“مطاردة ساحرات” في الهند بعد انتحار ممثل بوليوودي
"مطاردة ساحرات" في الهند بعد انتحار ممثل بوليوودي
رغم انشغال الهند بمكافحة تفشي فيروس كورونا المستجد، وبأزمة اقتصادها، وبطبول الحرب التي تقرع على حدودها مع الصين، انصبّ اهتمام محطات التلفزيون الهندية منذ أشهر على الدور المنسوب إلى ممثلة بوليوودية شابة في انتحار أحد وجوه الفن السابع الهندي.
وشنّت وسائل الإعلام الهندية حملة على الممثلة ريا شاكرابورتي واتهمتها بأنها لجأت إلى حشيشة القنّب وإلى السحر الأسود لدفع حبيبها السابق الممثل شوشانت سينغ راجبوت (34 عاماً) إلى الانتحار.
وإذ رأى البعض في هذه الزوبعة الإعلامية نوعاً من “مطاردة ساحرات” نابعة من كره النساء، لم يراع القائمون بها أية أخلاقيات، إذ لجأوا مثلاً إلى محاكاة حيّة للطريقة التي قالوا إنه قُتِلَ بها، أو إلى نشر صور له على الشاشة مبتسماً، سعياً إلى إثبات كونه لا يعاني الاكتئاب.
وأيدت عائلة راجبوت هذه الفرضية، إذ شككت بدورها في صحة تقارير أفادت أن الممثل كان يعاني الاكتئاب، واتهمت شاكرابورتي بأنها سرقت أمواله ودأبت على مضايقته، وهو ما تنفيه الممثلة الشابة بشدة.
وقد أوقفت شاكرابورتي الثلاثاء للاشتباه بشرائها مخدرات لحبيبها السابق الذي تحقق الشرطة الجنائية في انتحاره منذ أغسطس الفائت.
محاكمة إعلامية
وقالت الخبيرة في الإعلام جيتا سيشو “في كل مرة نعتقد فيها أن الأخبار التلفزيونية لا يمكن أن تنحدر إلى أدنى من هذا الدرك، تجد المحطات التلفزيونية طريقة لتفعل”.
وأضافت “من السهل عليها أن تطرح نفسها بديلاً من العدالة مدعية أن بعض الجهات الحكومية لا تمارس عملها، ولكن بكل بساطة هذا غير صحيح، فتحقيقاتها لا تتعلق بالأمور الجدية”.
ودرجت المحطات التلفزيونية الهندية على التصرف على طريقة الصحف الشعبية، بلا رادع ولا وازع، وخصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بجرائم في أوساط المشاهير.
وغالباً ما يطارد الصحافيون أقرباء الضحية سعياً إلى تحديد المذنبين حتى قبل أن تنظر المحاكم في الملف.
ولم تشذّ تغطية انتحار شوشانت سينغ راجبوت عن هذه القاعدة، ولكنها هذه المرة تأتي في مرحلة يسود فيها قلق في الهند على مستقبلها.
ففيما كانت محطات التلفزة تشيد بتوقيف ريا شاكرابورتي، كانت الهند تتقدم إلى المركز الثاني بين دول العالم فيما يتعلق بعدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد.
وقد وفرت المحطتان الرئيسيتان “ريبابليك” و”تايمز ناو” هدنة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، من خلال تركيزهما على قضية راجبوت.
شيطنة الممثلة
وأثار مقتل الممثل صدمة وخصوصاً أن الاكتئاب اقترن لفترة طويلة بالوصمة، وكان يُعتبر مرض الفاشلين.
وعندما أكدت عائلة راجبوت لوسائل الإعلام أنه لم يكن مكتئباً بل تلاعبت به الممثلة، سارع كثر إلى تصديق ذلك، وفي مقدمهم محطات التلفزة، وبعض السياسيين.
وفي هذا الإطار، أطلق حزب بهاراتيا جاناتا (حزب الشعب الهندي) برئاسة ناريندرا مودي، حملة بعنوان #جاستسفورسوشانت في ولاية بيهار (شرق)، مسقط الممثل، حيث تجرى انتخابات الشهر المقبل.
ولكن ليس الجميع موافقا. فبعض مشاهير بوليوود يطالبون من جهتهم بالعدالة لريا وأطلقوا وسم #جاستسفورريا على حساباتهم في موقع إنستغرام. ودانت الممثلة فيديا بالان “سيرك وسائل الإعلام”.
وأثارت صور الممثلة الشابة وهي تتعرض للإهانات والدفع من المصورين الصحافيين، من دون احترام قواعد التباعد الجسدي، سخطاً كبيراً.
ولاحظت الناشطة النسوية فانديتا موراركا أن الأمر هو بمثابة “شيطنة هذه الشابة”، واصفة ذلك بأنه “ظالم جداً ويعبّر عن كره شديد للنساء”.
ولا يبدو أن هذه الإثارة الإعلامية ستهدأ، إذ أن الهند تفتقر إلى التشريعات المناسبة في هذا المجال. وقالت سيشو في هذا الإطار “شيئاً فشيئاً، تفعل المحطات ما تريده”، ومن شأن ذلك أن يقوّض ثقة الهنود بوسائل الإعلام، على ما تحذّر.