بعد ثلاث سنوات من سحب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الولايات المتحدة من اتفاق نووي تاريخي مع إيران، أصبحت طهران أقرب إلى امتلاك المواد اللازمة لصنع سلاح نووي مما لو بقي الاتفاق ساري المفعول.
عمل الإيرانيون على تخصيب المزيد من اليورانيوم إلى مستويات أعلى باستخدام تقنيات أكثر تطورا مما كان بإمكانهم الوصول إليه في ظل نظام مراقبة صارم،
ودفعت هذه التطورات إدارة الرئيس الجديد جو بايدن للانضمام إلى دبلوماسيين من أوروبا والصين وروسيا في السعي لإحياء اتفاق 2015، الذي كبح برنامج طهران النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية.
قبل أسبوع من الآن، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن الاتفاق النووي منع إيران من مواصلة أنشطتها النووية، مشيرا إلى أن الانسحاب من الاتفاق جعل طهران أقرب إلى امتلاك السلاح النووي.
1. إلى أي مدى اقتربت؟
جمعت إيران ما يكفي من اليورانيوم المخصب (مما يعني أن لديها تركيزا متزايدا من نظير اليورانيوم -235) لصنع قنابل عدة إذا اختار قادتها تنقية المعدن الثقيل إلى مستوى 90% المستخدم عادة في الأسلحة.
من خلال إنتاج 2.4 كيلوجرام (5.3 رطل) من اليورانيوم عالي التخصيب، المنقى إلى مستويات 60%، أثبتت إيران أن مهندسيها يمكن أن ينتقلوا بسرعة إلى مستوى صنع الأسلحة.
أفاد مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران خزنت أكثر من 3000 كيلوجرام من اليورانيوم منخفض التخصيب، والذي يحتوي عادة على 3% -5% تركيز من “يورانيوم 235″، بالإضافة إلى 63 كيلوغراما من المواد المخصبة حتى 20% نقاوة.
كشف تقرير سري لمفتشي الأمم المتحدة، في يناير عن أن إيران اتخذت خطوة جديدة نحو إنتاج محتمل لأسلحة نووية، حيث ادعى أن طهران بدأت العمل على خط تجميع لتصنيع مادة رئيسية في الرؤوس الحربية النووية.
2. ما المواقف الرسمية للدول؟
شدد مسؤولون عدة في إيران على أن بلادهم لا ترغب في إنتاج سلاح نووي باعتباره قوة دمار شامل محرمة وفقا للشريعة الإسلامية، وذلك على الرغم من إعلان زيادة مستوى تخصيب اليورانيوم، في ما يُعتقد أنها حيلة للضغط على واشنطن من أجل التفاوض ورفع العقوبات.
قال الزعيم الأعلى الإيراني آية الله خامنئي في فبراير إنه لا يمكن لقوة في العالم بما في ذلك إسرائيل، أن تمنع بلاده من امتلاك سلاح نووي إذا اتخذت طهران قرارا بالحصول عليه، لكنه شدد على منع الضوابط الشرعية لمثل هذا الأمر.
مع ذلك، أعلن المدير العام لوكالة الطاقة النووية، رافايل غروسي، في أبريل تأكد الوكالة من بدء إيران إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60% في معمل تجريبي للتخصيب بمدينة نطنز، كما توعدت من قبل.
كما استعانت إيران بأجهزة طرد مركزية متطورة إضافية في محطة لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض داخل منشأة نطنز النووية. علق الرئيس الأمريكي جو بايدن بالقول إن خطة إيران تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 60% لا تفيد.
كما حذرت حذرت القوى الأوروبية، من أن قرار إيران برفع تخصيب اليورانيوم يجعلها قريبة من امتلاك القنبلة النووية. وقالت فرنسا وألمانيا وبريطانيا في إنها تشعر بقلق بالغ من قرار إيران رفع مستويات تخصيب اليورانيوم بدرجة قريبة من تصنيع السلاح النووي.
هل أصبح الأمر خطرا؟
اتهمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الاثنين، إيران بمواصلة خرق الكثير من القيود المنصوص عليها ضمن الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه عام 2015 بين طهران والسداسية الدولية.
وقال تقرير وجهه رافائيل جروسي المدير العام للوكالة إلى الدول الأعضاء: “بعد أشهر عديدة، لم تقدم إيران التفسير اللازم لوجود جزيئات من المواد النووية في أي من المواقع الثلاثة التي أجرت الوكالة فيها عمليات تفتيش تكميلية”.
وأوضح التقرير أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب ازداد بمقدار 273.2 كغم خلال ربع السنة الأول، فيما كانت الزيادة المسجلة في التقرير الصادر في فبراير 524.9 كجم.
أعربت فرنسا، عن بالغ قلقها لما أورده تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس، عن العثور على آثار يورانيوم في منشآت لم يتم الإعلان عنها من قبل طهران للمفتشين الدوليين.
ودعت فرنسا إيران إلى “تقديم إيضاحات بأسرع وقت حول المواد النووية والمنشآت النووية غير المعلن عنها”، مؤكدة دعمها لوكالة الطاقة الذرية ولعملها “الموضوعي”.
من جانبه قال مندوب إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كاظم غريب آبادي، إن تقرير الوكالة تم إعداده في ظل توقف الإجراءات الطوعية الخارجة عن إطار اتفاق الضمانات من قبل إيران منذ 23 فبراير الماضي.
وتابع أن ما قامت به إيران يأتي في إطار تنفيذ قانون المبادرة الاستراتيجية لإلغاء “الحظر وصون حقوق الشعب”، قائلا: “هذا التقرير يبين جيدا تنفيذ القرار الصادر عن إيران في 23 فبراير”.
4. ما أهمية تخصيب اليورانيوم؟
يعد الحصول على المواد اللازمة لتحفيز الانشطار الذري أصعب خطوة في عملية صنع الطاقة أو القنابل النووية. سواء احتفظت إيران بالحق في تخصيب اليورانيوم أم لا، فقد كان ذلك في قلب صراعها النووي مع الولايات المتحدة منذ عقدين.
تحتاج البلدان إلى تطوير بنية تحتية صناعية لإنتاج نظائر “اليورانيوم -235″، والتي تشكل أقل من 1% من المادة في خام اليورانيوم، ولكنها أساسية للحفاظ على تفاعل سلسلة الانشطار.
يتم استخدام الآلاف من أجهزة الطرد المركزي التي تدور بسرعة تفوق سرعة الصوت لفصل المواد. تتعقب الوكالة الدولية للطاقة الذرية التغييرات في مخزونات اليورانيوم (بالجرام) في جميع أنحاء العالم لضمان عدم تحويل المواد إلى أسلحة.