قال رئيس “ناسا” بيل نيلسون: “نريد أن نذهب إلى القطب الجنوبي (للقمر)، حيث توجد الموارد”، ولا سيما الماء على شكل جليد، مضيفاً: “لا نريد أن تذهب الصين إلى هناك وتقول +هذه أرضنا+”.
ووسط الاستعداد لإطلاق الصاروخ العملاق الجديد المصنوع من وكالة ناسا إلى القمر، قال بيل نيلسون”هذه المهمة تحمل أحلام وآمال الكثير من الناس”، مضيفاً “نحن الآن جيل أرتيميس”.
ويُرجح أن يتأخر إطلاق الصاروخ العملاق الجديد المصنوع من وكالة ناسا إلى القمر الاثنين، بعد سلسلة مشكلات فنية واجهها خلال التحضيرات وتعقيدات مرتبطة بالطقس خلال التحضيرات المعقدة للمركبة قبيل بدء هذه المهمة التجريبية الأولى.
وكان مقرراً الإقلاع في الساعة 08,33 صباحاً (12,33 ت غ) من منصة الإطلاق 39B في مركز كينيدي للفضاء بولاية فلوريدا الأمريكية.
لكن معلّق البث المباشر بالفيديو لوكالة “ناسا” قال إن من “المتوقع بشدة” ألا يحصل الإطلاق في هذا التوقيت. وتمتد نافذة الإطلاق ساعتين ما يترك مجالا للمناورة، ولم يتم تحديد موعد جديد للإطلاق.
وكان ملء الخزانات قد بدا بتأخير ساعة تقريباً، بسبب ارتفاع خطر الصواعق في منتصف الليل. وقد تمت تعبئة الصاروخ بأكثر من ثلاثة ملايين لتر من الهيدروجين والأكسجين السائل شديد البرودة.
كذلك، قرابة الساعة الثالثة صباحاً بالتوقيت المحلي، رُصد تسرب محتمل أثناء ملء الطبقة الرئيسية بالهيدروجين، ما أدى إلى توقف العمليات مؤقتاً. وبعد اجراء اختبارات، استؤنفت العمليات بصورة طبيعية، مع استمرار الفرق الموجودة في الموقع بمراقبة الموقف عن كثب.
وقرابة الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي، تم النظر بمشكلة جديدة تمثلت في تعذر وصول أحد المحركات الأربعة RS-25 تحت الطبقة الرئيسية للصاروخ، إلى الحرارة المتدنية المطلوبة، وهو شرط لازم لتشغيله.
ولن يتمكن صاروخ “اس ال اس” البرتقالي والأبيض، والبالغ علوّه 98 متراً، من الإقلاع في حالة هطول أمطار أو عواصف رعدية.
وجرى توقيف العد العكسي، فيما كانت الفرق تعمل لإعادة تحديد خطة عمل.
في حالة الإلغاء الاثنين، فإن تاريخ الإقلاع المحتمل التالي هو الثاني من سبتمبر.
أحلام وآمال
ومن المتوقع أن يحضر العرض ما بين مئة ألف شخص ومئتي ألف، بينهم نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس.
وبعد نصف قرن على رحلة “أبولو” الأخيرة، من شأن مهمة “ارتيميس 1” أن تؤذن بإطلاق البرنامج الأميركي للعودة إلى القمر، والذي يُفترض أنه سيتيح للبشرية لاحقاً الوصول إلى المريخ على متن المركبة عينها.
وسيتم إطلاق الكبسولة “أوريون” غير المأهولة في مدار حول القمر، للتحقق من أن المركبة آمنة لنقل رواد فضاء في المستقبل، بينهم أول امرأة وأول شخص من أصحاب البشرة الملونة يمشيان على سطح القمر.
وقال رئيس “ناسا” بيل نيلسون في نهاية الأسبوع الفائت “هذه المهمة تحمل أحلام وآمال الكثير من الناس”، مضيفاً “نحن الآن جيل أرتيميس”.
وفي مؤشر إلى التغييرات الحاصلة، ستعطي أول مديرة لعمليات الإطلاق في وكالة “ناسا”، تشارلي بلاكويل تومسون، إشارة “الانطلاق” النهائية. وتمثل النساء 30% من القوة العاملة في غرف الإطلاق، بعدما كان عددهن يقتصر على امرأة واحدة في مهمة “أبولو 11”.
وبعد دقيقتين من الإقلاع، ستعود أجهزة الدفع إلى المحيط الأطلسي. وبعد ثماني دقائق، ستنفصل الطبقة الرئيسية بدورها. من ثم بعد حوالى ساعة ونصف ساعة، سيؤدي دفع أخير للطبقة العليا إلى وضع الكبسولة في طريقها إلى القمر، فيما يستغرق الوصول إلى هناك أياماً عدة.
وترمي المهمة بصورة رئيسية إلى اختبار الدرع الحرارية للكبسولة، والتي ستعود إلى الغلاف الجوي للأرض بسرعة 40 ألف كيلومتر في الساعة، ودرجة حرارة توازي نصف حرارة سطح الشمس.
وبدلاً من رواد الفضاء، تحمل المركبة على متنها مجسمات عرض، وهي مزودة أجهزة استشعار تسجل الاهتزازات ومستويات الإشعاع. كما سيتم نشر أقمار اصطناعية صغيرة لدراسة القمر أو حتى كويكب.
وستصل الكبسولة إلى 64 ألف كيلومتر ما بعد القمر، أي أبعد من أي مركبة فضائية أخرى صالحة لنقل البشر حتى الآن.
وسيكون الفشل الكامل للمهمة مدمراً لهذا الصاروخ ذي الميزانية الضخمة (4,1 مليارات دولار لكل عملية إطلاق، وفق مراجعة عامة) والذي تأخر سنوات عدة (بعدما أمر الكونجرس بإجراء هذه المهمة في عام 2010 لموعد إقلاع مبدئي في 2017).
العيش على القمر
وقالت المديرة المساعدة في وكالة ناسا بهافيا لال “ما نبدأه بهذا الإقلاع الاثنين ليس سباقاً قصير المدى، بل ماراثون طويل الأمد، لإعادة النظام الشمسي وما وراءه إلى مجالنا”.
وبعد هذه المهمة الأولى، ستنقل “أرتيميس 2” رواد فضاء إلى القمر في عام 2024، من دون أن تهبط على سطحه. وأول هبوط لمهمة مأهولة سيحصل لطاقم “أرتيميس 3” في عام 2025 على أقرب تقدير. وتسعى “ناسا” إلى إطلاق مهمة واحدة سنوياً بعدها.
والهدف من ذلك ترسيخ وجود بشري دائم على القمر، مع إنشاء محطة فضائية في مدار حوله (“جايتواي”)، وقاعدة على سطحه.
وهناك، ستتعلم البشرية العيش في الفضاء السحيق وتطوير جميع التقنيات اللازمة لإجراء رحلات ذهاباً وإياباً إلى المريخ.
وتستغرق مثل هذه الرحلة سنوات عدة، وقد تحصل “في نهاية ثلاثينيات القرن الحالي”، وفق بيل نيلسون.
لكن قبل ذلك، يُعد الذهاب إلى القمر أمراً استراتيجياً أيضاً، إذ يواجه طموحات الدول المتنافسة، ولا سيما الصين.