لماذا حجبت “الصحة العالمية” تقريراً طبياً عن كورونا في إيطاليا؟
لماذا حجبت "الصحة العالمية" تقريراً طبياً عن كورونا في إيطاليا؟
حذر كاتب تقرير طبي، سحبته منظمة الصحة العالمية من موقعها، حذّر المسؤولين عنه، في مايو الفائت، من أن الناس قد يموتون وأن الوكالة التابعة للأمم المتحدة قد تعاني من تراجع “كارثي” في سمعتها، إذا قبلت بفرض رقابة على التقرير لأسباب سياسية.
والتقرير الذي نشر لوقت قصير في موقع منظمة الصحة العالمية تحدث عن ردّة فعل السلطات الإيطالية في مكافحة وباء كوفيد-19، في تلك الفترة حيث شكلت إيطاليا بؤرة الوباء العالمي.
هذا ما تقوله وكالة أسوشييتد برس الأمريكية، التي اطّلعت على مجموعة من الرسائل المتبادلة بخصوص الموضوع، مضيفة أن الوثيقة تشرح، بدقة، كيف جاءت ردّة فعل السلطات الإيطالية ونظام الرعاية الصحية في البلاد بحلول نهاية فبراير 2020، أي تحديداً عندما مثّلت إيطاليا بؤرة فيروس كورونا العالمية الثانية.
والتقرير يقدّم إحصائيات مفصلة بالإصابات والوفيات ودراسات عن الإجراءات التي يمكن اتخاذها في بلاد أخرى لاحتواء الوباء، وأيضاً عن الإجراءات غير اللازمة، أي التي أثبتت التجربة عدم فعاليتها في مكافحة الوباء.
وحجبت منظمة الصحة العالمية التقرير بعد يوم من نشره في الإنترنت. وفي الثامن والعشرين من مايو، اتصل كاتبه وقائد الفريق الذي حضّره، بمدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، وحذّره من أن فرض رقابة على هذا التقرير “سيضّر بمصداقية المنظمة”.
وفي الثالث عشر من مايو، أرسل فرانشسكو زامبون، وهو كاتب التقرير، رسالة إلى مقر منظمة الصحة العالمية جاء فيها أن “حجب التقرير قد يشكل فضيحة من العيار الثقيل” للمؤسسة الأممية لأنه يأتي في وقت حسّاس جداً”.
وتشير أسوشييتد برس إلى أن التقرير كان خضع قبل نشره للموافقة الداخلية في منظمة الصحة، ولكنه سُحب لاحقاً من الموقع بحجة أن الدقة تنقصه، بحسب مسؤولين عن المنظمة، التي أكّدت أنها لم تخضع على الإطلاق لضغوط من الحكومة الإيطالية.
وفيما وجهت الانتقادات إلى منظمة الصحة بسبب حجبها بيانات كان من الممكن أن تفيد دولاً أخرى في مكافحة الوباء، قالت المنظمة الاثنين الفائت إنها غيّرت في آليتها المتبعة فيما يخص دراسة الوباء. علماً أن الآلية الجديدة لم تدخل حيز التنفيذ إلا بعد شهرين من تاريخ سحب التقرير، بحسب “يورونيوز”.
وكانت المنظمة الأممية قد تعرضت للانتقاد إذ تبدي “ليونة” مع الدول التي تساهم بتمويلها، حتى لو كانت قراراتها وإجراءاتها في بعض الأحيان تعارض توجهات المنظمة نفسها وتشكل خطراً على مهمة احتواء كوفيد-19.
وفي مفارقة مهمة، تشير أسوشييتد برس إلى أن التقرير لا ينتقد في الواقع المسؤولين الإيطاليين ولا الحكومة بشكل خاص، بل بالعكس، يشيد بالمجهود الذي قدّمه بعض هؤلاء.
في المقابل، يذكر التقرير أن وزارة الصحة الإيطالية لم تكن قد أجرت إضافات أو تحديثات على خطة مرتبطة بمكافحة الإنفلونزا، كانت رُسمت في العام 2006، وكانت لا تزال بشكل شبه كامل نفسها عندما انفجر تفشي فيروس كورونا في البلاد.
في هذا الجزء، ينتقد التقرير عدم استعداد الوسط الصحي الإيطالي للاهتمام بعدد كبير من المرضى الذين هم في حالة حرجة، فجاءت ردّة فعل المستشفيات “عفوية، غير منظمة ومبدعة”.
وتشير مبادلات الرسائل بين الكاتب زامبون ورانييرو غيرا، وهو مسؤول إيطالي في منظمة الصحة -ويعمل كوسيط بينها و الحكومة- إلى أن الثاني يطالب الأول بتعديل الفقرة المتعلقة بـ “خطة الردّ على وباء الإنفلونزا”، ويطالبه بالقول إنه تمّ تحديثها العام 2016، فيما كانت في الواقع مجرّد نسخة عن الخطة الموضوعة في 2006.