أردوغان يلمح للقاء بالسراج للتراجع عن الاستقالة وتكهن بتفويض حرب لحفتر
يبدو أن الأبواب الأمريكية تغلق فى وجه أردوغان يوما بعد يوما ،ووذلك ردا على عدة أفعال تركية سبب صداعا غليظا فى رأس ترامب ،فكانت البداية بتعاقد تركيا مع روسيا بشأن صفقة أس _٤٠٠،فى محاولة تركية لايجاد تعاون مشترك مع الدب الروسى لعقد تفاهمات بشأن ليبيا فى وقت تدعم فيه روسيا مواقف المشير خليفة حفتر ،مما سبب حرجا كبيرا لإدارة ترامب لعدم جديتها فى فرض عقوبات شاملة على أنقرة. فكان الجرم الثانى الذى اقترفته تركيا هو تصعيد وتيرة الأحداث بالبحر المتوسط مما وضع دولتين عضويتان بحلف الناتو وجها لوجه،مما خلق تهديدا أوروبيا لحلف الناتو قد يسبب على إثره تضارب مصالح بين اوروبا وأمريكا،مما ينذر بتفكيك الناتو فيصب ذلك فى صالح روسيا العدو الأول لهذا الحلف.
وعلى الجانب الثانى استطاع الاتحاد الأوروبى تجميد الغطرسة التركية بالمتوسط من خلال تدعيم عسكرى كبير لليونان من خلال صفقة أسلحة فرنسية ،مما ساعد بصناعة تفوق عسكرى بحرى لليونان على حساب تركيا ،وهذا بدوره عزز من فرص وقدرة أثينا فى ضم ١٢ ميلا بحريا لمياهها الاقتصادية،مما أدخل بحيرة “إيجه” التى تستخدمها أنقرة للعبور إلى المياة الاقتصادية اليونانية ضمن حدود السيادة البحرية اليونانية.
أفرزت تلك السياسة الأوروبية تجاه أردوغان بالمتوسط عزلة لتركيا قد زادت بشكل كبير باستشعار جدية العقوبات التى هددت بها أوروبا مؤخرا،إضافة إلى نظريات الدفاع عن السيادة البحربة التى تشكلت بشكل جماعى عن طريق ترسيم الحدود بين فرنسا وإيطاليا واليونان وقبرص ومصر،وزادت تلك العزلة بشكل كبير بعد تصريحات وزير الخارجية الأمريكى الذى أعلن عن عدم الارتياح الإدارة الأمريكية جراء التصعيد بالمتوسط ،مما كان له الأثر الكبير فى سحب تركيا لسفينة “أوروتش عروج” إلى إسطنبول،وعللت تركيا ذلك بأن السفينة سوف تقوم بأعمال للصيانة لثلاثة أسابيع!!،فيما اتجهت سفن آخرى تركية علاقة للتنقيب مثل “الفاتح” و”القانونى” إلى البحر الأسود،فما معنى ذلك؟؟فجاءت ما اصطلح على تسميته بإعلان السراج “استقالته” من رئاسة حكومة الوفاق بنهاية أكتوبر،مما يعد ضربة قاضية لمخطط تركيا بليبيا عبر تعريتها سياسيا بنزع غطاء الموالاة و الانتماء لأطماع تركيا من قبل رئيس الحكومة فائز السراج ،لا يمكننا الحكم بشكل نهائى على حقيقة تلك الخطوة التى يعتزم السراج الإقدام عليها ،نعم قد تكون مناورة باتجاه الضغط على تركيا لتحقيق مكاسب سياسية تصب فى صالح شخص السراج ،وقد تكون مراجعة سياسية بعد غفوات مر بها السراج والتى اكتشف على إثرها أنه يقدم ليبيا على طبق من ذهب لجماعة الإخوان إلارهابية،سوف نسرد وقائع الشق الثانى من تلك القضية بداعى التفاؤل والأمل من منطلق أبواب القاهرة التى فتحت لوفد السراج منذ أيام من أجل لم الشمل برعاية الدولة المصرية.
حيث قال أردوغان اثناء مؤتمر صحفى عقد بأسطنبول. أنه فوجئ باستقالة السراج،واصفا ذلك الحدث بالمحزن ،وأضاف أردوغان أنه نقل رسائل للسراج بشأن ذلك مرجحا عقد اجتماع ثنائى بين وفد من الأتراك والسراج خلال الأيام القادمة،مدعيا أن أنقرة تسعى بشكل حثيث تجاه حل القضية الليبية من خلال دعمها لحكومة الوفاق منذ اتفاق “الصخيرات”الذى انبثقت عنه.
