المزيد

«حارس الملك» يكشف أسرار نهاية عصر «فاروق»

«حارس الملك» يكشف أسرار نهاية عصر «فاروق»

في لحظاتٍ فارقة من تاريخ الشعوب، لا تُروى الحقيقة الكاملة في كتب السياسة، بل في شهادات من عاشوا التفاصيل. ومن بين أولئك، يقف الدكتور عبد المنعم جنيد، الحارس الشخصي للملك فاروق، كشاهد نادر على نهاية عهد ومرحلة فاصلة في تاريخ مصر. لم يكن مجرد حارس، بل رفيق اللحظات الصامتة، والمُرافق الأقرب في لحظة التنازل والرحيل.

◄ شهادة الحارس

ولد عبد المنعم جنيد في كنف الانضباط العسكري، وارتبط اسمه بالحراسة الملكية في وقتٍ كانت فيه مصر تمرّ بتحولات دراماتيكية. كان عينه على الملك، وسمعه في لحظات السكوت، ويده حين يتطلب الأمر الحسم. وحين حلَّ صيف 1952، كان واحدًا من قلائل رأوا الملك فاروق في أكثر لحظاته الإنسانية .

يقول جنيد عن الملك فاروق: «كان رجلاً نبيلاً، شرقيًا متدينًا، وطنيًا حتى النخاع، يُقيم مقرأة رمضانية في قصر عابدين، ويؤدي صلاته بانتظام. لم يكن سكيرًا ولا زير نساء كما ادّعى خصومه، كان يقضي وقته بين القراءة ولعب الورق في نادي السيارات».

◄ يد الملك كانت ترتعش

وأكد «جنيد» أن «فاروق» رفض إراقة دماء المصريين، ورفض عرضًا من السفارة البريطانية بالتدخل العسكري، صباح يوم الثورة، وفي 26 يوليو 1952، دخل المستشار سليمان حافظ إلى قصر المنتزه ومعه وثيقة التنازل عن العرش.

وتابع: «يقال إن يد الملك كانت ترتعش، لكنها لم تكن كذلك. الطاولة فقط كانت منخفضة. بل طلب أن يوقّع على طاولة أعلى حتى لا يُقال إن التوقيع غير شرعي.. لم يكن خائفًا، بل كان يُفكر بمصر، ويضع وحدتها فوق عرشه».

◄ وداع من قصر المنتزه إلى المحروسة
وأضاف: «جهزنا 27 حقيبة فقط، بملابس صيفية. تركنا الشتوية بالقاهرة، وكأننا سنعود. صعدنا إلى اللنش في تمام الموعد، وكان الملك دقيقًا لا يتأخر ثانية. قال: لا بد أن أحافظ على موعد مغادرتي.. وفي عرض البحر، ظهر مشهد غير متوقع، لحق بنا اللواء محمد نجيب وبعض الضباط، لتحية الملك. استقبلهم بابتسامة وقال لهم: أرجو لكم التوفيق في مهمتكم الصعبة ثم أطلقت المدفعية البحرية التحية الأخيرة من خلفنا».

◄ المياه الدولية

عند دخول المياه الإيطالية، حيّا الأسطول السادس الأمريكي يخت المحروسة.. في تلك اللحظة، تحدثت معي الأميرة فريال، وكانت حزينة. قلت لها: إن شاء الله ترجعوا تاني مصر، فقالت: هو فيه ملك خرج ورجع تاني؟

◄ اللحظة الأصعب

وأضاف حارس الملك: «قبل الوصول إلى نابولي، جمعنا الملك، وقال: لو احتجتم حاجة قولوا لي، وإن شاء الله تكونوا مبسوطين.ثم ودّعنا فردًا فردًا. لكن حين دخل حجرته، بكى بحرقة. لم يصرّح، لم يصرخ، فقط بكى، لأنه يترك مصر التي أحبها حتى آخر لحظة».

وتابع: «طلب منّا ألا تُلتقط له أية صور عند الوصول. غطينا المحروسة بالكامل، ونزل الملك وأسرته إلى عرض البحر في لنش يملكه صديقه الإيطالي بوسيتّي. سلّم علينا مرة أخرى وكان في حالة نفسية شديدة الصعوبة».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى