أعلنت شركة خدمات استثمارية تملكها عائلة ملكية في أوروبا أن حجم الأصول التي تديرها بلغ في نهاية يونيو نحو 306 مليارات فرنك سويسري (334 مليار دولار)، بزيادة 6% عن المستوى المسجل بنهاية العام الماضي.
ويعود تاريخ العائلة، التي يترأسها حاكم إحدى أصغر الدول في العالم، إلى نحو ألف عام، وتمكنت من الصمود أمام الحروب والفيضانات والفضائح.
ويرجع ازدهار تلك الإمبراطورية المالية، التي تقف خلف حاكم ليختنشتاين، الأمير هانس- آدم الثاني، إلى خبرتها في إدارة أموال بالغي الثراء في العالم.
وأوضحت شركة الخدمات الاستثمارية الخاصة وإدارة الأصول التي تملكها العائلة الملكية، إل جي تي غروب، ومقرها في فادوز (عاصمة ليختنشتاين)، أنها أغلقت في سبتمبر صفقة الاستحواذ على ذراع إدارة المحافظ التقديرية (وهي المحافظ التي تُتخذ فيها القرارات وفقاً لتقديرات مديريها) التابعة لشركة أبردن (Abrdn Plc) في المملكة المتحدة وجيرزي، فضلاً عن ثلاثة استثمارات خارجية أخرى على الأقل منذ 2021.
وقال أوليفييه دو بيرجو، الرئيس التنفيذي لشركة «إل جي تي برايفت بانكينج»، البالغ 58 عاماً: «ما زلنا نبحث عن استثمارات أخرى.
مع ذلك؛ فإن تركيزنا الرئيس ينصب على النمو العضوي».
ويعكس النمو السريع لشركة «إل جي تي» عودة ليختنشتاين، الدولة الواقعة في جبال الألب التي يبلغ عدد سكانها 39 ألف نسمة، إلى مكانتها بدرجة ما، بعدما صُنفت في يوم من الأيام ضمن أشهر الملاذات الضريبية في العالم.
وضاعفت الشركة، التي يقارب عمرها قرناً من الزمان، الأصول المدارة والإيرادات التشغيلية بأكثر من مرتين خلال العقد الماضي، لتتعافى من تباطؤ أعمالها بعدما استهدفت الولايات المتحدة ودول أخرى المراكز المالية الخارجية في أعقاب الأزمة المالية عام 2008.
وتعتبر «إل جي تي» واحدة من الشركات التي تسعى إلى استقطاب موظفي «كريدي سويس»، منذ انهيار هذا المصرف، ومقره في زيورخ، واستحواذ «يو بي إس غروب» عليه، ما ساعد على زيادة عدد موظفي الشركة إلى ما يقارب 5 آلاف موظف.
وفي أغسطس الماضي، انضم المدير التنفيذي السابق لدى «كريدي سويس»، أجاي بنجابي، إلى وحدة «إل جي تي» لإدارة الثروات في الهند، ليكون واحداً من 6 موظفين سابقين -على الأقل- في المصرف السويسري ينضمون إلى الشركة خلال العام الجاري.
وقال دو بيرجو: «نجري عمليات توظيف مكثفة. الصفقة بين (كريدي سويس) و(يو بي إس) ليست هي المصدر الوحيد لنمونا».
والزخم الذي تتمتع به «إل جي تي» يساعد الأمير هانس-آدم أيضاً على تقدمه في ترتيبه ضمن قائمة بالغي الثراء، ما يعزز مكانة الحاكم البالغ 78 عاماً بصفته أثرى حاكم ملكي في أوروبا.
والأمير هانس-آدم هو المستفيد الوحيد من الشركة، ويحل الآن في المرتبة 215 بين الشخصيات الأكثر ثراءً في العالم، بثروة تقارب 9.2 مليارات دولار، متقدماً في التصنيف 71 درجة منذ مطلع العام الجاري، وفقاً لمؤشر «بلومبرغ» للمليارديرات.
وعلى خلاف العائلات الملكية الأوروبية الأخرى؛ مثل ملك بريطانيا تشارلز الثالث، يملك الأمير هانس-آدم معظم أثمن أصول عائلته بشكل شخصي، ما يجعلها الثروة الأقدم على مؤشر «بلومبرج» للمليارديرات.
