الأزهر: بيع بلازما المتعافين من كورونا لا يجوز شرعًا
الأزهر: بيع بلازما المتعافين من كورونا لا يجوز شرعًا
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن بيع المتعافي من كورونا بلازما دَمِه حرامٌ شرعًا؛ وسلوك لا ينبغي أنْ يتعامل به مريضُ الأمس مع مريضِ اليوم.
وأضاف أن العافية هي خير النّعم على الإطلاق بعد الإيمان بالله سُبحانه؛ فعن رفاعة بن رافع قال: قام أبوبكر الصدِّيق على المنبر ثمَّ بكى فقال: قام فينا رسولُ الله ﷺ عامَ الأوَّل على المنبر ثمَّ بكى فقال: «سَلوا اللهَ العَفْوَ والعَافِيَةَ، فإنَّ أحدًا لمْ يُعْطَ بعدَ اليَقِينِ خيرًا مِنَ العَافِيَةِ» [أخرجه الترمذي].
وتابع أن العافية بعد البلاء، والشّفاء من عُضال الدّاء لنعمة فوق نعمة، ومن شكر نعمة العافية بعد الإصابة بفيروس كورونا أن يتبرع المُتعافي ببلازما دمه لمصابٍ؛ كي يخفف ألمه، ويمسح دمعه؛ حِسبةً لله سُبحانه، وحمدًا له، وعملًا بقول سيدنا رسول الله ﷺ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» [أخرجه مسلم].
أمَّا أنْ يبيع المُتعافي بلازما دمهِ مُستغلًا الجائحة فلا يجوز شرعًا؛ إذ إن جسد الإنسان بما حواه من لحمٍ ودَمٍ ملك للخالق سُبحانه لا ملك للعبد، ولا يحق لأحد أن يبيع ما لا يملك.
وأكمل أنَّ ثمن الدَّم حرام لا يجوز؛ لأن الشيء إذا حُرّم أكله حُرّم بيعه وثمنه، قال سُبحانه: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} [المائدة: 3].
وقال ﷺ: «وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ» [أخرجه أحمد].
وقد نَهي سيدنا رسول الله ﷺ عن ثمن الدَّم صراحةً فيما يرويه عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، قال: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ..» [أخرجه البخاري].
وقال الإمام ابن حجر، رحمه الله: (والمراد تحريم بيع الدم كما حرم بيع الميتة والخنزير وهو حرام إجماعًا؛ أعني بيع الدم وأخذ ثمنه) [فتح الباري لابن حجر (4 427)].
وشدد الأزهر على أنه: لا يجوز قِياس بيع بلازما المُتعافين على بنوك الدّم؛ لأن وجود بنوك الدّم ضروري للتداوي والعلاج، أما بيع المتعافي بلازما دمه فاتجار محرَّم مُتَّفَق على تحريمه.
وأكد أشدُّ منه حُرمةً أن يُتاجِر المُتعافي بآلام الناس فيبالغ في ثمن دمه، ويعقد عليه مزادًا سريًّا أو علنيًّا، وأن يستغل حاجة الناس ومرضهم وفاقتهم؛ فهذه والله لأخس أنواع التجارة وأذمها؛ لمنافاتها الدين والمروءة ولين القلب وكرم النفس وشكر النعمة؛ وهي صفات لا تليق بصحيح، فضلًا عن أنْ يتعامل بها مريضُ الأمس مع مريضِ اليوم؛ قال الحقُّ سُبحانه في مُحكم تنزيله: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 6].