لا يواجه العالم تداعيات الجائحة فحسب، بل يواجه أيضاً الفيروس المعدي المتمثل في التعصب والكراهية التي انتشرت بقوة مع صعود اليمين المتطرف، حيث أقدم سياسي متطرف على حرق نسخ من القرآن الكريم، فيما توظف مرشحة اليمين الشعبوي مارين لوبان هذا النهج في مسعى للفوز بالدور الثاني في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، ما يدل على حجم الجهل والتعصب الشديد بحق الإسلام.
للأسف العنصرية تغلي على نار هادئة في أوروبا، حيث انتشر خطاب التعصب والكراهية بقوة في الآونة الأخيرة ببث اليمين المتطرف سمومه، ما يخلق خطراً حقيقياً يهدد باندلاع صراعات متفجرة في وقت لاحق إذا ما استمر غياب أصوات أكثر اعتدالاً في أوروبا، حيث إن الامتناع عن مكافحة التمييز والتعصب والسكوت على الخروقات هو عامل يشجع على ممارستهما في المجتمع، كما أن الإفلات من العقاب يزيد من خطر العنف.
ولا شك أن عدم محاربة الفكر المتطرف هو أحد الأسباب الرئيسية في تفاقم ظاهرة «الإسلاموفوبيا»، وإن كانت الأمم المتحدة عالجت الموضوع بحكمة بإقرار يوم دولي لمكافحة «الإسلاموفوبيا»، لكنها لم تدع إلى اتخاذ الضمانات القانونية اللازمة للحفاظ على حقوق المسلمين وكرامتهم في المجتمعات الغربية.
لغة التعصب لا تمت إلى أي دين، فهو مرض فتاك قد يودي بالمحبة ويذهب الألفة ويغري العداوة بين الأحباب، ولا بد من مكافحة هذا الخطاب بكل السبل وبكل الوسائل، فهو ليس خطراً فقط على المجتمعات المحلية، بل خطر أيضاً على العالم بأسره، فمن يدعو إلى التعصب، ومن يصدر أفكار التطرف والإرهاب وجهان لعملة واحدة، فكلاهما يقود إلى العنف.
وغني عن القول أن الأديان السماوية تشكل تكاملاً مع بعضها البعض من أجل بناء الإنسان، والحفاظ على الإنسانية لا يكون إلا من خلال حفظ الأديان، فميثاق الأخوة الإنسانية الموقع في أبوظبي جسد الرحمة والتضامن والوحدة والاحترام المتبادل، لذلك فهذه الوثيقة من شأنها تفعيل الحوار حول التعايش والتآخي بين البشر وسبل تعزيزه عالمياً، وتعزيز الجهود الدولية لتشجيع حوار عالمي بشأن تكريس ثقافة التسامح والسلام على جميع المستويات على أساس احترام حقوق الإنسان وتنوع الأديان والمعتقدات.