تبرز زيارة وزير الخارجية الإيطالي لويجي دى مايو إلى ليبيا تطلع بلاده إلى لعب دور أكبر في قارة إفريقيا، بغية تحقيق أهداف سياسية واقتصادية على السواء.
وكان لويجي دى مايو وصل إلى طرابلس، الأحد، حيث التقى رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، ووزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش.
وهذه هي الزيارة الأولى لوزير خارجية في الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا، بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية هناك.
وأضاف وأكد دي مايو أن إيطاليا تدعم ليبيا في كل المجالات، وعزمها المساهمة في توحيد المؤسسات السيادية، فضلا عن زيادة تمثيلها الدبلوماسي في ليبيا.
وبحث اللقاء الذى جمع الجانبين سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وإعادة تفعيل اتفاقية الصداقة الليبية الإيطالية، ومدى إمكانية البدء في الطريق الساحلي رأس أجدير إمساعد.
دور أكبر في إفريقيا
وتتزامن زيارة الوزير الإيطالي إلى ليبيا مع تطلع بلاده لتكون أحد الفاعلين الكبار على الساحة الإفريقية في مجال الطاقة، كونها أصبحت خلال السنوات القليلة الماضية، أحد أكبر مستثمري القارة السمراء.
ويرى مراقبون أن حضور روما في إفريقيا، له أهداف رئيسية تتعلق بدورها في مكافحة الاتجار بالبشر، ومنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين، ومكافحة الإرهاب.
واعتبرت مجلة “فورميكي” الإيطالية، أن زيارة الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والشؤون الأمنية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، لروما تؤكد محاولة إيطاليا إعادة إطلاق دور الاتحاد في ليبيا وفي أنحاء إفريقيا، وذلك عبر مهمة المراقبة الجوية لوقف إطلاق النار ووصول المروحيات الإيطالية إلى مالي.
وقالت المجلة إن رسالة برلين وبروكسل وروما مؤخرا، كانت بمثابة جسرا لإعادة إيطاليا إلى إفريقيا، مع تموضعها من جديد في البحر المتوسط الموسع.
وقال القائد السابق لقيادة عمليات القوة المتعددة الجنسيات، الجنرال الإيطالي ماركو بيرتوليني، إنه بالنسبة لإيطاليا ينبغي إشراك أوروبا في ليبيا وجعلها تتلاقى مع مصالحها، حيث عانت روما في السنوات الأخيرة من الانقسام الأوروبي في هذا الملف.
وزير الدفاع الإيطالي لورينزو غويريني، بدوره اعتبر أن التزام بلاده تجاه ليبيا يمثل جانبا من مشاركة أوسع في إفريقيا، خصوصا في منطقة الساحل، حيث طلبت فرنسا بدعم قبل ذلك في القتال ضد المتطرفين.
وقال إن بلاده موجودة في النيجر منذ عام 2018 و تقوم ببناء “قاعدة لوجستية للتعاون”.
عوامل اقتصادية
عاملان رئيسيان قد يفسران التوجه الإيطالي الجديد؛ أولهما: أن السوق الإفريقية تمثل فرصة سانحة أمام صادرات واستثمارات الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكِّل دعامة أساسية للاقتصاد الإيطالي؛ إذ يعمل بها قرابة 81 بالمئة من القوة العاملة، وتسهم بحوالي 68.1 بالمئة من القيمة المضافة لاقتصاد الدولة.
وتشير التقديرات إلى نسبة الشركات الإيطالية الصغيرة والمتوسطة، تمثل 97 بالمئة من إجمالي الشركات الإيطالية العاملة في القارة الأفريقية.
وثانيهما أن إيطاليا تحاول أيضا احتواء معدلات الهجرة غير النظامية المتفاقمة عن طريق زيادة الاستثمارات وطرح فرص عمل للشباب الإفريقي في الدول المصدرة للمهاجرين غير النظاميين.
حضور قوي
نشر موقع The Africa Report تقريرا بعنوان “إيطاليا تنضم إلى اللاعبين الكبار على الساحة الإفريقية”، ورصد تنامي معدلات الاستثمارات الإيطالية في إفريقيا في عدة قطاعات، لاسيما الطاقة، ما ساهم في تقوية النفوذ الإيطالي بالقارة.
ووفقاً لإحصائيات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD)، ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة القادمة من إيطاليا نحو القارة السمراء، لتصل إلى 28 مليار دولار في عام 2018، مما جعل إيطاليا سادس أكبر مستثمر في القارة.
مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، يقول إن هناك توجه عالمي ظهر جليا خلال قمة العشرين نحو زيادة الاستثمار في القارة الإفريقية، وزيادة الاستثمارات الإيطالية في القارة ينظر إليه نظرة إيجابية.
وأضاف بيومي. أن هناك وجودا إيطاليا في البحر المتوسط من خلال مشاركتها في العملية إيريني لمراقبة حظر تهريب السلاح إلى ليببا وهو دور إيجابي أيضا، كما أن لإيطالي دور في تسوية الأمور في الأزمة الليبية.
ويرى أستاذ العلوم السياسية طارق فهمي، أن إيطاليا لديها حضور في القارة الإفريقية ولا سيما في الملف وقد استضافة اجتماع باليرمو لمحاولة إيجاد حل للأزمة الليبية بجمع الفرقاء الليبيين على طاولة الحوار، كمان أن هناك تاريخي لإيطاليا في المنطقة.
وأضاف فهمي. أن إيطاليا تعمل على إعادة تموضع وأن لديها عدة مسارات تعمل من خلالها لزيادة نفوذها في القارة من خلال البوابة الليبية إلى النيجر ومنها لباقي دول الساحل والصحراء، معتمدة على تحركات سياسية تحت عباءة الاتحاد الأوروبي، ولا تميل إلى اتخاذ مواقف منفردة.
وأشار أستاذ العلوم السياسية، إلى أن روما تتبع سياسة تجنب الصدام مع قوى فاعلة في المنطقة، مع تنسيق داخلي في الاتحاد الأوروبي في هذا الشأن.
وتابع أن إيطاليا تعمل على العودة لمواقع نفوذها، ومن هنا جاء التوجه نحو إفريقيا انطلاقا من الساحة الليبية.
كما تسعى روما أن تكون طرفا فاعلة في منظومة البحر المتوسط، حتى وإن لم تكن عضوا في منتدى غاز المتوسط، وتحاول حماية استثماراتها في المنطقة والمشاركة في عملية إعادة إعمار ليبيا، وفق أستاذ العلوم السياسية.