فيما أوردت وكالة”الاناضول” الرسمية التركية أن ما عبر عنه السراج بشأن إنهاء عمله بالوفاق لم يكن استقالة ،ولكنه رمى الكرة بملعب لجنة الحوار التى تتألف من مجلس النواب الذى يترأسه عقيلة صالح والمجلس الرئاسى الذى يتزعمه الإخوانى خالد المشرى،وتضيف “الأناضول” أن تلك اللجنة المتواجدة بالمشهد الليبي منذ ٢٠٠٥ دورها منصب بشكل ضرورى حول اختيار قادة المؤسسات السيادية و السياسية مثل الحكومة والمجلس الأعلى الاستشارى على حد سواء،ولكنها لم تردى دور حقيقى واكتفت بتوصيات و ترشيحات بسبب التأزم السياسى التى تمر به ليبيا منذ وقت طويل ،وتضيف “الأناضول” أن اختيار السراج لتخويل لجنة الحوار بتلك المهمة جاءت بتعيد الأمور إلى المربع الأول من أجل تشكيل مجلس رئاسى جديد وحكومة جديدة وليس تغيير أشخاص فقط ،وتستطرد “الأناضول” لتؤكد فى حالة عدم التوافق حول حكومة جديدة ومجلس استشارى جديد عبر لجنة الحوار سوف تعود الأمور إلى السراج لنقل سلطاته إلى نائبه أو التراجع عن الاستقالة.كما قلنا سابقا سوف ننتهج وجود استفاقة سياسية للسراج وثورة ضمير وصحوة لمسارات الوطنية بداخله ،
كل ذلك قد يكون بنجاح القاهرة خلال الفترة الماضية التى استقبلت وفدين أحدهما لحفتر والاخر للسراج فى تدعيم الحل السياسى الذى يخلو من التدخلات التركية أو يصب فى مصلحة أردوغان ،مما يشى بوجود جهود حثيثة تجاه دحر المخطط التركى الذى يهدف إلى استغلال ثروات الشعب الليبي عبر مفاوضات المغرب التى ترعاها الأمم المتحدة،تلك المفاوضات الخادعة التى أظهرت وجهها القبيح بكلمات المشير حفتر عندما وصفها “بالفاشلة”،بعد أن تمخضت تلك المفاوضات منذ خمس سنوات بحكومة الوفاق التى جاءت بأردوغان إلى ليبيا.ذلك النهج السياسى الذى اتبعه السراج يضرب بمفاوضات المغرب التى استهدفت فى الأساس مصير المؤسسات السيادية لتذهب لصالح مجلس الدولة الاستشارى بقيادة خالد المشرى الذى يتمتع بعلاقات وثيقة بأردوغان وبجماعة الإخوان الإرهابية،مما يهدف إلى عزل أردوغان سياسيا بعد محاولاته بعزل السراج لصالح رجل تركيا الجديد وزير داخلية الوفاق فتحى باشاغا،فتلك النزعة الشخصية – إن كانت كذلك_قد تتغير بعد اللقاء الذى سيجمع بين وفد أردوغان والسراج قريبا كما أعلن الرئيس التركى لإقناعه بالتراجع عن استقالته ،وذلك إن قدمت للسراج عطايا سياسية سخية من قبل أردوغان،وإن كان هدف تلك الخطوة التى قام بها السراج تنبع من مصدر الوطنية وتصحيح المسار سوف تقلب الطاولة على أردوغان لأنها ستعطى أوراق الحسم لصالح الجيش الوطنى الذى يمثل القوة العسكرية و البرلمان الليبي الذى يمثل سياسيا الشرق الليبي.
فالدعم الشعبى الذى سيحظى به الجيش الوطنى بالغرب الليبى عقب عودة إنتاج النفط وتصديره وتوفير آليات حقيقية للتوزيع العادل لعوائد الثورة النفطية على الشعب الليبي بشكل يضمن عدم ذهابها للإرهاب،فى إشارة إلى إخوان ليبيا،سوف تمنح شرعية الغوث الشعبى وتفويض الحماية للجيش الليبي للنزوح إلى الغرب وتحرير العاصمة طرابلس،مما قد يفرز اعتراف دولى بحرب التحرير مشفوعا بمقبولية أمريكية ناتجة من شرعية استمرارية تدفق النفط التى أعلن عنها المشير حفتر قائد الجيش الليبي الوطنى.
فحرب العزلة التى تمارس ضد أردوغان بحرا بفعل أوروبا والقاهرة وبرا بفعل الجيش الليبي وجوا بعقوبات أوروبية لم تدخل حيز التنفيذ بعد،فاكتملت حلقة تلك العزلة بالضلع السياسى الذى فرضه السراج وترحيبه بمبادرة القاهرة عبر تلك الزيارة الأخيرة التى تزامنت مع زيارة وفد حفتر ،مما استدعى الدبلوماسية التركية أن تحج هى الأخرى بمغازلة القاهرة على طريقتها بعبارات التقارب بين الشعبين،والتى قوبلت بعدم الاهتمام وعدم الرد من قبل الدولة المصرية،وبالفعل بدأت تلك العزلة السياسية ترتسم مبكرا من خلال ترحيب نائب السراج أحمد معيتيق بخطوة الجيش الليبي ،والتى أعقبها قيام ميليشيات مصراته الإخوانية التى تنتمى لفتحى باشاغا بإلغاء فاعليات مؤتمر كان ينتوى معيتيق عقده لإعلان خطة التوزيع العادل للنفط على جموع الشعب الليبى،والتى سبقها منه معيتيق من التوجه لسرت لتوقع اتفاق التوزيع العادل للنفط مع المشير حفتر ،مما يفهم منه سعى الإخوان إلى هدم التنامى الشعبى المرتقب لصالح حفتر ،مما يؤشر لثورة شعبية بالغرب قد نسمع عبارات الشعب والجيش أيد واحدة،فقد يؤرخ ذلك للهزيمة النكراء الثانية للإخوان التى تستئصلهم من ليبيا ومن وراءهم أردوغان.