بعد حكم محكمة لاهاي الاتحاد الأوربي يطلب من إسرائيل تنفيذ الحكم
بعد حكم محكمة لاهاي الاتحاد الأوربي يطلب من إسرائيل تنفيذ الحكم
اعداد/جمال حلمي
الاتحاد الأوروبي يحث على تنفيذ حكم محكمة العدل الدولية؛ وجنوب أفريقيا وحماس وقطر وتركيا يشيدون بالقرار.
الولايات المتحدة تؤكد أن ادعاءات الإبادة الجماعية لا أساس لها من صحة، وتقول إنها مثل المحكمة تضغط على إسرائيل بشأن مقتل المدنيين والمساعدات والتعليقات التحريضية؛ حماس: الحكم يساهم في عزل إسرائيل.
قال الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة إنه يريد التنفيذ “الفوري” لحكم محكمة العدل الدولية الذي يقضي بضرورة منع إسرائيل أعمال الإبادة الجماعية في غزة، في حين كررت الولايات المتحدة تأكيدها على أن مزاعم الإبادة الجماعية التي وجهتها جنوب أفريقيا “لا أساس لها من الصحة”.
وقال الاتحاد الأوروبي إن “أوامر محكمة العدل الدولية ملزمة للأطراف ويجب عليهم الالتزام بها.
يتوقع الاتحاد الأوروبي تنفيذها الكامل والفوري والفعال”.
وقال المتحدث بإسم وزارة الخارجية الأمريكية لتايمز أوف إسرائيل: “ما زلنا نعتقد أن مزاعم الإبادة الجماعية لا أساس لها من الصحة، ونشير إلى أن المحكمة لم تتوصل إلى نتيجة بشأن الإبادة الجماعية أو تدعو إلى وقف إطلاق النار في حكمها، وأنها دعت إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن الذين تحتجزهم حماس”.
وأضاف إن “حكم المحكمة يتوافق مع وجهة نظرنا بأن لإسرائيل الحق في اتخاذ إجراءات لضمان عدم تكرار الهجمات الإرهابية التي وقعت في 7 أكتوبر، وفقا للقانون الدولي”.
وأضاف البيان الأمريكي، “لقد أوضحنا باستمرار أن إسرائيل يجب أن تتخذ جميع الخطوات الممكنة لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، وزيادة تدفق المساعدات الإنسانية، والتصدي للخطابات اللاإنسانية”، في إشارة على ما يبدو إلى قرار المحكمة الذي يأمر إسرائيل باتخاذ خطوات عاجلة لمعالجة الوضع الإنساني المتدهور في غزة إلى جانب التعليقات التحريضية من قبل مشرعيها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية إن الولايات المتحدة تعترف “بالدور الحيوي” الذي تلعبه محكمة العدل الدولية في التسوية السلمية للنزاعات، وأضاف أنها ستواصل مراقبة الإجراءات.
وكما هو الحال مع الاتحاد الأوروبي الذي تعد ألمانيا عضوا فيه، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن إسرائيل “يجب أن تلتزم” بحكم محكمة العدل الدولية، لكنها قالت أيضا إن على حماس إطلاق سراح الرهائن المتبقين.
وأضافت بيربوك: “في الوقت نفسه، أوضحت المحكمة أن نشاطات إسرائيل في غزة تأتي في أعقاب الإرهاب الهمجي الذي وقع في 7 أكتوبر، وذكّرت بأن حماس ملتزمة أيضًا بالقانون الإنساني الدولي ويجب عليها إطلاق سراح جميع الرهائن. سندعم هذا بكل قوتنا، وكذلك الإجراء الذي أمرت به إسرائيل للسماح بشكل عاجل بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة”.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت ألمانيا أنها ستتدخل كطرف ثالث ضد القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية. ومن المقرر أن تقدم برلين قضيتها إلى المحكمة بأن إسرائيل لم تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية ولم ترتكب أو تنوي ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.
وفي الوقت نفسه، أشادت الحكومات الداعمة للقضية الفلسطينية في جميع أنحاء العالم بقرار محكمة العدل الدولية يوم الجمعة بالمضي قدماً في القضية التي تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة، رغم عدم حكم لاهاي بوقف فوري لإطلاق النار كما كانت تأمل العديد من تلك الأطراف.
