أردوغان يستنجد بأمجاد أسلافه العثمانيين للتهرب من أزمات بلاده الراهنة
أردوغان يستنجد بأمجاد أسلافه العثمانيين للتهرب من أزمات بلاده الراهنة
أن سياسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، باتت اليوم، توحي بأن هناك رغبة جامحة لديه في استعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية من خلال تعاطيه مع الملفات المحلية والإقليمية، بينما تعاني بلاده من أزمات مستعصية.
وقال التقرير إنه ”لعدة سنوات، بدت كلمة السر في إسطنبول وكأنها العثمانية الجديدة، حيث يرى المراقبون والسياسيون الأوروبيون في رغبة الرئيس التركي، حنينا إلى الماضي والاستفادة من مجد بلاده ضرورة لبقائه السياسي“.
وأضاف أن ”هذه الرغبة ترافقها في الواقع حالة ركود اقتصادي كامل، وتراجع في الاستثمار الأجنبي وانخفاض في قيمة العملة وهبوط في رأس المال السوقي وعجز متزايد في الموازنة، بالإضافة إلى معطى آخر سياسي وهو نجاح المعارضة بالانتخابات المحلية في إسطنبول“.
واعتبر التقرير أنه ”إذا كان هناك مجال واحد يبدو أن أردوغان يتفوق فيه ويسمح له بإغواء وتمجيد قاعدته الانتخابية فهو تذكر عظمة الماضي لبلده، التي تم التعبير عنها من خلال ثلاثة محاور، وهي الدين والمغامرة العسكرية الخارجية والاستبداد، معتبرا أن الرئيس التركي ”يريد بأي ثمن أن ينقل حرفيا الماضي العثماني في تركيا الحديثة ولا يتوقف عن العمل عليه بإشارات رمزية“.
وأشار التقرير إلى أنه ”بمناسبة حلول السنة الهجرية الجديدة قام أردوغان بتحويل كنيسة بيزنطة وكنيسة القديسة صوفيا وشورا إلى مسجد واحتفل هو نفسه بالصلاة الجماعية للعام الجديد هناك“.
وأوضح أن ”هذه الإشارة، التي تهدف نظريًا إلى تذكر الفتح الإسلامي لبيزنطة وتفوق هذا الدين على المسيحية، تؤكد أيضا عدم احترام الإمبراطورية العثمانية لهذه الأقليات العرقية والدينية“.
وتحدث التقرير عن أن المعاملة التي وصفها بـ“اللا إنسانية“ التي عانت منها الأقلية الشيعية العلوية، خاصة الأكراد تدل تماما على انتقال أردوغان للسياسة العثمانية.
وأشار إلى أنه ”إلى جانب قمع الأقليات، تعلم أردوغان أيضا درسا من التوسع الإقليمي للعثمانيين، حيث نرى السفن التركية وهي ترتكب أعمال قرصنة، وتعكس الاشتباكات الأخيرة في شرق البحر الأبيض المتوسط مع الأسطول اليوناني والبحرية الفرنسية رغبة تركيا في الهيمنة على مسارح الصراعات السابقة التي تعود إلى عدة قرون“.
واعتبر التقرير أيضا أن ”المغامرة التركية في سوريا وليبيا هي جزء من نفس الروح العثمانية الجديدة التي أثارت الاتحاد الأوروبي في هذه العملية“.
ويبدو أن تركيا ليست لديها موانع في السعي وراء الخلافات مع شركائها اليونانيين والفرنسيين في حلف شمال الأطلسي، ولا أي مخاوف بشأن التدخل في سياسة الاتحاد الأوروبي والتهديد بفتح بوابات الهجرة من أراضيها، في إشارة إلى الوجود العسكري التركي اللافت في ليبيا، ما يجعل الأتراك مسيطرين على مصدر الهجرة جنوب الصحراء.وعلق التقرير: ”بالتأكيد لن يستاء أردوغان من تتويجه سلطانا عثمانيا برغبة جامحة في استبدال إسطنبول مرة أخرى على رأس العالم الإسلامي، وهذه هي الطريقة التي يواصل بها الرئيس التركي تقدير السلطان سليم، السلطان العثماني، الذي من خلال غزو إمبراطورية المماليك في مصر مكّن بلاده من أن تصبح لأول مرة، في عام 1517، دولة الأغلبية المسلمة.
ويعكس انجذاب الرئيس التركي للسلطان سليم أيضا افتتانه بالاستبداد، الذي يواصل إظهاره على الأقل من خلال المعاملة التقييدية لحرية الصحافة واستقلال القضاء، بحسب التقرير.
وخلص التقرير الفرنسي إلى القول إنه ”من خلال تسمية نفسه حفيدا وليس ابنا للعثمانيين، فإنه يتخطى جيلا، جيل مصطفى كمال أتاتورك وحلمه بتركيا علمانية وحديثة، حيث ومنذ عام 1923 وظهور تركيا الحديثة كان الرئيس التنفيذي الوحيد الذي يطالب بالماضي العثماني عندما كان كل من سبقوه يتطلعون إلى الحداثة“.
وتابع: ”حقيقة إنه ينقل الماضي حرفيا إلى الحاضر ويفاقم سوء علاقاته مع البلدان المجاورة“.