اعداد/جمال حلمي
نشرت جريده هآرتيس بالعربي مقاله بعنوان بعد ان تصمت المدافع، ستندلع الحرب الحقيقية
بعد أن تصمت المدافع، ربما سيرحل السياسيون الذين جلبوا لنا الكارثة، وربما يختفي يحيى السنوار وشلته من حياتنا، لكن، نحن سنبقى.
سنبقى مع الكراهية. التي حلت بعد السابع من أكتوبر، كان من الممكن الرد بطريقة ما. من الآن فصاعدا سوف تحدد الكراهية وجودنا هنا. الكراهية لكل من هو ليس نحن، الشعب المختار. لكل من ينتمون “إليهم”، العرب، الشعب الذي حُكم علينا بالعيش معه وبجانبه والذي لن يذهب إلى أي مكان. وسنورث هذه الكراهية إلى الأجيال القادمة.
سنبقى مع أولئك الذين يحقرّون الرموز المقدسة للديانات الأخرى باسم يهودية متعصبة اخترعوها هم أنفسهم، يستغيثون “شماع إسرائيل” (إسمع إله بني إسرائيل) من مكبرات المساجد، وكأنها ليست صلاة مقدسة بل قذيفة هاون، يعيشون خرابًا في الحي الإسلامي، يحرقون أشجار الزيتون والمأوى ورعاة الأغنام. وسنبقى مع من يدعمونهم في القنوات التلفزيونية وفي أروقة الحكومة، ولا، ليس فقط في القناة 14 (قناة اليمين المتطرف في إسرائيل –وسنبقى مع الحقيقة المُقيتة التي رفع الكذب رأسها، كذب لا يعتذرون عنه ولا يدفنون رؤوسهم في العار بسببه، بل يكررونه. للكذب آباء كثيرون، بعضهم يجلس في كابينت الحكومة وفي أروقة الكنيست وفي قنوات البث وفي كل أنحاء العالم البديل الذي تم إنشاؤه، “السوشيال ميديا”.
سنبقى مع الجنود الذين فقد بعضهم القدرة على عدم إطلاق النار، يمتثلون بدون تفكير لتعليمات إطلاق النار، بإيحاء من القادة الذين احتضنوا قبل سبع سنوات إيليئور عزاريا وجعلوا منه بطلَ إسرائيل.
سنبقى مع مجتمع يعتبر الصفة “إنساني” مسبة وشتيمة، أما “التأكد من القتل” وصية توراتية.?
سنبقى مع العالم الذي نسي سبب مجيئنا إلى هنا، والذي بنظره المحرقة أصبحت فصلا منسيًا في التاريخ، وبنظره نحن بلطجيو حارة عنيفون. سنبقى مع الهاذين الذين لن يرتاحوا في الطريق إلى الهدف المنشود: دولة نقية العرق من البحر إلى النهر. مع تغلغل السم الفاشي إلى عروق المجتمع، يدمر فيه كل ذرة تنوير فيه. مع الحرب الدينية التي يفرضها علينا ضباط مشبعون بالنار المسيحانية، وحاخامات يدعون باسم اليهودية عبثا، مع فرسان هوية يهودية قسرية ومتخلفة.
سنبقى مع اليأس. سنبقى مع الألم الذي لا نهاية له ولأمواتنا الذين سيستمرون في الموت عبثا. سنبقى مع توقع الحروب المستقبلية.
إن كارثة السابع من أكتوبر لن يُحكم اغلاقها في الذاكرة التاريخية. هذه الكارثة هي الانفجار الكبير الذي تخرج منه إسرائيل مختلفة. ربما بعدها ستبدأ الحرب الحقيقية: الحرب على صورة الدولة. ربما ستكون الجماهير التي ملأت شارع كابلان أسبوعًا بعد أسبوع جيشها الجديد. الوحدة “معًا” المعاصرة هي طبقة رقيقة هشة. في “الساعة السادسة” بعد هذه الحرب، ستبدأ الحرب الحقيقية، التي ستقرر هل سينهض البيت الثالث أم يسقط.