وأشادت جنوب أفريقيا، التي رفعت القضية ضد إسرائيل، بالقرار ووصفته بأنه “انتصارا حاسما لسيادة القانون الدولي ومنعطفا مهما في السعي لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني”.
وقالت وزارة خارجية جنوب أفريقيا في بيان إن “الدول الثالثة على علم الآن بوجود خطر جدي بوقوع إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة”.
“وهذا يفرض بالضرورة التزاما على جميع الدول بوقف تمويل وتسهيل الأعمال العسكرية الإسرائيلية، التي تعتبر إبادة جماعية”.
وقال وزير العدل في جنوب أفريقيا رونالد لامولا لرويترز في مقابلة إن بلاده تأمل في امتثال إسرائيل للأمر الذي أصدرته محكمة العدل الدولية اليوم الجمعة بأن تتخذ إسرائيل خطوات لمنع أعمال الإبادة الجماعية في الحرب في قطاع غزة.
وأَضاف لامولا لرويترز على هامش اجتماع لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم: “نعتقد أن الرئيس السابق نيلسون مانديلا سيبتسم في قبره بصفته أحد المدافعين عن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية”.
وعلقت اللجنة التنفيذية الوطنية لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي اجتماعا لمشاهدة البث من المحكمة، وأظهرت لقطات حية من الحدث شخصيات بارزة في الحزب والحكومة تحتفل.
وقام رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوسا والمجلس الحاكم لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي بالهتاف والغناء والرقص بعد أن قرأ القضاة الأمر. وكان من المقرر أن يلقي رامابوسا كلمة حول الحكم في وقت لاحق الجمعة.
وقالت السلطة الفلسطينية إن الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا للأمم المتحدة يظهر أنه “لا توجد دولة فوق القانون”.
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي: “إن القرار المصيري لمحكمة العدل الدولية يذكر العالم بأن لا دولة فوق القانون، وبأن العدل يسري على الجميع ويضع حدا لثقافة الإجرام والإفلات من العقاب لإسرائيل”.
ورحبت حركة حماس التي تتولى السلطة في غزّة منذ 2007، بقرار محكمة العدل الذي وصفته بأنه “تطور مهم يُسهم في عزل إسرائيل”.
وقال المسؤول الكبير في حماس سامي أبو زهري إن القرار يساهم في فضح جرائم إسرائيل في غزة.
وأضاف: “دعو لإلزام الاحتلال بتنفيذ قرارات المحكمة”.
ودعا وزير الخارجية الإيراني إلى تقديم السلطات الإسرائيلية إلى العدالة.
وقال الوزير حسين أمير عبد اللهيان على منصة إكس ” اليوم الجمعة إن سلطات النظام الإسرائيلي الزائف… لا بد أن تمثل أمام العدالة على الفور لارتكابها الإبادة الجماعية وجرائم حرب غير مسبوقة بحق الفلسطينيين”.
ورحبت قطر، التي تستضيف قادة حماس السياسيين والتي عملت كوسيط رئيسي بين الحركة وإسرائيل منذ اندلاع الحرب، بالحكم.
قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان: “اعتبر قرار الأمر القضائي المؤقت الذي اتخذته محكمة العدل الدولية بشأن الهجمات اللاإنسانية في غزة قرارا قيما وأرحب به”.
وأضاف: “نأمل أن تنتهي هجمات إسرائيل على النساء والأطفال والمسنين”.
كما رحبت إسبانيا، وهي واحدة من أكثر الأصوات المنتقدة في أوروبا للهجوم الإسرائيلي ضد حماس، بالقرار أيضا.
قال رئيس الوزراء الاشتراكي الإسباني بيدرو سانشيز: “سنواصل الدفاع عن السلام وإنهاء الحرب والإفراج عن الرهائن والوصول إلى المساعدات الإنسانية وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل حيث يتعايش البلدان بسلام وأمن”.
