اعداد/جمال حلمي
الجيش الإسرائيلي بدأ يدرك أن اغتيال كبار قيادات “حماس” لن يؤدي بالضرورة إلى تقويضهاخلال الأيام الماضية، قام الجيش الإسرائيلي بتغيير أوامر لجنوده في خان يونس جنوبي قطاع غزة، بينما بدأت وحدات خاصة القتالَ داخل الأنفاق تحت المدينة، والاشتباك مع “مقاتلين” من مسافات قصيرة. ويُرد سبب هذا التغيير في أسلوب القتال إلى تصوُر سائد لدى قيادة الجيش، فحواه أن الاشتباك مع “حماس” في الأنفاق سيؤدي إلى تحصيل معلومات مهمة بشأن مكان احتجاز المختطفين، ومكان تواجد قادة الحركة داخلها. وبحسب التقديرات الاستخبارية، فإن كلاً من المخطوفين الإسرائيليين ومسئولي المقاومة لا يزالون في الأنفاق الواقعة في المنطقة، وهم يتحركون من موقع إلى آخر بحسب وتيرة تقدُّم الجيش الإسرائيلي.
وفي بداية الحرب داخل القطاع، تم توجيه أوامر إلى الجنود بعدم دخول الأنفاق، لاعتقاد أن “حماس” تحاول سحب القوات إلى الأنفاق وضربها هناك. وعملياً، يبدو أن “حماس” لم تصدق حقاً أن الجيش سيحاول البحث عن زعماء التنظيم؛ ففي الأغلب، لم يتم تفخيخ الأنفاق بالكامل، وإنما فوهاتها، وحتى الآن، لم يتم تفخيخ الأنفاق نفسها بصورة هددت حياة الجنود، ويقول ضباط ميدانيون إنهم فوجئوا بحجم الأنفاق وأعداد الفوهات التي تم حفرها على امتداد القطاع، وخصوصاً في منطقة خان يونس، حيث يتواجد أغلبية قادة “حماس”، ويقدّر هؤلاء الضباط أن “حماس” فوجئت بأن الجيش الإسرائيلي قرر القتال تحت الأرض.
ويُذكر أن الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأول في التاريخ الذي يواجه قتالاً تحت الأرض على نطاق واسع إلى هذا الحد، والجدير بالذكر أنه يتم الآن تعلُّم مبادئ هذا الأمر في أثناء القتال العملي. إن النشاط العسكري داخل الأنفاق أمر صعب ومعقد، ويتم في الظلام الدامس، مع العلم أنه ربما يكون هناك مختطفون داخل الأنفاق، وهو ما يتطلب من القوات مهارة عالية، ويدرك الجيش أن الضربات الجوية لا تكفي للتمكن من الوصول إلى قادة “حماس” والأنفاق التي يتم فيها احتجاز الأسرى بحسب التقديرات الاستخبارية، وذلك لأن أغلبية هذه الأنفاق عميقة جداً.
وفي هذه الأثناء، تدرك قيادة الجيش أن اغتيال قيادة الحركة، بمن فيهم يحيى السنوار ومحمد الضيف، لن يؤدي بالضرورة إلى تقويضها كتنظيم، ويقدّر الجيش الإسرائيلي أن مقتل هؤلاء سيؤثر بصورة كبيرة في ناشطي التنظيم، والجمهور في إسرائيل، إلاّ إنه ستكون هناك حاجة إلى نشاطات هائلة ضد البنى التحتية لـ”حماس” وناشطيها، وخصوصاً كضرب مراكز السلطة التابعة لها، من أجل تقويض التنظيم.
ولقد قسّم الجيش الإسرائيلي أنفاق الحركة إلى عدة أنواع؛ فكل سريّة أو كتيبة من الحركة تعمل في منطقة معينة في القطاع، وهي تملك أنفاقاً هجومية، وأُخرى دفاعية، وأُخرى لوجستية. وهذه الأنفاق، التي يطلق عليها الجيش الإسرائيلي اسم “أنفاق الجذع”، تهدف إلى السماح لناشطي حماس بالمحافظة على استمرار القتال على الجبهات، وتوفير الذخائر والطعام والإمداد للقوات المقاتلة، إذا ما استدعت الحاجة، ويعمل قادة السرايا والكتائب التابعة لـ”حماس” من داخل الأنفاق، ويقومون بإطلاق خلايا لمحاولة ضرب المقاتلين الإسرائيليين، أو إطلاق صواريخ نحو إسرائيل.
وهناك نوع رابع من الأنفاق؛ وهو الأنفاق الاستراتيجية، وهي معدّة لاستخدام زعماء “حماس”، ويتم احتجاز المختطفين الإسرائيليين فيها. وهي عبارة عن نظام كامل من الأنفاق، مبني بصورة جيدة، وعميقة نسبياً، وتوجد فيها أبواب لصد الصدمات لمنع الاقتحامات المفاجئة للقوات الإسرائيلية. إن أنفاقاً كهذه، تم الكشف عن أحدها مؤخراً في خان يونس، كانت تحتوي على قاعات لتجميع قوات التنظيم، وغرف اجتماعات، وغرف مبيت للمقاتلين، وغرف طعام، وغرف احتجاز، ومراحيض، وغيرها. وبعضها عريض بحيث يمكن للسيارات أيضاً التحرك داخلها.
ووفقاً للجيش الإسرائيلي، فإن هذه الأنفاق الاستراتيجية مبنية غالباً قرب المساجد، والمدارس، ومراكز وكالة الأونروا، أو المستشفيات. ويقدّر الجيش أن الأسرى الإسرائيليين محتجزون إلى جانب زعماء “حماس”، وهو ما يجعل من الصعب شن غارات جوية هادفة إلى ضرب قيادة التنظيم داخل الأنفاق. وقد كشف الجيش الإسرائيلي مؤخراً عن عدة فوهات لأنفاق هجومية، موجودة داخل مقابر، ومموهة بالقبور، ولقد كمن قائد كتيبة داخل أنفاق كهذه في خان يونس، وبضعة ناشطين قُتلوا في اشتباك مع الجيش الإسرائيلي.
وتوجد في القطاع أيضاً أنفاق تكتيكية، تستخدمها “حماس” للقتال بصورة أساسية، وهي مكونة من عدة أنفاق صغيرة مترابطة فيما بينها عبر نفق واحد مركزي، وهو ما يتيح لمقاتلي التنظيم الخروج من عدة نقاط متعددة في ميدان القتال، ومحاولة الانسحاب من أمام القوات الإسرائيلية. ويدّعي ضباط ميدانيون إسرائيليون أنه يمكن تقريباً في أي مبنى أو ساحة العثور على فوهة نفق، وهو ما يشير، بحسب أقوالهم، إلى أن سكان غزة كانوا يعلمون جيداً بأمر بناء الأنفاق.
ويقدّر الجيش الإسرائيلي أن نحو ثلثَي مقاتلي “حماس” في منطقة خان يونس قد قُتلوا.
وبحسب الجيش، فإن كتيبة جنوب خان يونس تعمل بصورة جزئية، بينما تم تفكيك الكتيبة الشمالية بالكامل، أمّا الكتيبة الشرقية، فهي في حال مزرية، وقد تحولت عملياً إلى خلايا صغيرة تعمل في الميدان من دون قيادة.
وبحسب أقوال الجيش، فإن هناك مصاعب يواجهها الجيش في مجابهة الكتيبة الغربية في خان يونس، بسبب عملها قرب ملاجئ النازحين، ولذا، فهي لا تزال قادرة على العمل حتى الآن.