أحبه النبي ورفع مكانته وزوجه ابنته ولقبه بـ”أبى تراب”.. الإمام باع درعه ليتزوج فاطمة.. اتسم بالبلاغة والشجاعة فى الحرب.. قتله الخوارج.
ويختلف العلماء على مكان دفنه. تمر هذه الأيام ذكرى اغتيال الإمام على بن أبى طالب، كرم الله وجهه، وذلك بعدما طعنه عبد الرحمن بن ملجم غيلة وهو فى طريقه لصلاة الفجر، وذلك في شهر يناير من سنة 661، في شهر رمضان من سنة 40 هجرية.
وهو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب ابن عم النبي (صلى الله عليه وسلم)، أما والدته، فهي فاطمة بنت أسد بن عبد مناف بنت عم أبي طالب، يكنى علي –رضي الله عنه- بأبي لحسن وبأبي تراب، وهي كنية أطلقها النبي (ص) حينما وجده راقدًا في المسجد وقد أصاب جسده التراب بعد أن سقط الرداء عنه، فأخذ النبي يمسح التراب عنه.
ولد علي في 13 رجب 23 ق.هـ الموافق 17 مارس 599م. وقد قيل إنه أول من ولد في جوف الكعبة من الهاشميين. وقد تكفل النبي (ص) بعلي بعد أن أصابت قريش في إحدى السنوات أزمة شديدة، تضرر الناس بسببها، وكان أبو طالب كثير الأولاد.
كان أبوه أبو طالب ممن اشتهر بالسيادة والرئاسة في قريش، فكان أحد سادتها وأبطالها وعقلائها. وقد نشأ النبي (ص) في بيته وكفالته بعد وفاة جده عبد المطلب. اشتهر من إخوة علي ثلاثة هم: عقيل وطالب وجعفر، وكان علي أصغرهم، وكان له أختان، هما: أم هانيء ووجمانة.
باع درعه ليتزوج فاطمة بنت رسول الله
تزوج علي بعدد من النساء أولاهن وأشهرهن وأعظمهن فاطمة ابنة الرسول (ص)، وأشهر أبنائه هما الحسن والحسين، ومحسن، وزينب الكبرى وأم كلثوم، كان علي أول من أسلم من الصبيان، وشارك في غزوات الرسول كلها، إلا غزوة تبوك، حيث استخلفه الرسول (ص) على المدينة.
وكانت له مكانة عظيمة عند النبي (ص)، فقد تربى في حجره، وصنع على عينيه. فكان قريبًا إلى قلبه، حائزًا عنده مقامًا رفيعًا، كما زوجه النبي أحب بناته إليه، السيدة فاطمة الزهراء، بويع علي بالخلافة في 25 ذي الحجة سنة 35هــ، في اليوم التالي لمقتل الخليفة “عثمان بن عفان”، وقد أجمع المسلمون من المهاجرين والأنصار على اختياره خليفة للمسلمين، لفضله ومكانته، فزان الخلافة وشرفها بفضله وقدره وعدالته. وكانت خلافته راشدة كأسلافه.
وقد رُوى أن تزويج فاطمة من علي كان بأمر من الله، حيث توالى الصحابة على محمد لخطبتها إلا أنه ردهم جميعا حتى أتى الأمر بتزويج فاطمة من على، فأصدقها على درعه الحطمية ويقال أنه باع بعيرا له وأصدقها ثمنه الذي بلغ 480 درهما على أغلب الأقوال.
وبحسب كتاب “الأمالى” لأبو جعفر الطوسى عن الضحاك بن مزاحم، فإن عليًا باع درعه وأتى بثمنه إلى الرسول ثم قبض الرسول من الدراهم بكلتا يديه، فأعطاها أبا بكر وقال: ابتع لفاطمة ما يصلحها من ثياب وأثاث البيت، وأردفه بعمار بن ياسر وبعدة من أصحابه، فحضروا السوق، فكانوا يعرضون الشىء مما يصلح فلا يشترونه حتى يعرضوه على أبى بكر، فإن استصلحه اشتروه، حتى إذا استكمل الشراء حمل أبو بكر بعض المتاع، وحمل أصحاب رسول الذين كانوا معه الباقى.
أعماله يشهد لها التاريخ
وقد قام علي بأعمال يشهد لها التاريخ مقارنة بقِصر فترة خلافته، ومن تلك الأعمال، أن المالية العامة للدولة الاسلامية في عهده حققت الفائض المالي، وتم توزيع الزيادة بالعدل بما يَضمن تحقيق التكافل الاجتماعي. كما كان علي أول من خصّص يوماً للنظر في المظالم، وكان أول من أنشأ العسس الليلي (الشرطة) لتحقيق الأمن بين الرعية والتصدي للمخربين واللصوص.
كان علي رجلاً شجاعًا شهدت له الميادين بالبطولة، والتضحية والفداء، كما كان صاحب علم غزير، وفقه عميق بالقرآن والسنة بما حباه الله من اللسان السؤول، والقلب العقول، وكان رجلا حكيما، وقاضيا عادلا، بفضل دعوة النبي له، أما في مجال الخطابة، فقد كان خطيبا مفوها تقطر عباراته، وكلماته بلاغة وسحرا، وقد تحلى بكثير من الصفات الحسنة كالورع، والتقوى، والحياء، والتواضع، والفقه وغيرها الكثير.
