هل يجوز للزوجة وضع شرط عدم التعدد في عقد القران ؟
هل يجوز للزوجة وضع شرط عدم التعدد في عقد القران ؟
انتشر في الآونة الأخيرة اشتراط المرأة على الرجل أن يكتب في عقد القران أنه لن يتزوج بأخرى، ويتساءل العديد عن جواز ذلك من الناحية الشرعية، وأقوال الفقهاء وأهل العلم في هذه المسألة التي حدث حولها خلافا .
بداية يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج».. رواه البخاري ومسلم في الصحيحين، كما قال صلى الله عليه وسلم: «المسلمون على شروطهم» .
يقول ابن قدامة رحمه الله: «إذا اشترط لها أن لا يخرجها من دارها أو بلدها، أو لا يسافر بها، أو لا يتزوج عليها: فهذا يلزمه الوفاء به، فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح»، روي هذا عن عمر وسعد بن أبي وقاص وعمرو بن العاص رضي الله عنهم .
وهنا يتضح أن شرط عدم الزواج من أخرى صحيح وجائز كما ذهب إليه المحققون من أهل العلم، وسواء أكان العرف في بلد الزوجين اقتصار الرجل على زوج واحدة، أو كان العرف التعدد، لكنها ليست مستعدة للقبول به أو التكيف معه، وإذا أخل الزوج بهذا الشرط: كان لزوجته الحق في فسخ النكاح، وأخذ حقوقها كاملة .
وقال بعض العلماء: إنه لا يجوز؛ لأنه حجر على الزوج فيما أباح الله له، فهو مخالف للقرآن: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ)، ورد بعض العلماء على هذه الفتوى، قائلين: هي لها غرض في عدم زواجه، ولم تعتد على أحد، والزوج هو الذي أسقط حقه، فإذا كان له الحق في أن يتزوج أكثر من واحدة، أسقطه، فما المانع من صحة هذا الشرط ؟!
ولهذا؛ فالصحيح في هذه المسألة ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله من أن ذلك الشرط صحيح.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للذي قضى عليه بلزوم ما شرطته عليه زوجته، فقال الرجل: إذاً يطلقننا ؟!
فقال عمر: مقاطع الحقوق عند الشروط.
قال ابن القيم رحمه الله: «يجب الوفاء بهذه الشروط التي هي أحق أن يوفيها، وهو مقتضى الشرع والعقل والقياس الصحيح؛ فإن المرأة لم ترض ببذل بضعها للزوج إلا على هذا الشرط، ولو لم يجب الوفاء به؛ لم يكن العقد عن تراض، وكان إلزاماً بما لم يلزمها الله به ورسوله» .
وينبغي أن يُعلم أن الزوج إذا أخل بهذا الشرط: لم تطلق زوجته بمجرد ذلك، بل يثبت لها الحق في فسخ النكاح، فإما أن تفسخ، وإما أن تتنازل عن الشرط وترضى بما فعل الزوج، وتبقى زوجة له ،وكذا لو شرطت أن لا يفرق بينها وبين أولادها أو أبويها؛ صح هذا الشرط، فإن خالفه؛ فلها الفسخ ،ولو اشترطت زيادة في مهرها، أو كونه من نقد معين؛ صح الشرط، وكان لازما، ويجب عليه الوفاء به، ولها الفسخ بعدمه، وخيارها في ذلك على التراخي، فتفسخ متى شاءت؛ ما لم يوجد منها ما يدل على رضاها، مع علمها بمخالفته لما شرطته عليه؛ فحينئذ يسقط خيارها