أخبار العالم

ماذا يحدث قرب سد النهضه قبل عملية الملء الثاني ؟

ماذا يحدث قرب سد النهضه قبل عملية الملء الثاني ؟

حازت المعارك الجارية منذ نوفمبر الماضي في إقليم تيجراي الإثيوبي، على معظم الاهتمام الإعلامي الإقليمي والدولي، رغم أن هذه المعارك باتت الآن جزءا من مشهد عسكري وأمني أكبر وأكثر ضراوة، يضرب المناطق الشمالية والغربية في إثيوبيا. التركيز الأضعف في هذا الصدد كان على المعارك الدائرة منذ فترة في إقليم “بني شنقول” شمالي غرب البلاد، والواقع على الحدود مع السودان.

تنبع أهمية هذا الإقليم من عدة اعتبارات، الأول هو طبيعته الخصبة، والثاني هو قربه من الحدود مع السودان، وكذا تماسه مع إقليمين من أهم أقاليم البلاد، الأول هو إقليم “أمهرة”، والثاني هو إقليم “أوروميا”. الاعتبار الثاني والأهم، أنه يحتضن موقع بناء سد النهضة.

يعرف إقليم بني شنقول في إثيوبيا باسم “قماز”،و مساحته الكلية نحو 50 ألف كيلو متر مربع. وقد كان تاريخياً تابع لولاية النيل الأزرق السودانية، لكن تم ضمه إلى الإمبراطورية الحبشية قبل استقلال السودان.

ترجع أصول بني شنقول إلي المجموعات العربية التي هاجرت إلي أقصي جنوب النيل الأزرق إلي إقليمهم الحالي ثم تزاوجوا من القبائل المحلية.

وفى مطلع مايوالماضي، لوحت الخرطوم بإعادة النظر في سيادة أديس أبابا على إقليم “بني شنقول قمز” المقام عليه سد النهضة، متهمة إثيوبيا بمحاولة التنصل من المعاهدات الدولية بشأن مياه النيل وترسيم الحدود بين البلدين، لا سيما اتفاقية عام 1902، التي ألزمتها بعدم إنشاء أي أعمال على النيل الأزرق كما رسمت الحدود بين البلدين ومنحت إثيوبيا أرض بني شنقول.

وقالت الخارجية السودانية، في بيان وقتها، إن التنصل من الاتفاقات السابقة يعني أيضاً أن تتخلى إثيوبيا عن سيادتها على إقليم بني شنقول الذي انتقل إليها من السودان 1902، بموجب الاتفاقية التي تعدها إثيوبيا “استعمارية”.

يتألف هذا الإقليم من ثلاث مقاطعات، هي “ميتيكيل” في الشمال، و”أسوسا” في الغرب، و”كماشي” في الجنوب. وقد شهد على مدار الحقب الماضية، محاولات للتمرد من جانب القبائل السودانية التي تقطن فيه، والتي يبلغ تعدادها نحو أربعة ملايين نسمة، أكثر من نصفهم مسلمون، وذلك بسبب المحاولات المستمرة من الحكومات الإثيوبية المتعاقبة، من أجل طمس الهوية الأساسية لهذا الإقليم، وإذابة القومية السودانية بداخله، في كِيانات قبلية وآثنية إثيوبية، مثل قبائل قالة، وأورومو، ومكادة، وأمهرة، وتيجراي.هذا الوضع أدى إلى نشوء بعض الكيانات السودانية التي حاولت مقاومة هذه المحاولات من جانب الحكومات الإثيوبية، مثل الحركة الشعبية لتحرير بني شنقول، التي بدأت منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي وحتى عام 2013، في مواجهة القوات الإثيوبية على الأرض داخل هذا الإقليم انطلاقا من الحدود السودانية. وعلى الرغم من أن هذه الجماعة قد استأنفت عام 2014 عملياتها ضد الجيش الإثيوبي، إلا أنها – وبدافع تطور العلاقات السودانية الإثيوبية في ذلك التوقيت – توقفت تدريجياً عن أية عمليات ميدانية بحلول منتصف عام 2020. محاولات إثيوبيا طمس الهوية العربية لهذا الإقليم، وتوطين كيانات قبلية إثيوبية فيه، بدا أنها أدت خلال السنوات الأخيرة إلى نتائج عكسية، وإلى اندلاع أعمال عنف على خلفيات عرقية بين الكيانات الإثيوبية نفسها.