سياسته في المعارك
عن سياسته في المعارك ويقول “العقاد” كانت له وصاياه المحفوظة في تسيير الجيوش، وتأديب الجند ومعاملتهم لسكان البلاد، ومنها قوله: “إذا نزلتم بعدو أو نزل بكم، فليكن معسكركم من قبل الإشراف وسفاح الجبال، أو أثناء الأنهار، كيما يكون لكم ردءًا ودونكم ردًّا، ولتكن مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين، واجعلوا لكم رقباء في صياصي الجبال ومناكب الهضاب؛ لئلا يأتيكم العدو من مكان مخافة أو أمن، واعلموا أن مقدمة القوم عيونهم، وعيون المقدمة طلائعهم، وإياكم والتفرق فإذا نزلتم فانزلوا جميعًا، وإذا ارتحلتم فارتحلوا جميعًا، وإذا غشيكم الليل فاجعلوا الرماح كفة — أي: محيطة بكم — ولا تذوقوا النوم إلا غرارًا أو مضمضة”.
هكذا استشهد على
استشهد علي- رضى الله عنه- ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة مضت من رمضان من السنة الأربعين للهجرة، وكان عمره ثلاثة وستين سنة وقيل بضع وخمسون.
لقد تم اغتيال الإمام على بن أبى طالب، كرم الله وجهه، وذلك بعدما ضربه عبد الرحمن بن ملجم غيلة، في شهر يناير من سنة 661، في شهر رمضان من سنة 40 هجرية.
كان عبد الرحمن بن ملجم والبرك بن عبد الله وعمرو بن بكر التميمى، من غلاة الخوارج، فاجتمعوا، وتذكروا القتلى من رفاقهم وتذكروا القتلى من المسلمين عامة وألقوا وزر هذه الدماء كلها على ثلاثة، أو أئمة الضلالة فى رأيهم ، وهم (على بن أبى طالب، ومعاوية بن أبى سفيان، وعمرو بن العاص)، فقال ابن ملجم (أنا أكفيكم على بت أبى طالب) وقال البرك (أنا أكفيكم معاوية بن أبى سفيان)، وقال عمرو بن بكر (أنا أكفيكم عمرو بن العاص)”، كما يذكر الأديب الكبير عباس محمود العقاد فى كتابه “عبقرية الإمام”.روى المؤرخون أن عبد الرحمن بن ملجم الخارجي الحميري أقام في الكوفة يرقب الموعد لقتل الإمام، ثم إنه أقبل آخر الليل ومعه رفيق له يُعينه في عمله المجرم، وأنهما انتظرا الإمام حتى خرج من بيته لصلاة الفجر، فلما رأياه قادمًا استقبلاه بسيفيهما، فأصابه ابن ملجم — لعنه الله — في جبهته حتى بلغ دماغه، ووقع سيف صاحبه في الحائط، وخرَّ الإمام الأمين المأمون صريعًا وهو يقول: لا يفوتنَّكم الرجل، وأحاط القوم بالفاسقَين، فقتلوا الثاني، واستبقوا ابن ملجم، وحُمِلَ الإمام إلى داره فأقام ليلتين ويومًا ثم مات كرَّم الله وجهه.
مكان دفنه
وقد اختلف العلماء في مكان دفن علي رضى الله عنه، فقد كان ابن تيمية وابن سعد وابن خلكان – رحمهم الله – إنه دفن في الكوفة وتحديدا بقصر الإمارة، وقال عبد الله العجلي إنه دفن بالكوفة بمكان غير معلوم، أما الحافظ أبو نعيم فقال إنه دفن بالكوفة ثم نقل إلى المدينة المنورة بواسطة الحسن بن علي رحمه الله، وقال إبراهيم الحربي إن مكان قبر علي رضى الله عنه غير معلوم.
وكان حافز “ابن ملجم”، كما رأى “العقاد”، لقتل الإمام، هو العشق والحب، حيث كان يحب فتاة من تيم الرباب قتل أبوها وأخوها فى معركة الخوارج، وكانت توصف بالجمال الفائق والشكيمة القوية، فلما خطبها ابن ملجم لم ترض به زوجا إلا أن يشفى لوعتها وقال (وما يشفيك) قال (ثلاثة آلاف درهم وعبد وقينة، وقتل على أبن أبى طالب).
يقول “العقاد” إن الإمام على ضربه ابن ملجم فى جبينه بسيف مسموم، وهو خارج للصلاة فمات بعد أيام وهو يحذر أولياء دمه من التمثيل بقاتليه، ويقول لهم “يا بنى عبد المطلب، لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين تقولون: قتل أمير المؤمنين، قتل أمير المؤمنين، ألا لا يقتلن إلا قاتلى”.
وتابع “انظر يا حسن، إن مت من ضربته هذه فاضربه ضربة بضربة، ولا تمثل بالرجل فإنى سمعت رسول الله يقول : إياكم والمثلة ولو أنها بالكلب العقور”.