وثروة الأمير وعائلته مصدرها الأراضي التي تم الحصول عليها في القرن الثاني عشر، التي امتدت في مرحلة ما لتشمل مساحة كبيرة مما أصبح حالياً ألمانيا والنمسا والمجر والتشيك.
وبدأت «إل جي تي» عملها في 1921 بعشرة موظفين، واشترتها العائلة الملكية بعدها بعقد تقريباً، خلال فترة الكساد العظيم.
تولى الأمير هانس-آدم إدارة الشركة في السبعينيات، بعدما كلفه والده بإعادة تنظيم إمبراطورية العائلة التي كانت في حالة يرثى لها بسبب موجة نزع الملكيات خلال الحرب العالمية الثانية وسوء الإدارة.
وبعد استقرار الشركة، وسَّع الأمير -الذي تدرب سابقاً لدى مصرف في لندن- نشاطها خارج البلاد، وافتتح أول فرع دولي في هونغ كونغ عام 1986، قبل فترة وجيزة من اعتلائه العرش كأمير لليختنشتاين.
وبخلاف «إل جي تي»، التي يعد الأمير وعائلته أكبر عملائها؛ لا تزال العائلة الحاكمة لليختنشتاين تمتلك الأراضي والعقارات، ومنها قلعة تطل على نهر الراين.
وجمعت العائلة مجموعة كبيرة من القطع الفنية، تضم أعمالاً لأنطوني فان دايك، وبيتر بول روبينز، وبارتولومي إستيبان موريللو، لكن إمبراطوريتها المالية هي القوة الدافعة لثروتها.
وارتفعت القيمة السوقية لشركة «إل جي تي» بنحو 25% منذ بداية العام الجاري، وفقاً لمؤشر «بلومبرغ» للمليارديرات، لتتفوق على أداء مؤشر «إم إس سي آي» العالمي للبنوك.
وكحال سويسرا؛ اشتهرت ليختنشتاين ذات يوم بقوانين سرية الحسابات المصرفية، لكن الإمارة عززت شفافيتها بعدما استخدمت ألمانيا بيانات سُرقت من «إل جي تي» لملاحقة المتهربين من الضرائب في 2008.
وفي ذلك الوقت، شهدت «إل جي تي»، وهي أكبر مؤسسة مصرفية في ليختنشتاين، سحب العملاء للأموال، قبل أن ينعكس ذلك الاتجاه عام 2010.
فمن بداية ذلك العام حتى 2012، أضاف البنك صافي تدفقات داخلة بنحو 22 مليار فرنك سويسري، مما يتجاوز 3 أضعاف التدفقات في السنوات الثلاث السابقة، وفقاً للبيانات التي جمعتها «بلومبرج».
ويعتبر ماكس، البالغ 54 عاماً، وهو ثاني أكبر أبناء الأمير هانس-آدم، فضلاً عن أنه مصرفي سابق لدى «جيه بي مورغان»، رئيس مجلس الإدارة الحالي لمجموعة «إل جي تي غروب»، التي تحقق معظم إيراداتها من إدارة الثروات ولديها ذراع للاستثمار المؤثر (أي الاستثمار الذي يهدف إلى إحداث تأثير اجتماعي وبيئي، فضلاً عن تحقيق العوائد المالية).
وشارك ماكس وعائلته في قرارات كبرى تخص إمبراطوريتهم المالية، ومنها الاستحواذ على شركة لإدارة الثروات في النمسا تابعة لمجموعة «يو بي إس» في 2021، وصفقات مشابهة تمت في العام الماضي لشراء شركتي «كريستون» الأسترالية و«فاليدوس ويلث» الهندية.
وعادت «إل جي تي» أيضاً إلى ألمانيا في 2022 مع افتتاح مكتب للخدمات الاستثمارية الخاصة في هامبورج.
كما يخطط البنك لمواصلة التوسع العالمي، على الرغم من أن دخوله أي أسواق جديدة في المستقبل القريب أمر مستبعد.
وقال بيرجو: «حققنا أهدافنا فيما يخص المناطق، محور الأمر الآن هو التوسع من هذه المناطق».