
بعد مرور ستة عقود على إعدامه في ساحة المرجة بالعاصمة السورية دمشق، أعادت إسرائيل فتح ملف الجاسوس الشهير إيلي كوهين، بعد إعلانها رسميًا استعادة مجموعة نادرة من متعلقاته الشخصية والسرية في عملية استخباراتية وصفتها بـ«المعقدة».وثائق كوهين، التي أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن وصولها، تضم نحو 2500 قطعة، تشمل أوراقًا وصورًا وتسجيلات ومراسلات، من بينها وصيته المكتوبة بخط يده باللغة العربية، وجوازات سفر مزوّرة، ومفتاح شقته التي استخدمها مركزًا لعملياته في دمشق.لكن خلف هذه الوثائق المسترجعة تقبع قصة تجسس تُعد من الأشهر في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، قصة بدأت في الإسكندرية حيث وُلد كوهين عام 1924، قبل أن يفر إلى إسرائيل بعد انكشاف نشاطه ضمن منظمات يهودية سرية في مصر.هناك، أعادت المخابرات الإسرائيلية تشكيل هويته تمامًا، ودربته ليصبح رجل أعمال سوري يدعى «كامل أمين ثابت»، أُرسل لاحقًا إلى الأرجنتين كمقدمة للانخراط في الحياة السورية.
في سوريا، لمع نجم كوهين كواحد من رجال الصف الأول المقربين من كبار المسؤولين والضباط، ما أتاح له الحصول على معلومات عسكرية وسياسية شديدة الحساسية.
لكن تلك المسيرة لم تدم طويلًا، فقد بدأت الشكوك تحوم حول إشارات غامضة تُبث من شقته، ما قاد إلى مراقبته واعتقاله في يناير 1965، بعد عملية تتبّع تقنية دقيقة.
غير أن واحدة من الروايات البارزة التي أعيد طرحها، تشير إلى أن رأفت الهجان – أحد أبرز عملاء المخابرات العامة المصرية داخل إسرائيل – لعب دورًا مفصليًا في فضح كوهين.
فبحسب تلك الرواية؛ تعرف الهجان على صورة لكوهين منشورة في صحيفة إسرائيلية وهو يجالس مسؤولين سوريين، فأبلغ ضابط الاتصال المصري محمد نسيم، مؤكدًا أن هذا الرجل ليس سوريًا، بل إسرائيلي يعمل تحت غطاء مزيف.كانت هذه المعلومة واحدة من الإشارات التي عززت الشكوك حوله وساهمت في تضييق الخناق عليه حتى لحظة سقوطه.
وفي 18 مايو 1965، جرى تنفيذ حكم الإعدام شنقًا في إيلي كوهين بساحة عامة، في مشهد شكل انتصارًا للأجهزة السورية آنذاك، وربما بتنسيق غير معلن مع الاستخبارات المصرية التي كانت حاضرة في خلفية المشهد.