متى لا تقبل الصلاة 40 يوم ؟.. بفعلين شائعين احذرهما
متى لا تقبل الصلاة 40 يوم ؟.. بفعلين شائعين احذرهما
لعله من الاستفهامات المهمة التي ينبغي أن يعرفها الجميع، لأن الصلاة عماد الدين ومن أركان الإسلام الخمسة، التي لا ينبغي تفويتها ولا تضييع فضلها مهما كان السبب، وتجنب كل فعل قد ينقص ثوابها أو يبطلها، من هنا تنبع أهمية معرفة متى لا تقبل الصلاة 40 يوم لتجنبها والحفاظ على الصلاة والفوز بأجرها كاملاً.
فقد ورد في بعض الأحاديث ما يفيد أن بعض السيئات يعاقب فاعلها بعدم قبول صلاته أربعين ليلة، ومن أصح ما ورد في ذلك ما روى مسلم في صحيحه: من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، وقد جاء في ذم شارب الخمر وعقابه قوله صلى الله عليه وسلم: ما من أحد يشربها فيقبل الله له صلاة أربعين ليلة، ولا يموت وفي مثانته منها شيء إلا حرمت عليه بها الجنة، فإن مات في أربعين ليلة مات ميتة جاهلية. رواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ـ وصححه الألباني في السلسلة.
ورد حديث صحيح يؤكد أن شارب الخمر لا تقبل صلاته 40 يوما، فعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي فَيَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا» رواه النسائي، وليس في هذا الحديث تحريم الصلاة على شارب الخمر، بل هي واجبة عليه، ويطالب بها، ولكن في الحديث أنه لا أجر له فيها ولا ثواب، عقابًا له على ما أغرق به جوفه بهذه النجاسة الخبيثة، وإن كان مع ذلك مأمورًا بالصلاة، ويأثم إثما عظيما بتركها.
ويقول الإمام النووي رحمه الله في كتاب شرح مسلم”وأما عدم قبول صلاته فمعناه أنه لا ثواب له فيها، وإن كانت مجزئة في سقوط الفرض عنه، ولا يحتاج معها إلى إعادة”، ولا يوجد حديث ثابت صحيح يُشير إلى أن شارب الخمر فمه نجس 40 يومًا، وتنصح شارب الخمر بأن يحافظ على الصلاة، ويتوب عن الخمر، ولعل هذه الصلاة أن تخفف عنك من الذنوب الأخرى.
ورد أن الخمر محرمة بالكتاب والسنة والإجماع، منوهًا بأن مقولة من يشرب الخكر فمه نجس 40 يومًا لم ترد بالكتاب أو السنة بأن شارب الخمر فمه ينجس أربعين يومًا، وهناك بعض الآثار تقول «إنه إذا صلى شارب الخمر لا تقبل منه صلاته لمدة أربعين يوما» وليس معنى ذلك ألا يصلى بل لابد أن يصلى ويقال له «بسبب شربك للخمر لا تقبل صلاتك أربعين يوما»، وهناك فرق بين عدم قبول الصلاة وعدم الصلاة فى حد ذاتها، منوهًا بأن كل معصية مهما عظمت فإن باب التوبة مفتوح.
حكم الجلوس مع شارب الخمر دون الشرب معه : أنه لما كان شربها معصية كان الأصل في مجلس شربها أنه معصية أيضًا، وكانت مجالسة شارب الخمر حال شربه محرمة ولو لم يشربها المُجالِس؛ وذلك لقوله تعالى: «وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا» [النساء: 140].
وجاء قول الإمام القرطبي في “تفسيره”: [«إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ» فَدَلَّ بِهَذَا عَلَى وُجُوبِ اجْتِنَابِ أَصْحَابِ الْمَعَاصِي إِذَا ظَهَرَ مِنْهُمْ مُنْكَرٌ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَجْتَنِبْهُمْ فَقَدْ رَضِيَ فِعْلَهُمْ، وَالرِّضَا بِالْكُفْرِ كُفْرٌ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: «إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ» فَكُلُّ مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسِ مَعْصِيَةٍ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ يَكُونُ مَعَهُمْ فِي الْوِزْرِ سَوَاءً، وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهِمْ إِذَا تَكَلَّمُوا بِالْمَعْصِيَةِ وَعَمِلُوا بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النَّكِيرِ عَلَيْهِمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ عَنْهُمْ حَتَّى لَا يَكُونَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْآيَةِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رضي الله عنه أَنَّهُ أَخَذَ قَوْمًا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، فَقِيلَ لَهُ عَنْ أَحَدِ الْحَاضِرِينَ: إِنَّهُ صَائِمٌ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ الْأَدَبَ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ «إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ» أَيْ: إِنَّ الرِّضَا بِالْمَعْصِيَةِ مَعْصِيَةٌ، وَلِهَذَا يُؤَاخَذُ الْفَاعِلُ وَالرَّاضِي بِعُقُوبَةِ الْمَعَاصِي حَتَّى يَهْلَكُوا بِأَجْمَعِهِمْ. وَهَذِهِ الْمُمَاثَلَةُ لَيْسَتْ فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ، وَلَكِنَّهُ إِلْزَامٌ شُبِّهَ بِحُكْمِ الظَّاهِرِ مِنَ الْمُقَارَنَةِ، كَمَا قَالَ: “فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارِنِ يَقْتَدِي.
ومن السنة ما ورد عن عُمَرَ بْن الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلا يَقْعُدَنَّ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ»، وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَقْعُدْ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ». رواهما الإمام أحمد وغيره، و قال الإمام المناوي في “فيض القدير” [وإن لم يشرب معهم؛ لأنه تقرير على المنكر].. وحكمة ذلك: أن الإنسان يوشك على الوقوع في المحظور ما دام يحوم حوله ويألفه قلبه وتنحسر حرمته وهيبة اقتحامه في قلبه ما دام ملابسًا لأهله مشاهدًا لاقترافه