ما سبب إصرار بعض الدول على بقاء سوريا خارج الجامعة العربية؟
ما سبب إصرار بعض الدول على بقاء سوريا خارج الجامعة العربية؟
لم ينقطع الحديث عن ضرورة عودة سوريا إلى الجامعة العربية وبشكل خاص في السنوات الأخيرة بعد ما يقارب الـ8 سنوات على تعليق عضويتها، تغيرت خلالها الكثير من الأوضاع على الأرض، الكثير من التصريحات الرسمية العربية لا تمانع في عودتها… فمن الذي يعرقل لم الشمل العربي؟
عقاب سوريا
قال الخبير الاستراتيجي السوري العميد محمد عيسى: “إن الجامعة العربية أنشئت عام 1945 كبديل للنزعات الجماهيرية التي كانت تطالب بمفهوم دولة الوحدة العربية، لكن تم إفراغ تلك الدعوة من محتواها، ومنذ نشأتها وهي مرتهنة لبريطانيا التي أنشأتها ثم ورثتها الولايات المتحدة الأمريكية، فهل تصدق لأي من الدول العربية قرارات خاصة بها تنبع من سيادتها المطلقة، فهل يعقل أن يتم عقاب سوريا بعد أن تم إرسال أكثر من مليون ونصف متطرف إليها لأنها تدافع عن نفسها”.
وأضاف ان “الجامعة العربية الآن تتقبل تركيا عضوا مراقبا، وهي خطوة أيضا لتقبل إسرائيل عضوا مراقبا وربما تصبح جامعة شرق أوسطية، فالقرارات العربية ليست حقيقية، هناك شيء في العلاقات الدولية يطلق عليه صندوق بريد، فقد تكون الإمارات العربية المتحدة والتي أعادت فتح سفارتها في دمشق صندوق بريد بين الولايات المتحدة الأمريكية وسوريا، كما بقيت عمان صندوق بريد بين إيران ومجلس التعاون الخليجي، فهل يمكننا القول أن سلطنة عمان تستطيع أن تتخذ موقفا سياديا مستقلا”ستكون واهما إن فكرت في ذلك”.
الحمائم والصقور
وأشار عيسى إلى أنه في السياسة الخارجية الأمريكية هناك جناحان أحدهما الحمائم والآخر الصقور، حيث يتحرك جناح الحمائم حين لا يكون بمقدور جناح الصقور تحقيق المهمة، فإذا فشلت الحرب على سوريا ستجد صحفي أمريكي يكتب مقالا كبيرا وبعدها عضو في مجلس الشيوخ الأمريكي والنواب ويكثر الحديث عن أن سوريا ظلمت ويجب عودة العلاقات، هذا الأمر يتمثل في عملية الدخول من الباب الآخر وهو باب السلام والاستثمارات النفطية، وأينما توجد الربحية الاقتصادية أبحث عن السلام.
الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، و الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، 4
وأكد الخبير الاستراتيجي أن عودة دولة أو عدة دول لن يؤثر في موازين القوى، على سبيل المثال كم تملك الإمارات أو غيرها من دول المنطقة من أوراق ضغط، الحقيقة لا شيء، تركيا لها أدوات لكنها تعمل ضمن استراتيجية جزئيا خاصة بها، أما العرب وبكل اسف ليس لديهم استراتيجية خاصة بهم هم يخدمون مصالح الآخرين وبدون مقابل.
الشعوب وليس الحكام
وأوضح عيسى: “سوريا تنتصر ولا تقل لي أنه بسبب روسيا، روسيا لا تراهن على حصان خاسر أو أعرج أو ضعيف وكذلك كل الدول، لكن هناك فرس قوي اسمه الجيش العربي السوري والذي خلق معادلات جديدة على الأرض، تلك المعادلات تبنى عليها معادلات وتحالفات سياسية جديدة، فلن تستطيع كل دول الخليج أن تفعل شيئا في مواجهة سوريا، نعم ساهمت دول الخليج في تحقيق دمار كبير لكنها لم تفلح في نقل سوريا من موقعها السياسي والاستراتيجي ..فما الذي يمكن أن تفعله الآن”.
ولفت إلى أن الشعوب العربية لا ولن تتغير تجاه سوريا، ولا يعنيها ما تفعل الحكومات في أي من الدول العربية.
