إيلي كوهين، اسم لمع في عالم الجاسوسية الإسرائيلية مطلع الستينات القرن الماضي، فَمن هو إيلي كوهين؟ وما هو موطنه؟ وأين ولد؟ وهل هو حقاً أخطر جاسوس إسرائيلي؟ وهل يستحق التضخيم الإعلامي أم أنه جاسوس عادي وفاشل كما يزعم السوريون؟ وكيف تم القبض عليه؟ وما حقيقة الرواية التي تقول بأن المخابرات المصرية هي مَن كشفته وأخبرت السلطات السورية عنه؟ كل هذا وأكثر نرصده في هذا التقرير المبسط عن الجاسوس الإسرائيلي ايلي كوهين .
فضيحة لافون .
ولد كوهين بالإسكندرية عام 1924 لعائلة يهودية مهاجرة، وبعد هجرة أسرته إلى إسرائيل بقي إيلي في الإسكندرية، وفي شبابه انضم لتنضيم صهيوني في مصر، كانت مهمته القيام بعمليات تخريبية، فيما عُرف بفضيحة لافون، لكن المخابرات المصرية تمكنت من ذلك التنظيم وأوقعت به وقبضت على كل أفراده .
أقنع كوهين المحققين بعدم تورطه في أي تهمة فأفرجوا عنه وسافر لفلسطين عام 1955، فقرر رؤساؤه بالموساد تجنيده في سوريا، فزوروا له هوية عربية جديدة، ثم أرسلوه إلى الأرجنتين باسم كامل أمين ثابت، كإبن لمهاجر سوري راحل، كما تعلم القرآن الكريم وممارسة الشعائر الإسلامية .
كوهين في الأرجنتين .
اتقن كوهين اللهجة السورية بسرعة، كما تعلم لغة الأرجنتين الإسبانية حتى أتقنها، ثم سافر لبيونس أيرس وفتح شركة تجارية، قدم نفسه من خلالها كرجل أعمال سوري الأصل، واكتسب مكانة اجتماعية رفيعة هناك .
ساعد كوهين الجالية العربية بحماس، كما عقد صداقات مع الدبلوماسيين السوريين، وكان يغدق الهدايا على الموظفين ويقيم الولائم الفاخرة للمسؤولين بالسفارة، فكان الجميع يُشيد بوطنيته وانتمائه لسوريا ودعوه للعودة إلى الوطن، وهو ما تحقق بالفعل، حيث أعلن كوهين تصفية جميع أعماله بالأرجنتين وقرر العودة لسوريا مُدعيا الحنين إلى وطنه .
في دمشق .
حزم كوهين أمتعته وتوجه إلى دمشق، حيث افتتح بها شركة للنقليات عام 1962، وبعد ذلك بعام سيطر حزب البعث السوري علي الحكم بالبلاد، وكان كوهين في ذلك الوقت ينشط بنسج علاقات داخل المجتمع السوري، واستطاع كوهين من خلال الحفلات والمأدب والهدايا الوصول لقيادات متقدمة بالبلاد، وتمكن من إرسال رسائله اللا سلكية للموساد، يخبرهم فيها عن تفاصيل الجيش السوري .
وكان الضباط السوريون ضيوفه الدائمين فكان يحصل منهم على أدق الأسرار، وامتلك كوهين شقة خاصة بأحد أحياء دمشق الراقية، كان يهديها لأي ضابط يريدها ليقضي بها وقتاً مع عشيقته، واستمر الرجل ينسج العلاقات والصداقات ويجمع المعلومات، إلى أن وصل الجاسوس الإسرائيلي لأعلى المراتب في سوريا، فكان قاب قوسين أو أدنى من أن يكون نائب وزير الدفاع السوري، كما سرت أقاويل عن عرض منصب وزير الدفاع عليه لكنه رفض، فقد كان يحصل على أدق الأسرار العسكرية دون الظهور الرسمي، وكان كوهين يلتقط الصور للجبهة السورية والتحصينات والأسلحة ويرسلها للموساد .
سقوط كوهين بالصدفة .
وفي عام 1965 تم الإيقاع به بمحض الصدفة، وهناك ثلاث روايات لحقيقة سقوطه، الرواية السورية تقول أن دورية للأمن السوري التقطت إشارات اللاسلكي صدفة، بينما تقول الرواية المصرية أن رفعت الجمال المعرف جماهيرياً برأفت الهجان تعرف عليه بالصدفة في إحدى الصور، على حين تقول الرواية الهولندية أن السفارة الهولندية كانت بنفس المنطقة، واشتكت من وجود إشارات لا سلكية تقطع عليها الإرسال، وهو ما أوقع كوهين.
تم إعدام كوهين وتعليق جثته وسط دمشق، في الثان عشر من مايو عام 1965، وظلت جثته محتجزة لدى السوريين، لينقل الإعلام الإسرائيلي فيما بعد أن هناك صفقة جرت مع دمشق، وأن رفات الجاسوس ستعود قريباً إلى تل أبيب .
وتعتبر إسرائيل إيلي كوهين إحدى معجزاتها وأصدرت طابعاً بريدياً تذكاريا يحمل اسمه وصورته .