اعداد/جمال حلمي
في مقتطفات من مقابلة تمت يوم 12 ديسمبر 2021، قدم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وجهات نظر أكثر صراحة بشكل مذهل حول القيادة الإسرائيلية خلال فترة وجوده في منصبه، بعد يوم من نشر تصريحات له شن فيها هجوما لاذعا على رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.
في آخر التعليقات المسجلة التي بثتها القناة 12، قال ترامب إنه يعتقد أن نتنياهو “لا يريد صنع السلام، ولم يرد ذلك يوما”؛ وزعم أنه منع الزعيم الإسرائيلي من ضم أراضي الضفة الغربية (“غضبت وأوقفت ذلك”)؛ وأعرب عن رأيه الإيجابي بشأن وزير الدفاع بيني غانتس (“أعتقد أنه أراد ابرام اتفاق إذا فاز، أعتقد أن الأمر كان سيكون أسهل بكثير”)؛ وتحدث عن تطور رؤيته بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني (“كنت أعتقد أن الفلسطينيين مستحيلون، وأن الإسرائيليين سيفعلون أي شيء لصنع السلام وصنع اتفاق. وجدت أن هذا غير صحيح”).
في حديثه إلى الصحفي باراك رافيد في وقت سابق من هذا العام في إطار العمل على كتاب جديد، علق الرئيس السابق على جهوده للتوسط بين القدس ورام الله، وشعوره مع مرور الوقت أن نتنياهو لم يكن معنيا حقا بالتوصل إلى تسوية.
قال ترامب أنه عندما تولى منصبه، طلب من نتنياهو تقديم مبادرات تجاه الفلسطينيين، واقترح احتمال تجميد البناء في الضفة الغربية، لكن الزعيم الإسرائيلي اعترض في كثير من الأحيان.
وقال مستخدما كنية نتنياهو: “بيبي لم يرغب في عقد اتفاق. حتى في الآونة الأخيرة، عندما قدمنا الخرائط” كجزء من خطة سلام إدارته، كان رد فعل نتنياهو “أوه هذا جيد، جيد’، كل شيء كان دائما على ما يرام، لكنه لم يكن أبدا كذلك … لم يكن يريد ابرام اتفاق”.
“لا أعرف ما إذا لم يكن معنيا في أن يفعل ذلك لأسباب سياسية، أو لأسباب أخرى. كنت أتمنى لو قال إنه لا يريد ابرام اتفاق، بدلا من…. لأن الكثير من الأشخاص كرسوا الكثير من العمل. لكنني لا أعتقد أن بيبي كان سيبرم اتفاقا على الإطلاق. هذا رأيي. أعتقد أن الجنرال [غانتس] أراد ابرام اتفاق”.
وأعرب ترامب عن اعتقاده بأن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس “أراد ابرام اتفاق أكثر من نتنياهو. وسأكون صادقا، لقد كان لي لقاء رائع معه، عباس، حسنا. كان لدي لقاء رائع معه. وقضينا الكثير من الوقت معا نتحدث عن أشياء كثيرة. وكان تقريبا مثل الأب. أعني، لقد كان لطيفا جدا، لم يمكنه أن يكون ألطف من ذلك”.
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يستمع بينما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدلي ببيان للصحافة قبل اجتماع في فندق بالاس خلال الدورة 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 سبتمبر 2017 ، في نيويورك. (AFP/Brendan Smialowski)
واستذكر ترامب قوله لنتنياهو “كان لدي لقاء جيد جدا مع عباس. بإمكاننا بالتأكيد إبرام اتفاق”. وكيف كان رد الزعيم الإسرائيلي؟ “’حسنا، لنفكر في الموضوع. دعنا لا نتحرك بسرعة، كما تعلم’. بعد أن بدأ الحديث، قلت، لحظة واحدة، أنت لا تريد ابرام اتفاق”.
“وهو قال ’حسنا، ااه، ااه، ااه’، والحقيقة هي أنني لا أعتقد أن بيبي أراد في أي وقت ابرام اتفاق”.
“كنت أعتقد أن الفلسطينيين مستحيلون، وأن الإسرائيليين سيفعلون أي شيء لصنع السلام والاتفاق. لقد وجدت أن هذا ليس صحيحا”.
على الرغم من إحباط ترامب من نتنياهو، فقد قرر الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وأعلن نقل السفارة الأمريكية إلى هناك، مما دفع الفلسطينيين إلى قطع العلاقات مع واشنطن.
