أكدت كبيرة علماء منظمة الصحة العالمية الدكتورة سوميا سواميناثان على ضرورة الحصول على الجرعة الثانية من أي لقاح يتكون من جرعتين، موضحة أن أهمية الجرعة الثانية من اللقاحات، التي يتم الحصول عليها من خلال جرعتين، ترجع إلى كونها الجرعة التي تعطي دفعة فعلية لجهاز المناعة بحيث تكون استجابة الجسم المضاد، وكذلك استجابة الخلايا التائية الوسيطة، قوية للغاية.وأضافت الدكتورة سواميناثان أن الجرعة الثانية تطور أيضًا استجابة الذاكرة، والتي بدورها تجعل تأثير اللقاح يستمر لفترة طويلة، حيث إن الجسم عندما يرصد هذا المُستضد أو البروتين الفيروسي مرة أخرى، فإنه يعرف أنه يحتاج إلى الاستجابة بسرعة.
لا ضرر في التقديم أو التأخير
جاء تصريح الدكتورة سواميناثان خلال لقاء أجرته معها فيسميتا جوبتا سميث، في الحلقة رقم 26 من المجلة المتلفزة “العلوم في خمس”، التي يبثها موقع منظمة الصحة العالمية على “تويتر” بغرض التوعية والتثقيف بشأن كل ما يتعلق بفيروس كورونا المُستجد وسلالاته المتحورة واللقاحات المضادة له.
الفترات المناسبة بين جرعتي اللقاح
وشرحت الدكتورة سواميناثان أن هناك الكثير من اللقاحات قيد التطوير الآن، ويتم إعطاء كل منها في جداول جرعات مختلفة قليلاً. تحتاج معظم اللقاحات التي يتم تطويرها إلى جرعتين على الأقل، ولكن هناك بعض اللقاحات المرشحة ذات الجرعة الواحدة أيضًا، مشيرة إلى أن الفترة الفاصلة بين الجرعات تعتمد على نوع اللقاح الذي يتم الحصول عليه، وتتولى الهيئات الطبية المحلية ووزارات الصحة في كل بلد مهمة وضع إرشادات وتحديد موعد التطعيم بالجرعة الثانية من اللقاح.
واستطردت قائلة إنه يتم عادة إعطاء جرعتي اللقاح حاليًا خلال فترة تتراوح ما بين ثلاثة إلى أربعة أسابيع، ولكن توجد بعض البيانات بشأن بعض اللقاحات، من بينها لقاح أسترازينيكا، التي كشفت أن تأخير الجرعة الثانية لمدة تصل إلى 12 أسبوعًا يعطي دفعة مناعية أفضل. وشددت الدكتورة سواميناثان على ضرورة عدم تفويت الجرعة الثانية، بيد أنه لا تحدث مشكلة عند التأخير، حيث إنه من المهم الحصول على الجرعة الثانية إذا كان اللقاح عبارة عن جرعتين، بصرف النظر عما إذا تم الحصول على الجرعة الثانية قبل موعدها ببضعة أيام أو في موعد متأخر لبضعة أيام أو حتى أسبوعين.
لكن من المهم العودة والحصول على الجرعة الثانية لأن الجرعة الأولى تقدم بالفعل هذا المستضد الجديد إلى جهاز المناعة لتجهيزه، في حين الدفعة الفعلية لجهاز المناعة لتكوين القدرة على استجابة الجسم المضاد، وكذلك استجابة الخلايا التائية الوسيطة، تتحقق من خلال الجرعة الثانية.
قابلية التبديل بين اللقاحات
وفيما يتعلق بما إذا كان من الممكن الحصول على الجرعة الأولى من لقاح ما وتكون الثانية من لقاح آخر، أوضحت الدكتورة سواميناثان أن العلم يتغير ويتطور وقاعدة المعرفة آخذة في النمو، مشيرة إلى أن هناك بالوقت الحالي تجارب سريرية جارية في بعض البلدان تبحث في مدى القابلية للتبادل بين جرعتي اللقاحات، بما يعني أن تكون الجرعة الأولى من أحد اللقاحات، أما الجرعة الثانية فتكون من لقاح مختلف، وربما حتى لقاح منصة مختلفة.
