أزمة السدود الإثيوبية ليست وليدة اللحظة الآنية، حيث أن لها الكثير من الجذور البعيدة، ونية إثيوبيا في بناء سد النهضة ليس وليد الوقت الحاضر بل تعود أصولها لعهد الرئيس جمال عبد الناصر الذي تعامل مع الأزمة بشكل حازم وقوي مما أجبر إمبراطور إثيوبيا آنذاك الرضوخ لكلمات الرئيس المصري، كما كانت شعبية ناصر منتشرة بشكل كبيرة في أفريقيا وذلك لأن مصر ساعدت جميع حركات التحرر ضد الاستعمار في أفريقيا.
خطاب تهديدي
وعندما علم عبد الناصر بنية إثيوبيا في بناء سدها على النيل الأزرق أرسل خطابًا للإمبراطور الأثيوبي، وكان ذلك في الأول من نوفمبر عام 1953 وجاء نص الخطاب على النحول التالي: «من ناصر إلى هيلاسلاسى: القيادة العامة المصرية تحية عطرة.. النيل يعنى مصر وباسم مصر ورئيسها وجيشها العظيم نطالبكم بوقف أعمال بناء «سد تيس أباى» فورا وقد نمى إلى علمنا أنكم تشيدونه على نهر النيل دون إخطارنا، وأن ارتفاعه يبلغ 112.5 متر لتوليد طاقة كهربائية قدرتها 100 ميجا “.لم يتردد الإمبراطور الإثيوبي آنذاك في الإصغاء لكلمات عبد الناصر كما أنه أنصت للرئيس الأمريكي أيزنهاور حيث نصح سيلاسى بألا يستهين بتهديدات عبدالناصر، فتراجع إمبراطور إثيوبيا ورضخ لرغبة مصر.
الفلاح المصري
لم يهمل الرئيس المصري الفلاح ووضع في أولوية التعديلات بعد ثورة يوليو 1952 وتبدلت أحوال الفلاحين بشكل كبير وتحولوا من أجراء إلى ملاك أراضي زراعية، وكان ذلك بإصدر قانون الإصلاح الزراعي المصري، 9 سبتمبر 1952، في عهد الرئيس محمد نجيب، وطبقه جمال عبدالناصر آنذاك.
كما كان الهدف الأساسي من صدور القانون في هذا التوقيت هو إعادة توزيع ملكية الأراضي الزراعية بشكل عادل بين الجميع، بحد أقصى 200 فدان للفرد، وجاء عيد الفلاح المصري في اليوم الذي صدر فيه قانون الإصلاح الزراعي بعد ثورة 23 يوليو عام 1952 والذي كان يهدف إلى تحقيق العدالة وإنصاف الفلاحين، وتفعيلا لمبدأ القضاء على الإقطاع الذي استشرى بشكل كبير في مختلف المحافظات المصرية.
عقود الملكية
كما قام الرئيس جمال عبد الناصر بتوزيع جميع عقود الملكية للأراضي الزراعية تلك التي استقطعت من الإقطاع على الفلاحين الصغار بمعدل 5 أفدنة لكل فلاح.. هذا وقص نص القانون على تحديد الملكية الزراعية للأفراد بمختلف فئاتهم، وأخذ الأرض من كبار الملاك، وتوزيعها على صغار الفلاحين المعدمين، وصدرت تعديلات متتالية حددت ملكية الفرد والأسرة، متدرجة من 200 فدان إلى خمسين فدانًا للملاك القدامى الذين كانوا يستحوزون على الأراضي الزراعية..
كما عمل القانون على القضاء على وجود الاحتلال الإنجليزي، وذلك ما أسمته الثورة بالإقطاع، أي كبار ملاك الأراضي الزراعية، الذين كانوا يحتكرون الأرض والحياة السياسية في البلاد، وما كان يعني ذلك من خلل اجتماعي رهيب، بدأت آثاره تظهر في شكل مصادمات بين الفلاحين وكبار الملاك والسلطات المحلية في بعض القرى التي كانت تشهد التواجد الانجليزي بشكل كبير.
ومن ناحية أخرى شهد القطاع الزراعي مؤخرا تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تطورا كبيرا، وذلك في إطار اهتمام الدولة بهذا القطاع الهام الذي يؤمن غذاء المصريين لكي يدعم الاقتصاد القومي المصري، وكذلك تحرص الدولة على تحسين القطاع الزراعي وأحوال الفلاح المصري الذي يقوم بدور حيوي في عملية التنمية، وذلك من خلال المشروعات الزراعية القومية التي أعطي الرئيس السيسي أهمية خاصة منذ توليه حكم البلاد المصرية.