.القاهرة تعري الابتزاز السياسى لآبي أحمد شعبيا ودوليا
.القاهرة تعري الابتزاز السياسى لآبي أحمد شعبيا ودوليا
تتبلور أزمة سد النهضة نحو مسارات جديدة حملت كثير من الضجيج عبر تلك التصريحات الإثيوبية التى استهدفت اشتعال وتيرة الصراع بين أطراف الأزمة الثلاث،وذلك من أجل تغيير معطيات تلك القضية عقب اشتداد تطويق سياسة أديس أبابا بخط مصر الأحمر،الذى وضع طموحات آبي أحمد التى تكتنف هذا السد بعنق زجاجة،يحول دون منحه الفرصه لتكرار عملية الملء الأول للسد الذى باغتت به إثيوبيا دولتى المصب ،فى وقت انقلبت فيه إثيوبيا على مبدأ التفاوض الذى سلكته دولتى المصب لإقرار مرتكزات توافقية بشأن ذلك الخلاف الذى دب بين أطراف الأزمة حول مصالح كلا منهم، فهذا الشقاق التى أرست له التحركات الإثيوبية صنعت مسارا موازيا للأزمة تجلى بأعراض سياسية وأمنية بحتة،بدت بوادره على الصعيد الإقليمى بالوعد الذى قطعته السعودية على نفسها باجتماع مرتقب لمنظومة البحر الأحمر الذى من بينه مصر والسودان.
فالدولة المصرية أكدت مرارا وتكرارا على ضرورة حل تلك الأزمة وفقا للمسار الدبلوماسى،فلم يكن مناط ذلك عدم وجود بدائل لحلحلة ذلك الملف،بينما جاءت رغبة القاهرة متسقة كلية مع إبقاء حاضنتها الأفريقية منزوعة التدخلات،التى قد تجد من خلالها معسكرات الشر فرصة مواتية للتوغل بحماقة ضد الأمن القومى المصرى الذى يعد إرثا تاريخيا بتلك المنطقة،من واقع تلك الحركات التحررية التى استلهمتها دول الجوار الأفريقي من مصر منذ ستينات القرن الماضى،والتى سعت إثيوبيا لتشويهها من خلال وصم مصر بالرغبة الاستعمارية لنهر النيل عبر حفاظها على اتفاقيات المياه التى تحقق توازن الحقوق لدول حوض النيل، كمحاولة خبيثة لخروج دول حوض النيل على تلك الاتفاقية لمنح إثيوبيا اليد العليا وفق كونها دولة المنبع على حساب حقوق دول المصب،وسط دعم خارجى لا يخفى على أحد لإثيوبيا للزج بدولتى المصب بحرب للمياه بغرض فرض قواعد جديدة لإدارة نهر النيل ووضع تعريفات جديدة للحقوق المائية لدولتى المصب.
فإعلان الملء الثانى للسد من قبل إثيوبيا مع حلول موعده المقرر له بشهر يوليو المقبل،سوف يغير من أبعاد تلك الأزمة على الصعيد الدولى والإقليمى، وهذا ما حدث من قبل دولة السودان التى تبنت الرؤية المصرية للحل على أساس ضرورة وجود إطار قانونى ملزم لتلك القضية،والتى كان بحاجة إلى حصانة دولية لسد أى ثغرات من شأنها عدول الجانب الإثيوبى عن جوهر ضمانات عدم الإضرار لدولتى المصب ،ومن ثم جاءت دعوة السودان بتشكيل لجنة رباعية دولية تضم الإتحاد الأوروبى والإتحاد الإفريقى والولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب الأمم المتحدة لتتوسط رعاية الحوار بين البلدان الثلاث،مما يبرهن على نوايا ثنائية للقاهرة والخرطوم لتقنين الإستراتيجية الإثيوبية لتلامس خريطة التنمية بشكل حقيقي دون أن تكون شعارات رنانة فقط تقف خلفها المؤامرات والمكائد الخسيسة.
كفاءة سد النهضة لا تتجاوز ٣٠٪،مؤكدا أن إثيوبيا أنفقت أكثر مما يجب على هذا السد،ويضيف عبد العاطى أن هناك دلائل تؤكد ذلك من بينها إلغاء ٤ توربينات من أصل ١٦ توربينا،فيؤشر ذلك على عدم قدرتها على إنتاج الكهرباء،مستطردا أن إثيوبيا قامت بإنشاء خمس سدود من قبل إلى جانب سدود آخرى بنيت على النيل الأزرق ولم تعترض مصر،ويستكمل عبد العاطى حديثه ليؤكد أن إثيوبيا استهدفت تحقيق شو إعلامى من وراء الملء الأول للسد،معربا عن تقديره للموقف الخاص بعدم التنسيق بين إثيوبيا والسودان لتبادل المعلومات حول تشغيل سدودهما بأنه يخبئ أغراضا سياسية وليست فنية،منهيا حديثه بأن القاهرة تنتظر تحركات من قبل ترأس الكونغو للإتحاد الأفريقى لمواجهة الملء الثانى للسد.
ومن هذا المنطلق يمكننا الذهاب نحو محاولة القاهرة لخنق أساليب المماطلة الإثيوبية تجاه أزمة السد،لكى يلتفت المجتمع الدولى بعين التحقق والاستقصاء بشأن دراسات الجدوى الدولية والمكاتب الهندسية التى همشتها أديس أبابا لهذا السد،والتى كان من بينها دراسة استخدمت تكنولوجيا إيطالية حديثة عبر إرسال مجسات تصويرية إلى أسفل السد ،والتى أظهرت وجود كهوف وشقوق صخرية بمسافة لا تبتعد عن ١٥ مترا من جهة القاع،والتى بدورها ترجح تهدم السد خلال سنوات قليلة قادمة مع تفتيت صخور القاع،فحديث وزير الرى المصرى عن التوربينات الأربع التى عطلتها إثيوبيا هى التى تقع بالممر الأوسط للسد ،والتى تحدث عنها فى وقت سابق الخبير المائى عباس شراقى الذى أكد وجود صور فضائية حديثة تثبت عدم تجفيف ذلك الممر الأوسط من المياه التى تأتى من بحيرة تانا،مما يعطل معها إنشاء البنية التحتية التى بحاجة إلى ارتفاع يصل إلى ٣٠ مترا للتمهيد لعملية الملء الثانى للسد المقدرة ب١٣.٥ مليار متر مكعب من المياه،فمع حدوث ذلك نستطيع الجزم بوجود نية من قبل الدولة المصرية لقطع الطريق على هذا الإسفاف السياسى من قبل إدارة أبي أحمد لتلك الأزمة من أجل استمرار الابتزاز الشعبى والدولى الذى تمارسه إثيوبيا، لتحقيق مكاسب من ضمنها تجديد الصلاحية السياسية لنظام آبي أحمد عبر غض الطرف من قبل القوى الفاعلة عن انتهاكات النظام الإثيوبى ضد إقليم تيجراى الذى كان يحكم إثيوبيا قبل اعتلاء آبي أحمد لسدة الحكم،فكشف القاهرة لعورة السد يعد فى حقيقة الأمر كشف لفشل آبي أحمد تجاه تسييس الأزمة ضد أمن دولتى المصب.