إخوان ليبيا يروجون لمشروع التقسيم لضمان استمرار نفوذهم
إخوان ليبيا يروجون لمشروع التقسيم لضمان استمرار نفوذهم
إخوان ليبيا يحاولون الاستفادة من الوضع السوري لإقناع القوى المؤثرة في القرار الأميركي بأن سيطرة الجيش الوطني على كامل البلاد تعني وجود حليف لموسكو في طرابلس كما هو الحال في دمشق.
يحاول إخوان ليبيا جرّ البلاد إلى التقسيم مع حليفهم على رأس حكومة الوفاق، ويروجون لعودة القوات المسلحة بقيادة المشير خليفة حفتر إلى ما قبل الرابع من أبريل 2019، وهدفهم استعادة وهمهم بالسيطرة على العاصمة والمنطقة الغربية، طبعا هم يقصدون الأرض لا قلوب وعقول السكان المحليين الذين أثبتوا عدم رغبتهم في البقاء أسرى لحكم الميليشيات ومشروع الإسلام السياسي.
هناك خطة تتبلور في هذا الاتجاه، المجلس الرئاسي يحاول إقناع القوى الغربية المؤثرة وعلى رأسها واشنطن، بأن ليبيا بموقعها الجغرافي المهم وثرواتها الظاهرة والخفية قد تسقط بين أيادي الروس، فيما القطريون والأتراك ساعدوا على نشر تلك التحذيرات عبر لوبياتهم والمنصات الإعلامية ومراكز الدراسات الغربية التي اخترقوها، هناك إدراك لديهم بأن السياسة يحركها الإعلام، والإعلام يديره المال، والمال متوفر في مصرف ليبيا المركزي وفي الدوحة وأنقرة وفي خزائن التنظيم العالمي للإخوان.
بيان وزارة الخارجية الأميركية دعا “الجيش الوطني الليبي إلى إنهاء هجومه على طرابلس”، باعتبار ذلك “سيؤدي إلى تسهيل المزيد من التعاون بين الولايات المتحدة وليبيا لمنع التدخل الأجنبي غير المبرر، وتعزيز سلطة الدولة الشرعية، ومعالجة القضايا الكامنة وراء الصراع”.
جاء البيان بمناسبة الحوار الأمني بين الولايات المتحدة وسلطات طرابلس الذي انطلق بين الحكومة الأميركية ووفد حكومة الوفاق المكون من المفوض بوزارة الخارجية محمد سيالة والمفوض بوزارة الداخلية فتحي باشاغا في العاصمة واشنطن، “أعرب عن قلقه البالغ بشأن الوضع الأمني وتأثيره على السكان المدنيين”، فيما أكد وفد الولايات المتحدة “الذي يمثل عددا من الوكالات الحكومية الأميركية، دعمه لسيادة ليبيا وسلامة أراضيها في مواجهة محاولات روسيا لاستغلال الصراع ضد إرادة الشعب الليبي”.
استحضار الفزّاعة الروسية يخفي وراءه محاولات لدعم هيمنة الإرهاب والميليشيات الخارجة عن القانون على الحكم في طرابلس، حتى لو أدى ذلك إلى التقسيم الفعلي لليبيا، على أن تصبح شرقا معتدلا قريبا من روسيا وغربا متشددا يدور في فلك الولايات المتحدة، على أن يتم تحييد منابع الثروة مبدئيا عن الصراع رغم وجود أغلبها حاليا تحت سيطرة الجيش الوطني.
إخوان ليبيا يحاولون الاستفادة من الوضع السوري لإقناع القوى المؤثرة في القرار الأميركي بأن سيطرة الجيش الوطني على كامل البلاد تعني وجود حليف لموسكو في طرابلس كما هو الحال في دمشق، وأن وجود الروس في سوريا وليبيا يعني احتلالهم موقعا متقدما في حوض البحر المتوسط، بالنظر إلى الجغرافيا الليبية كبوابة رئيسة لإفريقيا.
