اعداد/جمال حلمي
«أبو حفص الإسرائيلي».. من ضابط «موساد» إلى إمام «داعش»
فتحت الحرب على قطاع غزة باب الحديث حول التحركات الإسرائيلية المشبوهة في المنطقة، وقصص الجاسوسية المرتبطة بالكيان الصهيوني، لتعيد مواقع التواصل الاجتماعي قصة «الجاسوس الإسرائيلي» في ليبيا، والذي توغل داخل المجتمع حتى أصبح إمام أحد المساجد هناك.
«غريب في ليبيا»
بعد أحداث 2011 في ليبيا، دخل ليبيا أحد الرجال غير المعروفين لأي شخص، ليتوغل في نسيج المجتمع هناك ويستقر في منطقة بنغازي، وقاده ورعه وإسلامه إلى منبر أحد أهم المساجد في المنطقة بنغازي، واشتهر بين الناس بـ «أبو حفص».
الليبيون انخدعوا في الرجل القادم إليهم من مكان مجهول بعد إسقاط حكم العقيد معمر ألقذافي، وفي منطقة بنغازي ذاع صيته واستغل الاضطرابات الأمنية والفوضى التي أصابت البلاد، لتمكنه لغته العربية السلمية من أسر قلوب الطيبين هناك.
الغريب أصبح مفتيًا
الرجل الغريب بدت عليه علامات التقوى، فكان حافظًا لكتاب الله، ومئات أو الآلاف من الأحاديث النبوية التي كان يستشهد بها في حديثه مع العامة، ليأسر قلوبهم قبل عقولهم وينصبوه ليس أمامًا وخطيبًا لأحد أهم مساجدهم فقط بل مفتي المنطقة أيضًا.
أبو حفص، كان ملجأ الباحثين عن أجوبة لأسئلتهم الدينية، والراغبين في فتوى تنهي جدل أزماتهم الحياتية، ليبهرهم الرجل بعلمه، وحلاوة لسانه، فيكون بينهم الناصح الأمين القاضي بالحق وفق شريعة القرآن، وسنة نبي الإسلام محمد بن عبدا لله.
أبو حفص زعيم داعش
إلى هنا كانت حياة «أبو حفص» طبيعية، لكن مهمته «السرية» قادته إلى التوغل وسط مسلحي الجماعات الجهادية هناك، ومع الانقسام تطور عمله في أشهر أو سنوات قليلة، ليكون إلى جانب شهرته كإمام أمير جماعة دينية مسلحة.
الإمام الغامض، أسس جماعة مسلحة مكونة من 200 مقاتل ارتبطت بتنظيم «داعش» هناك وذاعت شهرته خارج الإقليم المحدود لتتجاوز حدود الدول المجاورة لليبيا، وتنتقل عمليات جماعته إلى الخارج.
“جماعة أبو حفص” اشتُهرت حينذاك، لتصبح من أكثر الجماعات الإرهابية المعروفة هناك، وأكثرها دموية، لتنطلق في الخارج إلى مصر تحت شعار “الحرب على مصر وتحريرها”، محاولة استغلال الصحاري الشاسعة الموجودة في حدود البلدين الشقيقين.
إمام المسجد ضابط إسرائيلي
في يوليو 2017، كشفت وسائل إعلام محلية ودولية، بينها صحيفة “البايس” الإسبانية، عن إلقاء القوات الليبية القبض على إمام مسجد يُدعى “أبو حفص” بتهمة التجسس لصالح كيان مُعادي، ليكتشف لاحقًا كارثة أكبر.
كشفت الصحيفة أن التهمة الحقيقية أبعد من التجسس حيث أن إمام المسجد المدعو “أبو حفص” هو “بنيامين إفرايم” ضابط إسرائيلي من فرقة المستعربين، وهي فئة من الضباط المتخصصين في كل ما يتعلق بالدول العربية وباللهجات العربية المختلفة وكذلك بالطوائف الدينية في البلاد العربية.
فرقة الضابط تعمل بتنسيق مباشر مع جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد” في التجسس والتحريض على الفتنة والقتل، والتسلل إلى ليبيا مع المسلحين الدواعش، واستقر في إحدى مناطق بنغازي الليبية التي كانت تحت سيطرة المسلحين.
مصر تكشف الجاسوس
وبينت الصحيفة، أن التحقيقات ذكرت أن “أبو حفص” أو “بنيامين” يعمل بتنسيق مباشر مع الموساد الإسرائيلي، موضحة أن المخابرات المصرية كان لها دور فعال وهام للغاية في كشف حقيقته “بنيامين” وتقديم معلومات حوله للسلطات الليبية وبالتالي تم القبض عليه.
أثناء القبض عليه لم تكن ماهية السلطات الليبية التي ألقت القبض عليه واضحة بالقدر الكافي، لكن خبر ضبطه والذي جرى تداوله بكثافة من قبل كافة وكالات الأنباء المحلية والإقليمية والدولية، بقي ناقصًا.
مصير سري
الجاسوس الإسرائيلي، ذهب إلى مصير غير معلوم فلم تعلن السلطات الليبية سواء التابعة للمجلس الرئاسي الليبي، أو الجيش الوطني، ضبطه والتحقيق معه، أو أي تفاصيل عن العملية التي ظلت تشغل الرأي العام المحلي والدولي حتى الآن.
صور أبو حفص تنتشر في كافة وسائل الإعلام، ومواقع السوشيال ميديا بين الحين والآخر، بحثًا عن نبأ معلوم لكن العملية ظلت طي الكتمان ومجهولة إلى اليوم، فلم يصدر بيان رسمي سواء سياسي أو عسكري يكشف تفاصيل العملية والتحقيقات، ومصير الضابط الإسرائيلي الآن.