بدأت المعارك في الإقليم في سبتمبر عام 2018، حين بدأت قومية “قميز” في استهداف وطرد الأقليات العرقية المتواجدة داخل مناطق الإقليم، خاصة قومية الأورومو، على خلفية مقتل أربعة موظفين كبار في حكومة الإقليم. عقب ذلك طارد مسلحي القميز أفراد الأورومو وأخرجوهم من كافة مناطق منطقة “كماشي” جنوبي الإقليم، واجبروهم على الإقامة بشكل شبه دائم في إقليمي “تيجراي و” أوروميا”.

تجددت أعمال العنف مرة أخرى في الإقليم بالتزامن مع بدء العمليات العسكرية في إقليم “تيجراي”، حث هاجم أفراد قومية “قميز”بشكل ممنهج منازل تعود للأقليات العرقية في الإقليم، وهي قوميات الأمهرة والشناشا والأورومو، وقاموا بإضرام النار في هذه المنازل وقتلوا نحو 200 مدني خلال هذه الاشتباكات، تركزت في منطقتي “ميتيكيل” و”كماشي” . أعمال العنف هذه أدتالي لجوء أكثر من سبعة آلاف من قاطني هذا الإقليم إلى السودان.

التطورالكبير هو، أن مجموعات محلية مسلحة، يعتقد انها تنتمي لقومية القميز، قامت بالسيطرة بشكل كامل على منطقتي “سيدال” و”ووريدا” اللتان تقعان في مقاطعة كاماشي جنوبي الإقليم، وهما قريبتان بشكل كبير لموقع بناء سد النهضة الإثيوبي.

وخشية ابي احمد من سيطرة المعارك علي سد النهضة وتفجيره سحب ابي احمد جميع قواته و وحداته من إقليم تيجراي، وإنشاء قيادة عسكرية ميدانية في نطاق إقليم “الأمهرة”، لمحاولة التجهيز لبدء عملية عسكرية لاستعادة هذه المناطق، وهو عبء إضافي على القوات الإثيوبية، بالنظر إلى الواقع الميداني الحالي في عموم البلاد.

فالجيش الإثيوبي حالياً يقاتل في مجموعة من الجبهات، ليس فقط في إقليم تيجراي، وعلى خط الحدود مع السودان، بل أيضاً في إقليم أوروميا المتاخم للعاصمة، حيث تخوض القوات الإثيوبية حرب عصابات مع قوات جبهة تحرير أوروميا، خاصة غربي منطقة “ويليجا”، بجانب اندلاع اعمال عنف عرقية في عدة مناطق بإقليم أمهرة، بين عرقيتي الأمهرة والأورومو، وهي اشتباكات شابها مذابح واسعة النطاق للمدنيين، وباتت سمة أساسية للوضع الداخلي في إثيوبيا على مدار السنوات الأخيرة، وتزايدت المذابح التي تستهدف المدنيين في إقليم بني شنقول بنسبة تقترب من ألف بالمائة، وفي إقليم تيجراي كانت النسبةتزيد عن ذلك.

وتدخل قوات ابي احمد معارك وهزائم سواء في تيجراي التي سيطرت عليها قوات تيجراي او المعارك الطاحنة القريبة من سد النهضة وهو ما يرعب ابي احمد ويحاول ان يتهم جهات اجنبية رغم ان ذلك هو حصاد لسياساته، التي كانت تعتمد على ضرب القوميات العرقية ببعضها البعض، وأصبحت المؤسسة العسكرية الإثيوبية أكثر تشتتاً على المستوى الميداني، بعد أن بات قوس عملياتها يمتد من إقليم تيجراي شمالاً، وصولاً للحدود السودانية وإقليم أمهرة وإقليم بني شنقول وإقليم أوروميا غرباً.

وفقد الجيش والحكومة للسيطرة على بعض المناطق في إقليم بني شنقول يعد أمراً غير مسبوق حتى في المرات السابقة التي فرت فيها القوات الأمنية وممثلي الحكومة من بعض مقاطعات هذا الإقليم، وفي حالة استمرار هذا الوضع وتوسعه، ستكون إثيوبيا على موعد مع فصل جديد من فصول الصراع الداخلي، ستلقى بالتأكيد بظلالها على ملف سد النهضة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى