السقوط المريع .. ثعابين السياسة تهزم بوريس جونسون
السقوط المريع .. ثعابين السياسة تهزم بوريس جونسون
أخيراً.. هزمت ثعابين السياسة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي استسلم لمصيره وأعلن تنحيه من منصب زعيم حزب المحافظين اليوم الخميس.
ولم يؤت تمسك جونسون بمنصبه، ثماره، رغم أنه أثقل بالكلام على وزرائه قبل أيام من استقالته، حيث قال لهم: “سيتعين عليكم غمس أيديكم في الدماء” لإزاحتي عن منصبي، وفق ما نقلته صحيفة “ذا صن” عن بوريس جونسون نفسه.
إلا أن جونسون اضطر “مجبرا” إلى الاستجابة لدعوات من أفراد الحكومة وأعضاء مجلس العموم من حزب المحافظين، رغم أنه خاض معركة “وجود سياسي” غير مسبوقة في التاريخ السياسي البريطاني.
ولم يكن أمام بوريس أي خيار آخر، بعد أن تخلى عنه وزراء معينون حديثا وأكثر من 50 وزيراً ومسؤولاً بالحكومة في تمرد هدد الحكومة بخطر الشلل السياسي، فيما يتصاعد الغضب منذ أشهر بسبب فضيحة الحفلات في داونينج ستريت أثناء الحجر الصحي.
وأصبح جونسون أمام أمر واقع اضطره إلى الاستقالة التي أرفقها بخطاب مقتضب أمام الحكومة قال فيه: «يتعين أن تبدأ عملية اختيار زعيم جديد الآن».
ومهد جونسون الطريق لاختيار خلف له لرئاسة الوزراء، بيد أنه سيبقى رئيسا للوزراء حتى الخريف”، فيما انطلقت عملية البحث عن زعيم جديد بديل لجونسون، لقيادة حزب المحافظين.
وعين جونسون اليوم حكومة قائمة بالأعمال وسيواصل عمله إلى حين انتخاب زعيم جديد، فيما سيتم انتخاب رئيساً تنفيذياً لحزب المحافظين هذا الصيف، وسيتولى الفائز برئاسة الحكومة خلفا لجونسون بحلول أكتوبر المقبل، وفق هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
المعارضة مبتهجة
وأبهج نبأ استقالة جونسون زعيم المعارضة العمالية كير ستارمر الذي عبر عن فرحته قائلا: إنها “أنباء سارة، لكن، لسنا بحاجة إلى تغيير في قيادة حزب المحافظين. نحن بحاجة إلى تغيير حقيقي في الحكومة”.
وفتحت استقالة وزير المالية ريشي سوناك ووزير الصحة ساجد جاويد مساء أمس الثلاثاء، الباب على مصراعيه أمام السقوط “المريع” لجونسون بعد فضيحة جنسية جديدة تتعلق بالنائب المسؤول عن انضباط النواب المحافظين الذي عينه في فبراير رغم توجيه تهم له في السابق.
وما رجح كفة الميزان في سقوط جونسون “الفظيع”، هو رحيل وزيرة التعليم ميشيل دونيلان، ودعوة وزير المالية الجديد ناظم الزهاوي له إلى الاستقالة، وكلاهما عينا قبل يومين فقط.
أحداث متسارعة
انطلق مسلسل أحداث بوريس جونسون الخميس الماضي، باستقالة وزير إيرلندا الشمالية براندون لويس الذي قال إن جونسون “تجاوز نقطة اللاعودة”.
ولكن حتى وقت متأخر من مساء أمس الأربعاء كان جونسون يتحدى دعوات أنصاره وزملائه في مجلس الوزراء للتنحي عن طريق إقالة الوزير مايكل غوف حليفه السابق.
وكان وزير الدولة للإسكان أول من قال له إن عليه أن يستقيل من أجل مصلحة حزب المحافظين والبلد. ووصف مصدر مقرب من جونسون غوف بـ”الثعبان”، وفق هيئة “بي بي سي” البريطانية.
حكومة غير فاعلة
أحدثت الاستقالة المفاجئة لوزير الخزانة ريشي سوناك ووزير الصحة ساجد جاويد من منصبيهما اعتراضا على أداء الحكومةمساء الثلاثاء وقعًا مدويًا ودفعت إلى سلسلة من الاستقالات الأخرى، بعد اعتذار جونسون عن تعيين كريس بينشر النائب المحافظ الذي أجبر على التنحي بعد اتهامه بملامسة رجلين وهو في حالة سكر.
فبعد نفي داوننج ستريت علم جونسون بالاتهامات السابقة الموجهة له كشف موظف حكومي كبير سابق إنه أُبلغ في 2019 بحادث آخر على صلة ببينشر. وأدت القضية إلى تغيير مواقف كثيرين في حزب المحافظين الذين غضبوا لاضطرارهم للدفاع عن أكاذيب جونسون كما قالوا.
وحدثت مواجهة بين جونسون وأعضاء حكومته أمس الأربعاء بعد أن استجوبته لجنة برلمانية من بين أعضائها وزيرة الداخلية بريتي باتيل.
ووفق كاميلا كافنديش، الرئيسة السابقة لوحدة السياسات في الحكومة لهيئة “بي بي سي” البريطانية، لم تعد لدى بريطانيا “حكومة فاعلة” فيما تكررت الدعوات لجونسون بالرحيل حتى وقت متأخر من المساء.
ورغم رفض المدعية العامة سويلا برافرمان الاستقالة، لكنها ترى أن “الميزان يميل الآن لصالح القول (…) إنه حان وقت الرحيل”، بحسب ما نقلته عنها لقناة “آي تي في.
وقالت أيضًا إنها ستترشح لقيادة الحزب.
فضائح
ومنذ أشهر، تلاحق الفضائح بوريس جونسون “المستقيل”، بما في ذلك الحفلات التي أقيمت في مقر الحكومة في حين كنت البلاد تخضع للحجر الصحي. وبعد فرض غرامة عليه، واجه تحقيقًا في البرلمان لمعرفة إن كان قد كذب على النواب بشأن هذه القضية.
ونجا جونسون بفارق ضئيل من التصويت بحجب الثقة عنه بين نواب المحافظين قبل شهر. وهذا يعني عادةً أنه لا يمكن إعادة التصويت بالثقة لمدة عام آخر.
بيد أن معلومات أفادت بأن “لجنة 1922” المؤثرة التي تضم نوابًا محافظين ليسوا أعضاء في الحكومة تسعى لتغيير القواعد، وهي أعلنت الأربعاء أنها ستنتخب لجنة تنفيذية جديدة الأسبوع المقبل.
أضغاث أحلام
وحاول جونسون أن يعيش في دائرة أحلامه الشخصية بعيداً عن الواقعية السياسية، عندما أكد أمام البرلمان أمس الأربعاء أنه باق في منصبه، وأصر على أن البلاد بحاجة إلى “حكومة مستقرة”، لكن جاويد حث في كلمة ألقاها أمام النواب الوزراء الآخرين على الاستقالة، وقال في حين خيم صمت على مجلس العموم “المشكلة تبدأ من القمة، وأعتقد أن ذلك لن يتغير”.
لكن في نهاية كلمته، ترددت في القاعة صيحات “وداعاً بوريس”.