كرر ترامب: “لا أعتقد أن بيبي أراد أبدا صنع السلام. أعتقد أنه ضللنا… ’لا، لا، نحن نريد ذلك’… لكنني أعتقد أن بيبي لم يرغب في صنع السلام، ولم يرد ذلك يوما”.
وزير الدفاع بيني غانتس يتحدث في مؤتمر صحيفة هآرتس للديمقراطية في يافا، 9 نوفمبر، 2021. (Avshalom Sassoni / Flash90)
في تعليقاته على بيني غانتس، الذي شكل في عام 2020 حكومة لتقاسم السلطة مع نتنياهو ، وكان من المفترض أن يتولى منصبه كرئيس للوزراء بعد فترة زمنية محددة (لم يتم احترام الصفقة أبدا، وانهارت الحكومة. وأطاحت الانتخابات الجديدة بنتنياهو من السلطة)، أبدى ترامب آراء ايجابية أكثر.
“بيني غانتس، أعجبني كثيرا. أعتقد أنه كان رائعا. جاء إلى البيت الأبيض. لقد كان شخصا، في رأي، سيكون أسهل بكثير أن يقوم بإبرام اتفاق مع الفلسطينيين… يكره الفلسطينيون نتنياهو. يكرهونه بشدة. لم يكرهوا غانتس. لم يكرهوه”.
وقال ترامب: “أعجبني الجنرال غانتس كثيرا. في الحقيقة، قلت لجاريد كوشنر وديفيد فريدمان، إنه إذا أصبح هو الرجل، إذا فاز، سيكون الأمر أسهر بكثير”، في إشارة إلى صهره ومستشاره والسفير الأمريكي لدى إسرائيل تباعا.
عندما أعلن ترامب عن خطته للسلام في يناير 2020، ادعى نتنياهو على الفور أن الإدارة أعطت موافقتها لإسرائيل بضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية تضم مستوطنات إسرائيلية، مثيرا ابتهاج اليمين الإسرائيلي وانزعاج الفلسطينيين والعديد من المراقبين الدوليين.
لكن واشنطن سارعت إلى إبداء تحفظاتها، ومع مرور الوقت أصبح واضحا أن الضوء الأخضر المفترض لم يُعط في الواقع. تخلت إسرائيل في نهاية المطاف عن خطة الضم كجزء من اتفاقها لتطبيع العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين في وقت لاحق من ذلك العام، برعاية أمريكية.
في المقابلة، قال ترامب إنه أوقف خطة الضم الإسرائيلية بنفسه.
وقال: “لقد غضبت وأوقفتها (الخطة)، لأن ذلك كان في الحقيقة مبالغا فيه. كان ذلك تماديا، كما تعلم، عندما قال نتنياهو ’دعونا نبني. دعونا نأخذ كل شيء ونبدأ في البناء عليه’. لم نكن سعداء بذلك”.
تحدث ترامب أيضا عن شعبيته في إسرائيل، وهي واحدة من الدول الوحيدة في العالم التي كان يتمتع فيها دائما بشعبية.
وقال: “في إسرائيل، أنا الشخص الأكثر شعبية… من هم العشرين بالمئة الجاحدون [في إسرائيل الذين لا يدعمونني]؟ إنهم أشخاص سيئون”.
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى اليسار، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب،، يتحدثان في مطار بن غوريون الدولي قبل رحيل الأخير من إسرائيل يوم 23 مايو 2017. (Koby Gideon / GPO)
تحدث ترامب إلى رافيد في شهري أبريل ويوليو في إطار العمل على كتاب جديد للصحافي الإسرائيلي باللغة العبرية بعنوان “سلام ترامب” والذي يتناول “اتفاقيات إبراهيم” لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وبلدان عربية، والتي تمت بوساطة إدارة ترامب.
كما تم نشر مقتطفات من المقابلة يوم الجمعة من قبل صحيفة “يديعوت أحرونوت” والقناة 12 ، قبل إصدار الكتاب.
في المقتطفات التي نُشرت يوم الجمعة، هاجم ترامب نتنياهو لقيامه بتوجيه تهنئة لجو بايدن بعد ساعات من الإعلان عن فوزه في انتخابات 2020 من قبل جميع وسائل الإعلام الرئيسية.
وقال ترامب: “لقد كان الأمر مبكرا جدا. قبل معظم [قادة العالم]. تبا له”.