السبب الرئيسي
من جانبه قال السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق: “الرئيس بشارالأسد مسؤول عن جانب من الموقف الذي أخرج سوريا من الجامعة العربية، فقد حضرت القمة العربية في الرياض قبل العام 2011، والتي كان بها عدد كبير من الرؤساء العرب، وعندما تحدث بشار الأسد وجه إهانة لجميع الحضور في القمة حيث قال”لقد جئت هنا أستمع لرجال ولكنني للأسف لا أجد رجال”، وهذا الموقف أحرج الجميع، وأرى أن هناك نوع من الأخذ بالثأر من جانب قادة بعض الدول العربية، وعندما جاءت الفرصة تم تجميد عضوية سوريا”. “مصر عادة دولة وسطية وتحاول رأب الصدع في البيت العربي ولا تسير في أي أحلاف ضد أحد، لأننا خضنا تجربة طرد مصر من الجامعة العربية، لكن قرار طرد سوريا من الجامعة تم اتخاذه وقت حكم محمد مرسي 2013، والآن الوضع العربي معقد ومتشابك، والأمر يحتاج إلى مشاورات وإلى قيادة عربية تتبنى الموضوع”.
وأشار بيومي إلى أن أمر عودة سوريا إلى الجامعة العربية يحتاج أيضا من الرئيس بشار الأسد إظهار حسن النوايا، وأنه ينتوي بالفعل النهوض ببلده إلى أن تعود سوريا العزيز علينا إلى المسار السليم سوريا وعربيا، وأعتقد أن هذا الأمر يحتاج بعض الوقت.
رجل سياسة
ونفى بيومي أن تكون هناك جهات خارجية وراء تأجيل عودة سوريا لمقعدها بالجامعة العربية، مؤكدا أن “السعودية وبعض الدول العربية المتحالفة معها كانت رافضة في البداية، لكن يمكن أن يتحرك الموقف إذا تغيرت عقلية القيادة السورية، فالرئيس الراحل حافظ الأسد كان رجل دولة وسياسي من الدرجة الأولى، فالرئيس بشار الأسد يمكن أن يأخذ بزمام بلده إلى الطريق الصحيح، لأن المشكلة في سوريا مشكلة داخلية نتيجة تحكم فئة قليلة لا تتجاوز 12 في المئة في مصير بقية الشعب السوري، وليس الأسد هو الذي يمنع التنازلات من أجل سوريا بل من حوله هم من يمنعوه من إعادة الأوضاع إلى طبيعتها سواء في الجامعة العربية أو في محيط العلاقات الخارجية، لأنهم يعلمون أن عودة الأوضاع إلى طبيعتها ستجعلهم ضحايا، لذا فالوضع هو صراع سياسي يحتاج إلى تدخل قوى كبرى عربية مثل مصر والسعودية في محاولة لتهدئة المشاعر بين الأطراف، حيث يوجد بالقاهرة ممثلين لكل الطوائف السورية، وأنصح مصر أن تقوم بدور كبير في هذا الموضوع وتسترد الوضع السوري إلى تضامن وطني محترم، وهو الأمر الذي نفتقده في ليبيا واليمن أيضا”.
أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أنه من المبكر الحديث عن وجود نوايا لدعوة سوريا للانضمام إلى الجامعة العربية.
وقال أبو الغيط، في مارس الماضي، إن الظروف الحالية لا تدعم عودة عضوية سوريا إلى الجامعة، موضحا أن الأمر له حسابات سواء من جانب الجامعة أو سوريا نفسها.
وتابع أبو الغيط: “هناك بعض التوجهات التي تقول إن الوضع لم يتغير كثيرا”.
ويرى الأمين العام لجامعة الدول العربية أن الأزمة السورية أصبحت منحصرة في إدلب فقط، مضيفا: “من المستبعد أن يحدث توافق روسي تركي، على حل يمنع عودة النظام السوري إلى إدلب”.
وأكمل أبو الغيط: “نشاهد أهل لنا في سوريا وهم يشردون بمئات الآلاف، ونراهم يطرقون أبواب اللجوء وصار أمرهم ورقة ضغط ومساومة يتم التلاعب بها”.
وأتم: “القوى الخارجية لعبت دورا سلبيا في ليبيا وسوريا واليمن