بدأ العالم بقطف أولى ثمار الاتفاق الذي وقعته أوكرانيا وروسيا، حيث عادت أسعار القمح إلى مستوى ما قبل الحرب، بعدما عم قلق دولي من حدوث مجاعة قد تخرج عن السيطرة، فيما أعلنت كييف أنها بدأت استعداداتها لاستئناف صادرات الحبوب في غضون 10 أيام.
وأشاد الاتحاد الأفريقي، أمس، بالاتفاق الموقع بين روسيا وأوكرانيا، باعتباره «تطوراً مرحباً به»، بالنسبة للقارة التي تواجه خطر المجاعة المتزايد.
وذكر الاتحاد الأفريقي في بيان، أن هذا الاتفاق، جاء «رداً» على الزيارة التي قام بها رئيس الاتحاد الرئيس السنغالي، ماكي سال، ورئيس مفوضية الاتحاد، موسى فقي، يونيو الماضي، إلى موسكو، حيث شددا خلال لقائهما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على «ضرورة عودة تصدير الحبوب من أوكرانيا وروسيا إلى الأسواق العالمية».
وأضاف البيان «يجدد الاتحاد الأفريقي، دعوته إلى اتفاق فوري لوقف إطلاق النار، والبدء بمفاوضات سياسية جديدة، برعاية الأمم المتحدة، من أجل السلام والاستقرار العالميين».
كذلك هنأ ماكي سال في تغريدة، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي استضاف المحادثات، والرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على هذا الاتفاق. وأكد «كان هذا هدف المهمة التي قدتها في سوتشي في 3 يونيو الماضي».
ويسمح الاتفاق بتصدير ما بين 20 و25 مليون طن من الحبوب العالقة في أوكرانيا. وأعلنت الأمم المتحدة، أنها تخشى «إعصار مجاعات»، خصوصاً في الدول الأفريقية التي تستورد أكثر من نصف قمحها من أوكرانيا أو روسيا.
وتراجعت أسعار القمح، أول من أمس، إثر اتفاق لاستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، حيث تراجعت أسعار القمح العالمية بـ 6 في المئة، بعد الإعلان عن الاتفاق أدى إلى انخفاض أسعار الحبوب الأساسية إلى مستويات غير مسبوقة، منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، في الـ 24 من فبراير الماضي.
يشار إلى أن مدة سريان الاتفاق 120 يوماً، وتتوقع الأمم المتحدة تجديده، إلا إذا انتهت الحرب بحلول ذلك التاريخ. وسيبدأ العمل فوراً لتشكيل فرق التفتيش وتعيين العاملين في مركز التنسيق المشترك (جيه.سي.سي) في إسطنبول والذي سيشرف عليه أعضاء من كل الأطراف الأربعة الموقعة على الاتفاق.
وتطلب الموانئ الأوكرانية نحو عشرة أيام للاستعداد، ولذلك ستمضي أسابيع قلائل قبل أن تتحرك السفن دخولاً وخروجاً. وقال مسؤول «نتوق إلى معدل تنفيذ سريع للغاية». ويضمن الاتفاق مروراً آمناً من وإلى أوديسا وميناءين أوكرانيين آخرين فيما سماه المسؤول «وقف إطلاق نار بحكم الأمر الواقع» ينطبق على السفن والمنشآت التي يشملها الاتفاق.
حسن نية
وقالت الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، ريبيكا جرينسبان، إن صفقة الحبوب تعتمد على حسن نية جميع الأطراف في سير تنفيذها. وأضافت: «هذا عمل يعتمد على الثقة، لا توجد ضمانات، لا توجد سوى جهود حسن النية، والتزام جميع الأطراف بالمحافظة على استمرار هذا العمل المخطط».
وتابعت قائلة: «نرى ما يكفي من الدلائل، على أن هذا هو ما يريده الجميع. إذا نظرت إلى بيان مجموعة السبع، في تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، فإنهم يقولون ذلك بشكل مباشر، إنهم يدعمون جهود الأمين العام للأمم المتحدة بشأن الغذاء، ويجب أن تكون الأسمدة خارج العقوبات على وجه التحديد، لأن لا أحد يريد أزمة أمن غذائي في العالم».
من ناحية أخرى، لفتت جرينسبان، إلى أن تكاليف المعاملات الخاصة بتصدير الأغذية والأسمدة الروسية، ستنخفض بفضل الاتفاقية الخاصة بالحبوب: «نظراً لوجود مشكلات في التسليم، وقضايا التأمين، وقضايا الدفع، وقضايا الشحن، وكل هذا يتسبب في ارتفاع الأسعار في العالم. لذا، فإن الشيء الرئيس الذي أتوقعه، هو أن هذه العقبات ستخفف وتقل تكلفة المعاملات».
وأشارت جرينسبان، إلى أن الأونكتاد يقدر أن نصف الزيادة في أسعار الحبوب، ترجع إلى النقل والخدمات اللوجستية: «لذلك، من الواضح أننا إذا عززنا التجارة، فإن التدفقات التجارية ستتحسن، والأسعار ستنخفض». وأضافت أنه بعد التوقيع على صفقة الحبوب، ستشكل الأمم المتحدة مجموعة عمل، ستواصل هذه الجهود على وجه التحديد.