المثير في الأمر أن أبواق الإخوان تحاول بالمقابل إقناع جمهورها بأن حفتر لديه جنسية أميركية، وهو عميل لواشنطن، ويجد دعما من إسرائيل كذلك، بينما أطلق المجلس الرئاسي عددا من الإغراءات لنيل رضا موسكو ومن ذلك إحياء الاتفاقيات التي كان الرئيس فلاديمير بوتين أمضى عليها مع نظام القذافي في العام 2008.
المراقبون المحايدون لا يستغربون ذلك، فمعركة الإخوان في ليبيا أصبحت معركة حياة أو موت، وهم لا يدخرون أي جهد مهما كان لضمان استمرار سيطرتهم على ثالوث السلطة والثروة والسلاح.
خلال الأيام الماضية أطلق خالد المشري القيادي في حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان رئيس ما يسمى المجلس الأعلى للدولة، وهو أحد مخرجات اتفاق الصخيرات، أطلق مبادرة في اتجاه حل ينبني على أساس عودة الجيش الليبي إلى ما قبل “طوفان الكرامة”، وعرضها على الرئيس التونسي الجديد قيس سعيد الذي تبناها واتجه لعرضها على جهات مؤثرة في الملف الليبي كالجزائر وفرنسا وإيطاليا من خلال رسائل خاصة نقلها رئيس الحكومة يوسف الشاهد.
بعض الجهات التونسية تشير إلى أن ملف ليبيا كان أحد أهم الأسباب التي تقف وراء الإطاحة بوزير الخارجية السابق خميس الجهيناوي، ومن المراقبين من يقول إن السياسة التونسية في طريقها إلى التغير بما يخدم المشروع الإخواني، سيكون لوجود راشد الغنوشي على رأس البرلمان، ووجود شخصيات ذات مواقف معادية لمحور الاعتدال العربي في قصر قرطاج، دور في ذلك.
البرلمان التونسي الجديد سيكون في أغلبه قريبا من وجهة نظر المجلس الرئاسي الليبي. الحديث هنا عن القوى الثورية المرتبطة عقائديا بمخرجات الربيع العربي مثل حركة النهضة وائتلاف الكرامة والتيار الديمقراطي، ووصول إخوان تونس مرة أخرى إلى الحكم في غياب قوة اعتدال تحد من نفوذهم كما كان في عهد الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، زاد من تطلعات إخوان ليبيا.
هناك طموحات لأن يكون غرب ليبيا وتونس مؤثرين في مستقبل الجزائر كذلك، نحو مشروع إخواني متكامل، يمتد من سرت إلى الحدود الشرقية المغربية، هذا الأمر لا ينظر إليه الجزائريون بجدية، لذلك لا يزال موقفهم أقرب إلى موقف الأتراك والقطريين في ما يخص الوضع الليبي، رغم أن كل المؤشرات تؤكد أن بلادهم في مرمى مشروع لا يستثنيهم من خطته التوسعية.
الوضع في ليبيا يزداد ميلا إلى التقسيم، من علامات ذلك أن سلطات تابعة لحكومة الوفاق قامت بمنع عدد من الركاب من الصعود على متن الرحلات الدولية القاصدة مطار بنينا ببنغازي. وكانت النتيجة أن أصدرت الحكومة المؤقتة التي تستمد شرعيتها من البرلمان المنتخب قرارها بإيقاف جميع الرحلات التي تمر عبر أجواء المنطقة الشرقية، وأعلنت عزمها منذ الخميس على إلزام جميع الرحلات الجوية المنطلقة من مطاري معيتيقة ومصراتة الدوليين والعابرة للمنطقة الشرقية والمتجهة إلى الأردن ومصر والسعودية والسودان، بالهبوط في مطار بنينا الدولي، لإتمام الإجراءات الأمنية وإجراءات الجمارك والجوازات.
لاحقا قالت سلطات طرابلس إنها طلبت موافقة السلطات المصرية على استخدام أجواء البحر المتوسط بدلا من المرور فوق