليفته جريئا مثله“.
وتابع الكاتب: ”يرى مراقبو الصراع العربي الإسرائيلي أن السقف الزجاجي للعلاقات بين إسرائيل والعالم العربي لا يمكن تحطيمه دون الوصول إلى حل للمشكلة الفلسطينية، أو على الأقل تحقيق تقدّم نحو الوصول إلى هذا الحل، والاتفاق مع الإمارات، ودول أخرى محتملة، يقوض هذا المفهوم بشكل كامل، ومن المبكر جدا الوصول إلى استنتاجات، ولكن هناك العديد من الأفكار التي تدور في الأذهان“.
واستطرد الكاتب: “ أولها أن الخطوة الإماراتية لم تكن دون مقايضة، حيث تم إجبار نتنياهو على التراجع عن تعهد كان يمثل ركيزة أساسية لمنهجه، ورغم أن هذا التنازل نبع من الاعتراف بأن خطة الضم ليست عملية، ولا تقدّم أي حلول للصراع، فإنها تحمل نفس القدر من الأهمية مقارنة بخطة فك الارتباط مع غزة، والانسحاب من المستوطنات الإسرائيلية هناك، في عهد رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون، وإذا لم يكن نتنياهو قادرا على ضم الضفة الغربية، فإنه لا يوجد زعيم سواء من اليمين أو اليسار يستطيع أن يفعل ذلك، والأمر الثاني أن الخطوة التي اتخذتها دولة الإمارات تمثل صدعا في السقف الزجاجي، ولكنها لم تؤد إلى تحطيمه“.
أما الخطوة الواضحة والحاسمة التي ستؤدي إلى تحطيم هذا السقف، بحسب الكاتب، ستتمثل في قيام السعودية، القوة الخليجية والعربية البارزة، من حيث النفوذ في العالمين العربي والإسلامي، بالموافقة على تطبيع العلاقات دون وجود أي تقدم على الجبهة الفلسطينية، دون شك، فإن السعوديين يدعمون القرار الإماراتي، واعترفوا رسميا بحدود إسرائيل لعام 1967، ولكن من غير المتوقع أن يتخلّوا عن بطاقتهم الرابحة دون الحصول على تنازل إسرائيلي مهم.
وقال الكاتب إن السقف الزجاجي لا يزال قائما مع العالم العربي، طالما استمر قلق الرأي العام العربي، والمعارضة الشعبية العربية لإسرائيل لا تزال قائمة، وبحالة جيدة، نتيجة للعديد من العوامل، ومن بينها الفشل في حل الأزمة الفلسطينية، وبالتالي فإنه يتعين على إسرائيل إذا أرادت أن تحصل على اعتراف كامل بوصفها لاعبا إقليميا أن تتعامل مع جذور الصراع.
ورأى كاتب المقال، أن ”إسرائيل ستكون مخطئة إذا سعت للاتفاق مع دول عربية، وفي الوقت نفسه تلجأ إلى التحايل على الفلسطينيين، ومحاولات عزل وإضعاف الفلسطينيين يمكن أن تنتهي إلى دفع الفلسطينيين نحو اللجوء إلى خيار العنف كملاذ أخير، ووقتها ستزعم إسرائيل أنهم عادوا إلى العنف مرة أخرى، متجاهلة دورها في هذا التدهور“.
وختم مقاله بقوله: ”الاتفاق مع الإماراتيين، وهو مهم ولا شك في ذلك، يجب أن ترافقه مبادرة إسرائيلية لحل القضية الفلسطينية، وسيكون من اللطيف زيارة دبي، ولكن رام الله هي الأهم“.