الجرعتان من نفس اللقاح
وأردفت الدكتورة سواميناثان قائلة: من الناحية المناعية، هناك أسباب تجعل ذلك منطقيًا، ولكن في الوقت الحالي لا توجد بيانات كافية بالنسبة لمنظمة الصحة العالمية للتوصية بمثل هذا النوع من جداول الجرعات القابلة للتبديل، وبالتالي فإنه، في الوقت الحالي تبقى توصيات منظمة الصحة العالمية، كما هي لحين التثبت من نتائج التجارب السريرية، وينبغي الحصول على الجرعة الثانية من اللقاح نفسه الذي تم التطعيم به في الجرعة الأولى.
مراحل تطوير وتصنيع اللقاح
وأجابت الدكتورة سواميناثان على سؤال من جانب فيسميتا جوبتا سميث حول كيفية التأكد من عدم وجود آثار طويلة المدى لهذه اللقاحات، خاصة أنه تم تطويرها وتصنيعها بسرعة غير مسبوقة، قائلة إن تطوير اللقاح هي عملية معقدة تمر بمراحل مختلفة، بدءًا من الدراسات على الحيوانات ومروراً بمراحل التجارب السريرية على البشر ثم تأتي المرحلة الثالثة والأخيرة التي تتم فيها التجارب على عشرات الآلاف من البشر، الذين يتلقى نصفهم الدواء الوهمي ويحصل النصف الآخر على اللقاح.
وتتم متابعة حالات المتطوعين على مدى فترة من الزمن، عادة تستغرق عامين، ثم يتم تقييم فعالية وسلامة اللقاح.
الاستخدام الطارئ لإنقاذ الأرواح
وأضافت الدكتورة سواميناثان أنه بسبب الجائحة والحاجة إلى إخراج هذه اللقاحات بسرعة لإنقاذ الأرواح، كانت مدة المتابعة شهرين بدلاً من سنوات، وتم منح تصاريح استخدام للطوارئ لهذه اللقاحات مما يعني أنها ما زالت تحت الملاحظة والمتابعة. ومازالت هناك عمليات متابعة ورصد في البلدان المختلفة، التي تتابع الأشخاص الذين يسجلون ويبلغون عن أي ردود فعل سلبية خطيرة أو ردود فعل غير شائعة.
تحديث الإرشادات أولًا بأول
وفي السياق ذاته، أفادت الدكتورة سواميناثان أن منظمة الصحة العالمية لديها نظام للتيقظ الدوائي، أو برنامج لمراقبة ومتابعة فاعلية وأمان الأدوية واللقاحات، يتم تطبيقه على كافة الجهات والشركات المصنعة للقاحات، كما يوجد أنظمة مماثلة لدى الكثير من البلدان لمراقبة السلامة من أجل المتابعة المستمرة واليقظة لأي آثار جانبية غير شائعة أو طارئة، ومن ثم يتم بحث وتحليل الحالات المبلغة وتحديد ما إذا كانت مجرد حدث فردي عارض أم أنه مرتبط باللقاح نفسه بالفعل. وأكدت الدكتورة سواميناثان أنه يتم تحديث التنبيهات أو الإرشادات بناءً على أي مستجدات.
150 مليون جرعة لقاح
وقالت الدكتورة سواميناثان نحن نعلم، ويعرف الجميع أيضًا، أنه تم حتى الآن إعطاء أكثر من 150 مليون جرعة من اللقاحات حول العالم، وكانت الإشارات بنسب عالية للغاية مطمئنة وتؤكد فاعلية وأمان اللقاحات، ولم تظهر أي أعراض غير مرغوب فيها أو غير متوقعة بالنسبة للقاحات التي تم طرحها على نطاق واسع.مراقبة مستمرة وبعناية فائقة
واختتمت الدكتورة سواميناثان تصريحاتها مؤكدة على التزام منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع الهيئات المحلية في كل دولة بالاستمرار في المراقبة والمتابعة عن كثب وبعناية شديدة، وإذا كان هناك أي دليل على وجود علاقة بين اللقاح والأثر الجانبي، فسيتم تحليل ذلك وتحديث الإرشادات للبلدان من وقت لآخر.