كما أكدت ضرورة التواصل مع الشركاء في أوروبا والولايات المتحدة والشركاء الروس، من أجل فهم المشاكل والعقبات التي يواجهونها، في ما يتعلق بالأغذية والأسمدة.
جهود متواصلة
في الأثناء، أعلن وزير البنية التحتية الأوكراني، أولكسندر كوبراكوف، أن بلاده تواصل استعدادها لاستئناف صادرات الحبوب من موانئها المطلة على البحر الأسود، رغم الضربة الصاروخية الروسية التي أصابت ميناء أوديسا، أمس، وفق قوله. غير أن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن روسيا نفت لأنقرة أي تورط لها في الضربات على الميناء الأوكراني.
وأوضح أكار غداة توقيع كييف وموسكو في اسطنبول اتفاقا بشأن استئناف صادرات الحبوب الأوكرانية «قال لنا الروس إن لا علاقة لهم على الإطلاق بهذا الهجوم، وإنهم يبحثون هذه المسألة من كثب». واتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا بالمسؤولية عن الهجوم الصاروخي الذي وقع على ميناء أوديسا .قائلاً إن «روسيا دائما ما تجد طريقا لعدم تنفيذ ما تعد به».
وفي مقطع فيديو تم نشره على حساب الرئيس الأوكراني في قناة تليغرام وظهر فيه لقاء مع نواب في الكونغرس الأمريكي، قال إن روسيا لديها إمكانيات مختلفة للتحرك، وكرر أثناء اللقاء مطالبته بتزويد بلاده بأسلحة ثقيلة من أجل وقف الهجمات الروسية فيما ذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون الأوكرانية نقلا عن الجيش الأوكراني أن الصاروخين الروسيين اللذين أصابا ميناء أوديسا لم يتسببا في أضرار كبيرة.
ونقلت عن المتحدثة باسم القيادة العسكرية الجنوبية ناتاليا هومنيوك قولها إن محطة ضخ تعرضت للقصف وتسبب الغارة في نشوب حريق دمر منازل حول الميناء. وأضافت أن منطقة تخزين الحبوب لم تتعرض لأذى. ولم يتم تسجيل مزيد من الخسائر.
وكان الجيش الأوكراني قال إن صواريخ روسية أصابت ميناء أوديسا بجنوبي البلاد «ما يهدد بانهيار اتفاق مهم جرى توقيعه في اليوم السابق فقط، لرفع الحصار عن صادرات الحبوب من موانئ البحر الأسود، وتخفيف أزمة نقص الغذاء العالمية الناجمة عن الحرب».
وكتب كوبراكوف على فيسبوك «نواصل الاستعدادات الفنية لانطلاق صادرات المنتجات الزراعية من موانئنا». وأعلنت أوكرانيا أمس، أن صواريخ روسية أصابت أوديسا، الميناء الرئيس على البحر الأسود، غداة توقيع موسكو وكييف اتفاقاً لاستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية التي توقفت بسبب الحرب.
وقال ممثل منطقة أوديسا، سيرجي براتشوك، في بيان على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «روسيا هاجمت ميناء أوديسا البحري بصواريخ كروز من طراز كاليبر». وأضاف «أسقطت الدفاعات الجوية صاروخين، وأصاب صاروخان البنية التحتية للميناء».
وأدان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، ووزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الهجمات الصاروخية على ميناء أوديسا، الذي يعدّ أساسياً لتنفيذ الاتفاق الروسي الأوكراني حول استئناف تصدير الحبوب.
وقال بيان صادر عن الأمم المتحدة: «إن الأمين العام أنطونيو غوتيريس، يدين بشكل لا لبس فيه، الضربات التي أفيد عنها على ميناء أوديسا الأوكراني». كما قال بوريل، في تغريدة على تويتر: «ضرب هدف مهم لتصدير الحبوب بعد يوم واحد من توقيع اتفاق إسطنبول، أمر مستهجن».
وقالت السفيرة الأمريكية في أوكرانيا، بريدجت برينك «إنه يجب محاسبة روسيا على هجومها على ميناء أوديسا، بعد مرور أقل من 24 ساعة على توقيع اتفاق الحبوب في تركيا». وأضافت عبر حسابها في «تويتر»، إن «موسكو ما زالت تعمل على عسكرة أزمة الغذاء».
ضربات دقيقة
أما وزارة الدفاع الروسية، فأعلنت، أمس، مقتل العشرات من القوات الأوكرانية بضربات دقيقة، وتدمير مراكز قيادة ومخازن أسلحة وذخائر، خلال 24 ساعة.
وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، في الإفادة الصحافية اليومية، إن القوات الروسية تمكنت من تدمير 3 منصات أوكرانية لإطلاق الصواريخ، و24 وحدة من مدافع الهاوتزر، و15 وحدة من قاذفات صواريخ «غفوزديكا» في دونيستك.
بالإضافة إلى ذلك، وكجزء من الحرب المضادة للبطاريات الأوكرانية، تم تدمير ثلاث وحدات من أنظمة إطلاق صواريخ «غراد» المتعددة في مناطق أداموفكا، وسلافيانسك وسفيرسك، و10 قطع مدفعية، و24 وحدة مدفعية من مدافع «هاوتزر». كذلك دمرت أنظمة الدفاع الجوي الروسية، 11 طائرة بدون طيار أوكرانية، في منطقتي خيرسون وخاركوف ودونيتسك.