وأضاف: “لم يفعل أحد أكثر مني لبيبي. وأنا أحببت بيبي. ما زلت أحب بيبي”، مشيرا إلى نتنياهو بكنيته. لقد كان “الرجل الذي فعلت من أجله أكثر من أي شخص آخر تعاملت معه”.
“لكنني أيضا أحب الولاء. كان بيبي أول شخص يهنئ بايدن. ولم يهنئه فحسب، بل فعل ذلك بواسطة فيديو. لقد شعرت بخيبة أمل شخصية منه. كان يمكن لبيبي أن يظل صامتا. لقد ارتكب خطأ فادحا”.
لقد تأخر نتنياهو في الواقع في تهنئة بايدن في نوفمبر من العام الماضي، وفعل ذلك وبشكل لافت بعد ساعات طويلة من العديد من قادة العالم الآخرين.
وقال ترامب إن قراره الانسحاب من الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران – والذي تسعى الإدارة الحالية للعودة إليه – كان “بسبب علاقاتي مع إسرائيل”، وليس بسبب العلاقات الشخصية مع نتنياهو.
رئيس الوزراء آنذاك بنيامين نتنياهو يتحدث إلى الرئيس الأمريكي جو بايد، 17 فبراير، 2021.(Prime Minister’s Office)
وادعى أنه لو لم يفعل ذلك، “أعتقد أن إسرائيل كانت ستكون مدمرة بحلول هذا الوقت”.
“الآن سيعود بايدن إلى الصفقة لأنه لا يملك أدنى فكرة. صارع الإسرائيليون هذ الاتفاق ولم يستمع أوباما إليهم. كان قرار الانسحاب من الصفقة بسبب علاقاتي مع إسرائيل – وليس مع بيبي. تلك كانت مشاعري تجاه إسرائيل”.
وقال ترامب أيضا أنه أنقذ نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية في أبريل 2019 من خلال الاعتراف بهضبة الجولان كأراض إسرائيلية. كانت تلك الانتخابات هي الأولى من بين أربع انتخابات غير حاسمة في عامين شهدا فوضى سياسية قبل أن تطيح الحكومة الحالية بنتنياهو من السلطة.
قال ترامب: “خذ الجولان على سبيل المثال. كان هذا أمرا جللا. يقول الناس أن هذه كانت هدية بقيمة 10 مليارات دولار. لقد فعلت ذلك قبل الانتخابات مباشرة، الأمر الذي ساعده كثيرا. كان سيخسر الانتخابات بدوني. تعادل مع منافسيه. لكنه ارتفع كثيرا بعد أن فعلت ذلك. لقد ارتفع 10 نقاط أو 15 نقطة بعد أن اعترفت بهضبة الجولان”.
تدعم تصريحات ترامب في المقابلة ما أورده الصحافي الأمريكي مايكل وولف، الذي كتب في كتابه عن رئاسة ترامب أن الرئيس الأمريكي السابقة يعتبر رسالة نتنياهو إلى بايدن “الخيانة المطلقة”.
عبّر ترامب عن غضبه لمساعديه بقوله أن نتنياهو هنأ بايدن “قبل أن يجف الحبر”. صدر كتاب وولف “انجراف التربة: الأيام الأخيرة لرئاسة ترامب” (Landslide: The Final Days of the Trump Presidency) في شهر يوليو.
صورة لأشجار اللوز المزهرة في هضبة الجولان، 11 فبراير، 2019. (Maor Kinsbursky / Flash90)
رفض ترامب الاعتراف بالهزيمة، وقدم مزاعم لا أساس لها بوجود تزوير خطير وتعهد بإحالة قضيته إلى المحاكم، وهي تحركات شجعت في نهاية المطاف أتباعه على اقتحام مبنى الكابيتول الأمريكي في محاولة لوقف التصديق على فوز بايدن في الانتخابات.
جاء غضب ترامب على الرغم من أن نتنياهو كان من آخر قادة العالم الكبار الذين هنئوا بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس.
ردا على الاقتباسات، قال مكتب نتنياهو يوم الجمعة إنه “يقدّر حقا” دعم ترامب لإسرائيل ، لكنه “يقدّر أيضا أهمية التحالف القوي بين إسرائيل والولايات المتحدة، وبالتالي كان من المهم بالنسبة له أن يهنئ الرئيس الجديد”.