أخبار العالم

المساعدات تُسرق والناس تجوع.. من يمنع الطعام عن غزة؟

المساعدات تُسرق والناس تجوع.. من يمنع الطعام عن غزة؟

سلطت صحيفة “وول ستريت جورنال”، السبت، الضوء على أزمة انعدام الأمن الغذائي المتفاقمة في قطاع غزة، مشيرة إلى أن شاحنات الغذاء والدقيق، التي لا تبعد سوى عشرة أميال عن أكثر من مليوني فلسطيني جائع، تواجه صعوبات هائلة تحول دون وصولها إلى مستحقيها، وسط تحذيرات من أن المجاعة باتت وشيكة.

وقالت الصحيفة، في تقرير موسع لها بعنوان: “لماذا لا يصل ما يكفي من الغذاء إلى غزة؟”، إن العقبة الأكبر أمام وصول المساعدات ليست نقص الشحنات بل انهيار القانون والنظام داخل القطاع، حيث تُنهب غالبية الشاحنات فور دخولها من قبل حشود يائسة أو مجموعات مسلحة تسعى لبيعها في السوق السوداء، ما يجعل المساعدات عرضة للفوضى ويمنع وصولها للفئات الأضعف مثل الأطفال والنساء وكبار السن.

وأضافت الصحيفة: “أن عمال الإغاثة الأمميين يواجهون مشاهد غير مسبوقة من اليأس”.

ونقلت عن أنطوان رينارد، مسئول برنامج الأغذية العالمي في غزة، أنطوان رينارد، قوله: “إن السكان يتدافعون فوق الشاحنات في محاولات يائسة للحصول على الطعام”، مؤكدًا: “لم أر شيئًا بهذا المستوى من اليأس طوال 20 عامًا في العمل الإنساني”.

تبادل الاتهامات بين دولة الاحتلال والأمم المتحدة وسط تصاعد الجوع
وأشارت الصحيفة إلى تبادل الاتهامات بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والأمم المتحدة بشأن أسباب الجوع، فبينما تتهم الأولى الأمم المتحدة بعدم توزيع المساعدات التي سمحت بدخولها، تؤكد الأخيرة أن دولة الاحتلال تفرض قيودًا شديدة على الحركة وتعرقل عمليات الإغاثة وتعرض طواقمها والمدنيين للخطر.

ورأت وول ستريت جورنال في السياق، أن جوهر الأزمة يكمن في النقص الحاد في الإمدادات الغذائية، بعد أن منعت دولة الاحتلال دخول معظم المساعدات والسلع التجارية منذ مارس، في إطار الضغط على حركة حماس، متهمة إياها بسرقة المساعدات لتمويل عملياتها، وهو ما تنفيه الحركة الفلسطينية.

وقالت منظمات الإغاثة إنها لم تلاحظ أي دليل على تحويل ممنهج للمساعدات.

95 % من شاحنات الغذاء تتعرض للنهب قبل بلوغ وجهتها
واعتبرت الصحيفة أن محاولات دولة الاحتلال لتخفيف الضغوط الدولية، من خلال الإسقاطات الجوية والإعلان عن “وقف مؤقت للقتال” وإنشاء ممرات إنسانية، لم تؤت ثمارها حتى الآن، إذ تُنهب ما يقرب من 95% من شاحنات برنامج الغذاء العالمي قبل بلوغ وجهتها.

وأكدت وول ستريت جورنال، نقلًا عن مسئول عسكري إسرائيلي، أن “العائق الحقيقي أمام وصول الغذاء لسكان غزة هو فشل وكالات الأمم المتحدة في استلامه وتوزيعه”، في حين ترى الأمم المتحدة أن عملياتها ما زالت تواجه عقبات أمنية ولوجستية خانقة، تشمل تدمير البنية التحتية، ونقص الوقود، واستمرار القتال.

وأفادت الصحيفة بأن التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي حذر، يوم الثلاثاء، من أن “أسوأ سيناريوهات المجاعة” بات يتحقق في غزة، في ظل انهيار شبكة توزيع الغذاء التابعة للأمم المتحدة منذ استئنافها العمل في 21 مايو.

منطقة عازلة وقواعد عسكرية تفصل المساعدات عن المدنيين
وقالت إن دولة الاحتلال تُسيطر حاليًا على نحو 70% من القطاع، وترغم السكان على التكدس في مناطق ساحلية ضيقة، مما يزيد صعوبة إيصال المساعدات التي تمر غالبًا عبر معبري زيكيم شمالًا وكرم أبوسالم جنوبًا، وتضطر لعبور مناطق عسكرية خطرة.

ونوهت الصحيفة إلى أن الفلسطينيين يجبرون في الشمال على التوغل في عمق مناطق القتال لاعتراض قوافل المساعدات، ما يعرضهم لنيران إسرائيلية مميتة، أما في الجنوب، فنقلت الصحيفة عن مسئولين مصريين، أن عصابات إجرامية تهاجم معظم الشحنات فور دخولها وتنهبها أو تبيعها بأسعار باهظة.

ونقلت وول ستريت جورنال عن الشاب محمد السعافين من دير البلح قوله: “نعم، تصل بعض المساعدات، لكن اللصوص يسرقون 90% منها ويبيعونها بأسعار جنونية.. إنها سرقة كاملة، لكن لا خيار أمامنا”.

12 شهيدًا إثر استهداف الاحتلال منتظري المساعدات وسط غزة
مؤسسة غزة الإنسانية مبادرة مثيرة للجدل مع انهيار شبكة الأمم المتحدة لتوزيع الغذاء
وأشارت الصحيفة إلى وجود قناتين حاليًا لتوزيع المساعدات: “مؤسسة غزة الإنسانية” التي تدار من قبل متعاقدين أمريكيين بدعم إسرائيلي، وتعمل في مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية، و”نظام الأمم المتحدة”، الذي لم يتمكن حتى الآن من استعادة فعاليته السابقة.

ولفتت إلى أن مؤسسة غزة الإنسانية لديها أربع نقاط توزيع، معظمها في الجنوب، ما يضطر السكان إلى قطع مسافات شاقة سيرًا أو عبر عربات بدائية للوصول، وأحيانًا يتعرضون لإطلاق نار من القوات الإسرائيلية.

وأضافت أن شبكة توزيع الأمم المتحدة كانت تضم أكثر من 200 موقع قبل الحرب، لكنها انهارت بالكامل، ولم تتمكن أي شاحنة تقريبًا من بلوغ المستودعات، في ظل رفض أو تعطيل 53% من طلبات تنسيق الحركة المقدمة لجيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة من 21 مايو وحتى 26 يوليو، بحسب بيانات مكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا).

وأشارت إلى أن عدد طلبات الحركة الموافق عليها ارتفع منذ الأحد الماضي، وهو ما أثار تساؤلات في أوساط منظمات الإغاثة حول سبب تيسير دولة الاحتلال الإسرائيلي للحركة في الوقت الحالي رغم تفاقم الأوضاع، وما إذا كانت تلك القيود المفروضة سابقًا ضرورية فعلًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى