دراسة إسرائيلية تحذر من خطر “ميليشيات أردوغان” المسلحة
دراسة إسرائيلية تحذر من خطر "ميليشيات أردوغان" المسلحة
نشر ”مركز القدس للاستراتيجية والأمن“، اليوم الثلاثاء، مقالة مشتركة للخبير في الشأن التركي، حاي ايتان كوهين ياناروغك، والخبير في الشؤون العربية والجماعات الإسلامية، جوناثان سباير، هي خلاصة دراسة أعداها حول الخطر الذي تمثله ”ميليشيات أردوغان“ المسلحة، التي تشكلت في السنوات الأخيرة.
وجاء في التقرير، أن الفوضى التي شهدتها المنطقة على خلفية أحداث ”الربيع العربي“ في السنوات الأخيرة، أفرزت عنصرا إشكاليا إضافيا ينبغي التصدي إليه، إضافة إلى الخطر الإيراني، إذ تشكل الإدارة التركية وعلى رأسها الرئيس رجب طيب أردوغان، تحديا كبيرا لجاراتها، مستغلة وضعها الدولي المهم وعضويتها في حلف ”الناتو“.
وقدر الخبيران الإسرائيليان أن التركيز الإقليمي والدولي على الخطر الإيراني، كونه عنصرا يهدد بزعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، تسبب في عدم التطرق بالقدر المناسب لعنصر آخر يشكل الخطر ذاته، على الرغم من أن هناك حاجة ملحة للعمل من أجل وقفه، إذ يجري الحديث عن الميليشيات المسلحة الخاصة التي شكلها ويرعاها النظام التركي، ويستعين بها من أجل قمع معارضيه في الداخل، فضلا عن عمليات تنفذها في الخارج.
وحسب التقرير، فإن العقد الأخير شهد قيام الرئيس التركي بتشكيل شبكة من الميليشيات الخاصة تضم مقاتلين سوريين، دورها هو المساهمة في تطبيق خطته الكبرى لإعادة النفوذ التركي على الأراضي التي كانت تعد ضمن الإمبراطورية العثمانية سابقا، ويجري الحديث عن مناطق تضم أراضي السلطة الفلسطينية وسوريا وحتى القوقاز.
ويستغل النظام التركي هذه الميليشيات من أجل قمع معارضيه في الداخل، أو لتنفيذ عمليات خارجية، وهو أمر يحمل تداعيات كبيرة على استقرار الشرق الأوسط، وعلى مستقبل الديمقراطية التي تحطمت في تركيا.
وفي السنوات الخمس الماضية، أرسلت تركيا قوات مسلحة إلى شمال سوريا وشمال العراق، ودعمت حركة ”حماس“ في غزة، ودخلت في مناوشات مع اليونان وقبرص، كما دعمت عسكريا حليفها القطري، وحليفتها أذربيجان، وكذلك تدخلت في ليبيا، متسببة في حالة من الانقسام وعدم الاستقرار.
إحياء الإمبراطورية
ويعتقد الخبيران أن دور الميليشيات المشار إليها هو منح الرئيس التركي مخزونا كبيرا من الموارد البشرية الأجنبية المجهزة والمدربة جيدا، والتي يسهل للغاية نشرها في أي مكان، معتبرة أداة لتسليط الضوء على القوة التركية وفي الوقت نفسه يمكن لأنقرة أن تنفي صلتها بها.
ويحاول أردوغان، عبر الاستعانة بهذه الميليشيات الأجنبية، تقليص الضغط الداخلي ضد المؤسسة العسكرية في عملياتها خارج البلاد، لأنه يسهل استدعاء الجنود النظاميين لتنفيذ مهمات في دول مثل سوريا والعراق بزعم حماية الأمن القومي، بيد أنه من الصعب الترويج داخليا لمسألة إرسال جنود الجيش التركي إلى ساحات أخرى بعيدة، ومن ثم أراد أردوغان تحقيق إنجازات عسكرية في ساحات منها ليبيا أو إقليم ناغورني قره باغ، من دون سقوط جندي نظامي واحد.
وتسير السياسات الخارجية التركية في اتجاه كونها أشبه بمنظومة علاقات عامة تخدم صورة أردوغان ونظامه، ودلل المركز على ذلك بملف الطائرات التركية المسيرة التي يزج بها في عمليات عسكرية في سوريا أو ليبيا أو القوقاز، فضلا عن بناء قواعد عسكرية في أنحاء المنطقة ونشر قوات عسكرية تركية كمراقبين في إقليم ناغورني قره باغ.
ويوجه أردوغان عبر الخطوات المشار إليها رسائل واضحة للشارع التركي، بأن أنقرة تواصل طريقها نحو إحياء الإمبراطورية العثمانية، وتعود إلى وضعها الإقليمي المناسب، ولديها تأثير داخل حدود الإمبراطورية السابقة، ورأى المركز أن السياسات الخارجية التي يمكن وصفها بـ ”السياسات العثمانية الجديدة“ تستقطب التيارات الإسلامية.
ضباط سابقون
ولفت المركز إلى أن الميليشيات التركية تقوم بالأساس على ضباط كبار سابقين كانوا قد أقيلوا من الجيش التركي في وقت سابق قبل إعادتهم للعمل عبر قنوات غير رسمية، مثل العميد (احتياط) عدنان تانريفردي (76 عاما) والذي تم تعيينه مستشار أردوغان لشؤون الأمن القومي، عقب محاولة الانقلاب عام 2016، ويعد شخصية مركزية في منظومة الميليشيات التركية.
وتابع أن تانريفردي، الضابط السابق في سلاح المدفعية، أسس عام 2012 شرطة خاصة للاستشارات الأمنية ”SADAT Defense“، هو و22 ضابطا سابقا تم طردهم من الجيش في الماضي، وهذه الشركة هي الشركة الخاصة الوحيدة في تركيا، وهي الكيان المسؤول عن الحروب غير النظامية التي تشارك فيها تركيا عبر أذرعها، وعن تجنيد وتأهيل العناصر الإسلامية التي تشارك في عمليات لخدمة أردوغان.
وتجند تركيا الموارد البشرية لصالح العمل داخل هذه الميليشيات من داخل منظومة اللاجئين السوريين الذين اضطروا لترك بلدهم أو الذين يعيشون في شمال سوريا في المناطق التي تسيطر عليها القوات التركية النظامية.
وحسب المركز، فإن الشركة المشار إليها تعمل بالتعاون مع ما يسمى الجيش الوطني السوري (SNA)، الذي تسيطر عليه تركيا، وهي المسؤولة عن تجنيد وتدريب المقاتلين، مضيفا أن الجيش الوطني السوري والذي يسمى أحيانا الجيش السوري التركي الحر (TFSA)، هو نتاج محاولة تركية لتحويل بعض الميليشيات المتمردة في سوريا إلى قوة عسكرية نظامية، إذ يضم اليوم قرابة 80 إلى 100 ألف مقاتل.
قلق إسرائيلي
وعقب تجنيدهم يتم إرسال المقاتلين السوريين إلى تركيا عبر المعابر الحدودية، وهناك يحصلون على الجنسية التركية، ويشاركون في مهمات مع السلطات التركية قبل نقلهم إلى جبهات قتالية مختلفة تحتاج تركيا إلى تحقيق أهدافها هناك، وفي الوقت نفسه يمكن لتركيا أن تنفي صلتها بهم.
وأشار المركز إلى أن الأجهزة الأمنية في إسرائيل انتبهت إلى أن شركة ”SADAT Defense“، قد تكون أيضا القناة التي تعمل على التواصل مع حركة ”حماس“ في غزة، إذ اتهمها جهاز الأمن العام الإسرائيلي ”الشاباك“ عام 2018 بنقل أموال للحركة، وأوقف الأمن الإسرائيلي محاضرا تركيا يدعى جمال تكلي بتهمة تبييض الأموال وتم طرده من إسرائيل، بعد اعترافه بأن الشركة تساهم بشكل فعال لتعزيز قدرات ”حماس“ العسكرية.
وبين أن ”نظام أردوغان يحتفظ بعلاقات أيضا مع كيانات عسكرية أخرى، وأن هذا الوضع ينبغي أن يتغير، إذ يتحتم على منطقة الشرق الأوسط أن تتحرر من ظاهرة الميليشيات المسلحة التي شكلها أردوغان، والتي تشكل عنصرا مزعزعا للاستقرار بالمنطقة“.