الملء الثاني… كيف يؤثر على بحيرة السد العالي وما خطط مصر للمواجهة؟
الملء الثاني... كيف يؤثر على بحيرة السد العالي وما خطط مصر للمواجهة؟
توقع مستشار وزير الري المصري ورئيس قطاع مياه النيل السابق، أحمد بهاء الدين، ألا يؤثر الملء الثاني لسد النهضة بسعة 13.5 مليار متر مكعب في موسم الفيضان القادم، على المصريين.
وقال بهاء الدين،”لن يشعر به المواطن المصري، لأنه سيعوض من مخزون بحيرة السد العالي إذا كان فيضان النيل الأزرق أقل من المتوسط”.
وتابع بالقول: “إلا أن ذلك لا يعنى بأي حال من الأحوال موافقة مصر على إجراء هذا الملء بإرادة إثيوبية منفردة، ودون وجود اتفاق قانوني وملزم لملء وتشغيل السد”.
وأضاف: “مخزون المياه ببحيرة السد العالي يدار بشكل جيد ومتوازن، في السنوات السابقة؛ ووزارة الموارد المائية والري بذلت جهودا كبيرة، للحفاظ على قدرات تخزينية بالبحيرة، تساعد في مواجهة الجفاف، أو أي ظروف محتملة”.
وهذا الأمر، يجعل السعة التخزينية الاستراتيجية قادرة على استيعاب أي صدمات في العام المائي القادم؛ ويمكن بذلك تحمل النقص في الإيراد المائي، الذي قد ينجم عن الملء الثاني لسد النهضة لو أقدمت أثيوبيا عليه.
وأكد المستشار السابق بوزارة الري المصرية، أن استمرار الاعتماد على مخزون السد العالي، سيؤثر بالتأكيد على المخزون الاستراتيجي للمياه في الأعوام القادمة، إذا تواصل الجفاف، أو نقص إيراد النيل.
تبلغ السعة التخزينية لبحيرة السد العالي نحو 75 مليار متر مكعب؛ فيما يتوقع مراقبون أن يؤدي الملء الثاني لسد النهضة إلى نقص إيراد النيل إلى مصر بمقدار 9 مليارات متر مكعب.
وبالنسبة لخطط وزارة الري لتوفير احتياجات مصر من المياه، قال بهاء الدين: “بالإضافة للاعتماد على مخزون السد العالي في الظروف الطارئة، فإن الوزارة تتبع خططا طويلة الأجل لتوفير وتدبير احتياجاتنا من المياه، من خلال الاستخدام الأمثل لكل نقطة مياه لدينا”.
وتابع قائلا: “في هذا الصدد، فإن الدولة اتخذت العديد من الإجراءات لتوفير المياه المطلوبة للاستخدامات المختلفة، مثل المشروع القومي لتبطين التُرع، والذي يهدف لتوفير مياه الري؛ وكذلك الاستمرار في خلط مياه الصرف الزراعي بالمياه العذبة، وإعادة استخدامها والتوسع في ذلك، بحيث يعاد استخدام نقطة المياه ثلاث مرات”.
كذلك مشروع الري الحديث والتوسع فيه، بالتعاون مع عدة وزارات بالدولة، أيضا مشاريع تحلية المياه رغم ارتفاع تكاليفها.
وتضع الوزارة في الاعتبار، أن الخطط المعتمدة لهذه الإجراءات، هي خطة قومية طويلة الأمد، حتى عام 2050؛ وضعت بالتعاون مع مختلف الجهات بالدولة، لتحسين استخدام المياه والتوسع في التنمية.
استعدادات طويلة المدى
من جانبه، أوضح الناطق الرسمي لوزارة الري محمد غانم، خطط الوزارة لتحسين استخدام المياه وتقليل الفاقد
وقال”وزارة الموارد المائية والري قامت، خلال السنوات الخمس الماضية، ولا زالت تواصل العمل على تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى، والتي تهدف لترشيد استخدام المياه، ورفع كفاءة المنظومة المائية، وتعظيم العائد من وحدة المياه”.
من بين هذه المشروعات؛ المشروع القومي لتأهيل التُرع، بتكلفة تصل إلى 18 مليار جنيه (نحو 1.1 مليار دولار أميركي)، وتنتهي منتصف عام 2022 للمرحلة الأولى، وكذلك المشروع القومي للتحول من الري بالغمر لنظم الري الحديث، والذي يعد أحد أهم أدوات ترشيد المياه.
وذلك بخلاف المردود الاقتصادي الكبير على المزارعين والمتمثل في زيادة الربحية، وتطبيقات الري الذكي، والتي تسهم في تطوير وتيسير عملية الري وترشيد استهلاك المياه.
وأضاف غانم: “نعمل أيضا على تعظيم الاستفادة من مياه الصرف الزراعي، حيث تقوم مصر باستخدام مياه الصرف الزراعي، حتى درجة ملوحة 7000 جزء في المليون (وهي درجة ملوحة عالية)، ولكن يتم استخدامها نظر لما تواجهه مصر من شح مائي حاد”.
ومن أهم هذه المشروعات أيضا؛ مشروع “المحسمة”، الذي تم الانتهاء من تنفيذه، ومشروع “بحر البقر” بشرق الدلتا، ومشروع “محطة الحمام” بغرب الدلتا، الجاري تنفيذهما.
تصر إثيوبيا على تنفيذ الملء الثاني لسد النهضة، دون التوصل إلى اتفاق مع مصر والسودان، حول قواعد الملء والتشغيل. ودعا رئيس وزراء السودان نظيريه المصري والإثيوبي لعقد لقاء، لبحث سبل التوصل لاتفاق بين الدول الثلاثة، قبل موعد الملء الثاني.
بدأت إثيوبيا في بناء سد النهضة على النيل الأزرق، في عام 2011 بهدف توليد الكهرباء، وتخشى مصر من تأثير السد على حصتها البالغة 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل؛ فيما تخشى السودان من تأثير السد على السدود السودانية على النيل الأزرق.
ووقعت الدول الثلاثة اتفاق مبادئ، في ربيع عام 2015، يحدد التفاوض سبيلا للتوصل إلى اتفاق، وحل أي خلافات تنشأ بين الدول الثلاث، لكن فشلت جولات المفاوضات كافة، منذ ذلك الحين، في التوصل إلى اتفاق ملزم بينها.