أخبار العالم

غزة تحترق من أجل 150 أسيرًا و400 متر.

غزة تحترق من أجل 150 أسيرًا و400 متر.

في قطاعٍ تُرك ليلفظ أنفاسه تحت الركام، ويعيش على حافة المجاعة وتحت سماءٍ لا تعرف غير الطائرات، تواصل آلة الحرب الإسرائيلية سحق كل ما يتحرك، من الأطفال إلى الشجر والحجر.

ومع كل طلعة جوية تسقط عشرات الأرواح، ومع كل دقيقة تأخير في الاتفاق، تتضاعف المأساة.

وفي قلب هذا الجحيم، تسقط المفاوضات من جديد، ليس بسبب انهيار شامل، بل لأن الرقم 150 لم يُحسم، ولأن 400 متر صارت حدًا فاصلًا بين الموت والحياة.

150 أسيرًا تصر حماس على خروجهم، و400 متر ترفض أن تتنازل عنها لإسرائيل داخل القطاع.

فهل هذا وحده يكفي لإبقاء شعب بأكمله تحت القصف؟ وهل أخطأت حماس عندما ربطت القرار بمصير نخبة قاتلت في السابع من أكتوبر؟ أم أن المبدأ أثقل من التنازل، حتى لو دفع الأبرياء ثمنه؟

حماس ترفض التنازل في مفاوضات الدوحة.. نخبة «طوفان الأقصى» مقابل التهدئة.. و1200 متر تفجر الخلاف
رغم الجهود الإقليمية والدولية لإعادة إحياء المسار التفاوضي بين حماس وإسرائيل، انهارت الجولة الأخيرة من المحادثات في الدوحة، بعد إعلان الطرفين الأمريكي والإسرائيلي انسحابهما رسميًا من الاجتماعات، ما فتح الباب أمام مزيد من التصعيد الميداني، وسط إصرار كل طرف على مطالبه الأساسية التي اعتُبرت خطوطًا حمراء لا يمكن تجاوزها.

بحسب تقارير صحفية، فإن أحد أبرز أسباب رفض حماس للعرض الأخير المطروح على الطاولة، تمثل في تمسك الحركة بالإفراج عن 150 أسيرًا فلسطينيًا من سجون الاحتلال، بينهم عناصر بارزة في “قوات النخبة” التابعة لكتائب القسام، والذين شاركوا في تنفيذ عملية “طوفان الأقصى” يوم السابع من أكتوبر.

هذه الكتائب، التي كانت في طليعة الهجوم المفاجئ الذي قلب موازين الصراع، تعتبرهم حماس ورقة تفاوضية لا تقبل التنازل، بل وترى في الإفراج عنهم مسألة كرامة عسكرية وسياسية، لا مجرد بند تفاوضي.

في المقابل، ترفض إسرائيل بشكل قاطع إدراج هؤلاء ضمن أي صفقة تبادل، وتعتبر إطلاق سراحهم بمثابة مكافأة على “إرهاب” ـ بحسب توصيفها ـ وهو ما عقد المفاوضات منذ اللحظة الأولى.

من يتحكم في عمق غزة؟
أما النقطة الثانية التي فجرت المفاوضات، فتمثلت في الخلاف على المسافة التي ستتواجد بها القوات الإسرائيلية داخل قطاع غزة، ضمن المرحلة الانتقالية بعد الاتفاق المفترض.

إسرائيل طرحت تموضعًا عسكريًا بعمق يصل إلى 1200 متر داخل القطاع، تحت ذريعة “الضرورات الأمنية” وملاحقة عناصر المقاومة، بينما تصر حماس على تقليص هذا العمق إلى 800 متر فقط، في محاولة لتقليل حجم التوغل الإسرائيلي وضمان سيطرة ميدانية للفصائل الفلسطينية على الأرض.

هذا الفارق الظاهري في الأرقام، يخفي وراءه صراعًا على السيادة والمساحة الرمزية التي تحدد من يمسك بزمام الأرض فعليًا بعد وقف إطلاق النار.

اللافت في الجولة الحالية، لم يكن فقط فشل المفاوضات، بل سرعة إعلان الانسحاب من قبل الوفدين الإسرائيلي والأمريكي، وهو ما فسره مراقبون بأنه محاولة للضغط على حماس، ودفعها لتقديم تنازلات تحت وطأة العزلة السياسية والضغوط الإنسانية داخل القطاع.

وبحسب تقارير، حماس لا تزال متمسكة بمطالبها، وترفض أي حلول وسط لا تضمن إنهاء العدوان ورفع الحصار الكامل، وعودة النازحين، والإفراج عن الأسرى الذين تعتبرهم “رموزًا لمعركة الكرامة”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى