من المعروف أن لتركيا قواعد عسكرية في الصومال وقطر، لكن هذه القواعد ليست الأولى، إذ تمتلك عددًا من القواعد أو القوات العسكرية الموجودة في الخارج، يمكن سردها على النحو التالي:
قبرص التركية
يعد الجزء التركي من جزيرة قبرص، أول بقعة جغرافية أنشأت عليها قواعدها ونشرت فيها قواتها العسكرية، ففي 20 من يوليو/تموز 1974، دخلت تركيا جزيرة قبرص، بصفتها “دولة ضامنة لوضعها السياسي”، بهدف حماية المواطنين القبارصة الأتراك من التجاوزات القبرصية اليونانية المدعومة من اليونان، بعد إجراء انقلاب عسكري عام 1973 ضد الدستور والاتفاقيات التي تم التوصل إليها بين تركيا وبريطانيا واليونان عام 1960.
يبلغ عدد الجنود الأتراك في قبرص التركية 30 ألف جندي، وتملك تركيا هناك عددًا من القواعد العسكرية التي تحتضن دبابات وطائرات تعذر معرفتها من خلال متابعة الصحف التركية.
أفغانستان
في ديسمبر/كانون الأول 2014، شارفت فترة وجود قوات “الناتو” والولايات المتحدة في إطار مهمة السلام الدولية “إيساف” على الانتهاء؛ الأمر الذي أدى إلى انخفاض مستوى القوات الدولية في أفغانستان بنسبة 80%، وفي عام 2015 انتهت المهام الاستشارية للقوات الدولية أيضًا، الأمر الذي أدى إلى انخفاض عدد المستشارين العسكريين الدوليين إلى 15 ألف مستشار.
لكن بعض الدول وعلى رأسها تركيا والولايات المتحدة وبريطانيا، أكّدت أنها ستبقى على دعمها لأفغانستان، ولن تسحب قواتها، واختلفت تركيا عن الدول الأخرى في كونها الدولة الوحيدة التي رفعت عدد جنودها هناك، على العكس من الدول الأخرى التي اتجهت نحو سحب أو تخفيف عدد جنودها.
وقد رفعت تركيا التي اشتركت في عمليات “الناتو” ضد القاعدة عام 2001، عدد جنودها الذي بلغ نحو 900 جندي حتى عام 2009، إلى 1500 بعد عام 2015.
تعمل تركيا في إطار قوات “الناتو”، لذا لا تملك قواعد وقوات عسكرية كبيرة هناك، غير أنها تستغل هذه المهمة في تعزيز وجودها الدبلوماسي والأمني في أفغانستان عبر تدريب 17 ألف و500 جندي أفغاني حتى يومنا هذا، 3500 منهم جُلبوا إلى تركيا وتلقوا تعليمهم فيها.
كما منحت تركيا الجيش الوطني الأفغاني معدات عسكرية بقيمة 50 مليون دولار، ومساعدات صحية بقيمة 184 ألف، فضلًا عن المساعدات المالية المُقدمة إلى المدنيين التي بلغت 300 مليون دولار وتنوعت ما بين مستشفيات وعيادات ومدارس وطرق وغيرها.
وفي خضم السعي التركي لتوسيع نطاق النفوذ العسكري والدبلوماسي حول العالم، يُتوقع أن تمضي تركيا في تقديم الدعم لأفغانستان، ولا يُستبعد أن تقدم تركيا على إنشاء قاعدة أو نقطة عسكرية هناك، لا سيما أن أفغانستان تتوسط إيران ودول وسط آسيا، كتركمنستان وأوزبكستان، مما يكسبها قوة تمكنها من ورقة جديدة أمام روسيا وإيران.
الصومال
بحضور رئيس الأركان التركي خلوصي أكار، ورئيس وزراء الصومال حسن علي خيري، افتتحت تركيا أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج، في 30 من سبتمبر/أيلول 2017، القاعدة التي اُفتتحت في الصومال، أُعلن حينها أن هدفها الأساسي تدريب 10 آلاف جندي صومالي على يد 200 ضابط تركي.
تطل القاعدة على المحيط الهندي، ولا تبعد كثيرًا عن خليج عدن ومضيق باب المندب، مما يجعلها ذات موقع إستراتيجي يرفع من رصيد النفوذين الأمني والتجاري لتركيا.
وأكّد أكار، خلال حفل الافتتاح، أن الهدف الأساسي لتركيا من فتح القاعدة، دعم الجيش الصومالي ضد منظمة “الشباب” التي تقوض السلام والأمن في الصومال، مشددًا على أن التدريب فقط هو مهمة القاعدة، ووفقًا لخبر موقع بي بي سي، فإن إنشاء القاعدة كلف تركيا 50 مليون دولار.
ولا يخفى على متابعٍ حجم التنافس التركي الإماراتي المحتدم على الاستئثار بالنفوذ في الصومال خاصة والقرن الإفريقي عامة، بما يكفل رجوح كفة الميزان لصالح كل منهما، فبينما تسيطر الإمارات على عدة مواني في محيط القرن الإفريقي، كعدن والمكلا اليمنيتين، وبربرة الصومالية، وجيبوتي الجيبوتية، وعصب الإريترية، تُوجد لتركيا قوات برية في الصومال، وتبني مشاريع ناعمة ضخمة هناك، لا سيما في قطاعي الصناعة والخدمات كالتعليم والصحة وغيرها، وتدير ميناء مقديشو، وتسعى لإنشاء وإدارة ميناء كسمايو التي شكلت قمة المنافسة بين تركيا والإمارات، ورست على تركيا في النهاية، عوضًا عن الاستثمارات التركية في جيبوتي.
إلى جانب ذلك، يستطيع المتابع أن يلاحظ أن تركيا كانت، وما زالت، تسعى، على ما يبدو، إلى رفع مستوى نفوذها الأمني والتجاري بدءًا من الصومال وصولًا إلى تونس، بما يشكل أشبه ما يكون “بالقوس الهلالي”.
وقد برز هذا الهدف في عقد اتفاقية “الرورو” مع مصر، في مارس/آذار 2012، التي خفضت رسوم رسو السفن التركية في مواني مصر وقناة السويس، غير أن الانقلاب الذي حدث في يوليو/تموز 2015، أدى بالاتفاقية إلى الانتهاء، كما أن ضخ تركيا استثماراتها الاقتصادية في ليبيا وتونس، يُشير جزئيًا إلى مسعاها في بناء “القوس” المذكور.
وعلى الرغم من كسب الإمارات السباق في مصر، فإن تركيا ما زالت تحاول من خلال الصومال وجيبوتي وإريتريا والأردن “خليج العقبة” وليبيا وتونس والسودان ـ وجميع هذه المناطق تشهد تنافس عسكري ودبلوماسي محتدم بين الإمارات وتركيا ـ استكمال بناء مشروعها التي تسعى من خلاله، بالأساس، إلى كسب نفوذ تجاري يرفع من مستوى التبادل التجاري بينها وبين الدول الأخرى على جميع المستويات، بما يحسن مستوى نموها الاقتصادي.
قطر
اشتد الجدل يخصوص شرعية وسبب وجود القاعدة العسكرية التركية على إثر اندلاع “الأزمة الخليجية” التي نشبت بين الإمارات والسعودية والبحرين ومصر “دول الحصار” من جهة، وقطر من جهة أخرى، حيث اتهمت “دول الحصار” قطر “بدعم وتمويل ا