ورحبت الخارجية السعودية بالحكم وأكدت “الرفض القاطع لممارسات الاحتلال الإسرائيلي والانتهاكات لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية”.
وقال محامي حقوق الإنسان ريد برودي: “محكمة العدل الدولية لم تعط جنوب أفريقيا كل ما أرادت، لكن الحكم يأتي تأكيدا على دوافع القضية، وإدانة قوية للسياسة الإسرائيلية”.
وأضاف: “الأهم من ذلك، بغض النظر عما قد تقوله الحكومة الإسرائيلية، فإن هذا الأمر الملزم سيضغط على إسرائيل، بشكل مباشر ومن خلال حلفائها، لإنهاء العقاب الجماعي لشعب غزة والسماح بالمساعدات الإنسانية”.
وقضت محكمة العدل الدولية بأن بعض تصرفات إسرائيل في قطاع غزة خلال الحرب المستمرة ضد حماس يمكن أن تندرج ضمن شروط اتفاقية الإبادة الجماعية، وقالت إنه يتعين عليها بالتالي اتخاذ سلسلة من الإجراءات لتجنبها، فضلا عن منع ومعاقبة التحريض على الإبادة الجماعية في إسرائيل.
لكن لم تأمر محكمة العدل الدولية إسرائيل بوقف فوري لإطلاق النار من جانب واحد، وهو ما كان سيشير إلى أن المحكمة تعتقد أن الإبادة الجماعية قيد التنفيذ.
والأهم من ذلك، لم تستخدم المحكمة كلمة “الكف” في قرارها، وهو ما كان سيشير أيضًا إلى أنها تعتقد أن الإبادة الجماعية تحدث بالفعل. وأكد القرار عدة مرات أنه ليس قرارا بشأن الأسس الموضوعية لادعاءات جنوب أفريقيا بالإبادة الجماعية.
وعلى الرغم من أن هذا يخفف من ضرر الأوامر الصادرة ضد إسرائيل، إلا أن قبول المحكمة بوجود معقولية لبعض ادعاءات جنوب أفريقيا قد يتسبب في الإضرار بسمعة إسرائيل وجهودها الدبلوماسية.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ردا على الحكم إن “قرار المحكمة بعدم أمر إسرائيل بإعلان وقف فوري لإطلاق النار يعني أنها رفضت ادعاء جنوب أفريقيا بأنه ليس لها الحق في الدفاع عن نفسها من الفظائع التي ارتكبتها حماس في 7 أكتوبر، والتي أشعلت الحرب الحالية”.
إلى جانب الأمر “باتخاذ جميع التدابير في حدود سلطتها” لمنع الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل على وجه التحديد بضمان عدم قيام الجيش الإسرائيلي بأعمال إبادة جماعية (15 صوتًا مقابل 2)؛ منع ومعاقبة التحريض على الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين (16 إلى 1)؛ اتخاذ تدابير عاجلة للتخفيف من الوضع الإنساني “السيئ” في غزة (16 إلى 1)؛ منع تدمير الأدلة المتعلقة بادعاءات ارتكاب أعمال الإبادة الجماعية (15 إلى 2)؛ وتقديم تقرير إلى المحكمة خلال شهر واحد بشأن القضايا المنصوص عليها في الأمر (15 إلى 2 ) ؛
وقررت المحكمة أن التعليقات العديدة والتحريضية التي أدلى بها بعض كبار المسؤولين الإسرائيليين، والتي يمكن تفسيرها على أنها تأييد لتعمد إيذاء المدنيين، أعطت معقولية لادعاءات جنوب أفريقيا بأن إسرائيل لديها نية الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة في الصراع الحالي.
وصوت القاضي أهارون باراك، القاضي الخاص الذي عينته إسرائيل في هيئة محكمة العدل الدولية (كما هو حق كل طرف في الإجراءات)، ضد الأمر الذي يقضي بضرورة أن تتخذ إسرائيل خطوات لمنع الإبادة الجماعية، لكنه صوت لصالح الأمر الذي يلزم إسرائيل باتخاذ خطوات ضد التحريض على الإبادة الجماعية وتقديم المساعدات لغزة للتخفيف من الظروف الإنسانية القاسية في القطاع الساحلي