لا تريد الولايات المتحدة الأمريكية، إنهاء الحرب في أوكرانيا الآن، فهى فرصة جيدة لاستمرار استنزاف الدب الروسي، بحرب مباشرة على حدوده ولأطول مدى ممكن، في ظل العداء التاريخي بين روسيا والغرب.
وليس جديدًا، أن كل الخبراء الغربيين ودوائر صنع القرار في الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، يرون حرب أوكرانيا، فرصة لن تتكرر للنيل من الدب الروسي وإصابته بالشلل إن أمكن، وهو لا يستطيع الخروج من كييف.
المؤكد وفق شواهد عديدة، أن الحرب في أوكرانيا قد تستمر ما بين عامين إلى ثلاثة، ولن تكسبها روسيا كما لن تخسرها أوكرانيا، ولكن لعبة “جحيم” وخسائر لآلاف من الجنود الروس وعشرات من الجنرالات في حرب عبثية الجميع يعرف نتيجتها حتما.
وخلال الأسبوع الماضي، ترددت في الآفاق عبر تصريحات مباشرة من الرئيس بوتين إنه يوافق على خطة سلام، لكن الغرب كاملا وفي المقدمة بايدن تجاهل هذا تمامًا، ولم يرد على بوتين إلا بالسخرية وتقليل جدية هذا العرض.
وجاء الرد من زيلينسكي، بأن على الروس سحب كل قواتهم من كييف قبل الحديث عن سلام؟! وهذه سذاجة لا يمكن أن تمر على الرئيس بوتين، فماذ يعني انسحابه الآن؟ وما الذي سيكون قد حصل عليه بعد فقد كل هذه الأرواح في حرب أوكرانيا والاقتصاد الروسي، الذي انعزل عن العالم أو الغرب بشكل كبير وتعرض لضرر جسيم؟.
الواضح، أن لعبة الإيقاع ببوتين استهوت الرئيس الأمريكي تمامًا، ويراها فرصة لتصفية حسابات مع موسكو، ويأخذ الغرب وراءه. فكل “الآمال معلقة” والحرب كذلك مفتوحة، فلا حسم في طلبات أوكرانيا بعد كل الدمار الذي لحق بها، في الانضمام للاتحاد الأوروبي ولا حسم في تلبية طلبها بالانضمام لحلف الناتو. كل الطلبات تبدو مؤجلة لاستمرار المناداة بها والحرب على الناحية الأخرى لا تزال مشتعلة ولا نهاية لها.
واذا كان قد تمت الموافقة، على تزويد أوكرانيا بدبابات غربية ما بين 120-140 دبابة غربية حديثة، ستتدفق إلى كييف الفترة القادمة، فإن البتّ في تزويدها بمقاتلات f16 غير واردة تمامًا الآن. ورد بايدن بوضوح عندما سئل عن ذلك وبعده ألمانيا جاء بـ “كلا”، بالرغم من أن تزويدها بمقاتلات أمر حيوي للحرب وإمكانية حسمها، لأنها ستتمكن ضرب الروس ومجاراتهم وبل وإمكانية ضرب العمق الروسي ذاته، لقطع خطوط الإمداد.
على الناحية الأخرى من الجحيم، الذي تعيشه أوروبا بعد قطع إمدادات الغاز الروسي، وبعد انفجار فاتورة الحرب الروسية الأوكرانية، تبدو الولايات المتحدة الأمريكية شيئا آخر تمامًا بالنسبة لاقتصادها، ورغم إعلان الفيدرالي الأمريكي استمرار التضخم – ارتفاع سعر السلعة – مرتفعا وإنه سيحاربه بمزيد من قرارات رفع سعر الفائدة، وصلت ثماني مرات خلال عام واحد، فإن الاقتصاد الأمريكي يبدو مزدهرًا مقارنة بكل الآخرين حتي في الغرب.
وأظهر أخر تقرير اقتصادي نشرته رويترز، تراجع طلبات إعانة البطالة في الولايات المتحدة بأقل من المتوقع.
ووفق التقرير، فقد تراجع عدد الأمريكيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانة البطالة، على نحو غير متوقع الأسبوع الماضي، والأسابيع السابقة له، بآلاف الطلبات، كما لاتزال سوق العمل في الولايات المتحدة قوية بالرغم من زيادة تكاليف الاقتراض وزيادة المخاوف من الركود.
وخلال الأسبوع المنتهي في 21 يناير، أكدت وزارة العمل الأمريكية، أن عدد طلبات إعانة البطالة في الولايات المتحدة تراجع بمقدار 6 آلاف طلب أسبوعيا في مثل هذه الفترة من العام.
ونشرت الصحف المصرية، قبل يومين تقريرا لصحيفة ذا هيل، تؤكد فيه أن الاقتصاد سيكون سلاح بايدن لخوض انتخابات 2024، وأن الرئيس الأمريكى يسعى للاعتماد على “الرسائل الاقتصادية” فى إطلاق حملة إعادة ترشحه للرئاسة خلال الأسابيع المقبلة، وأبرز أدواته في ذلك زيادة الوظائف في الولايات المتحدة ورفع الأجور وتباطؤ التضخم.
والخلاصة.. الإدارة الأمريكية بقياد بايدن تتبنى نهجا وحشيًا، ففى الداخل الأمريكي البحث عن الجنة والازدهار بكل ما يمكن، والأرقام تؤكد ذلك وفي الخارج حتى مع “الغرب الحليف” فإن الجحيم لهم وأوكرانيا.