عجوز “متسولة” تدخل البنك الأهلي بـ 4 صفائح قديمة.. ماذا بداخلها ؟!!
عجوز "متسولة" تدخل البنك الأهلي بـ 4 صفائح قديمة.. ماذا بداخلها ؟!!
عادتي كعادة أي مواطن مصري يذهب إلى البنك ، إما لإيداع مبلغ مالي أو لاستلام راتب أو الاستفسار عن أي شيء من خدمة العملاء ، يتصادف أن البنك الذي اتعامل معه هو البنك الأهلي فرع التوفيقية بشارع رمسيس بوسط القاهرة .
في يوم حار ذهبت إلى البنك وجلست في طابور طويل بالطبع أنتظر دوري ، إنها إجراءات احترازية للوقاية من فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 ، وبعد أن عقمنا أيدينا والجميع التزم بدوره ، اذا بنظري يلمح سيدة عجوز “كهل” يظهر من ثيابها انها لا تمتلك سوي بلوزة قصيرة ، اللون البرونزي قد غطي جسمها ولكن لم يحصل عليه من حمامات الاستجمام الصيفية أو من رحلات الشاطئ الترفيهية، إنّما أهدته إيّاه الشمس فيبدو انها تقف كثيرا في الشمس ولم تهدها الشمس الحارقة تلك الهدية ، انما أهدتها السنون خطوطها ولمساتها ، فأصبحت تلك الأخاديد والحفر التي رسمت طريقها على وجنتيها وتحت عينيها، تروي للبشرية قصة كفاحٍ قد عاشها تلك العجوز التي تقف خلفي.
تلك السيدة “العجوز” جاءت لتسلك طريقها بين البشر ، ولكن كفاح مع مَن، وضدّ من هذا ما لم يستطع أن تحدّده تلك العجوز، قد تنزل دمعةٌ من عينيك اذا رأيتها، وقفت تلك الدمعة لتتحدث عن حجم هذا القهر الذي كابدته تلك العجوز المسكين، وعن ذاك الفقر الذي ظل رفيقه على مدى أيام حياتها ، كل هذا وأكثر ، واستيقظت فجأة من تخيلاتي وسألتها أن تتقدمني ، لم تشكرني فهي كبيرة بما يكفي للدخول قبل الجميع ، بل رمقتني بنظرة خبث .
استندت علي الجدران ودخلت ، وفي اعماقي فضول كبير أريد أن أعرف لماذا تأتي عجوز مسن فوق التسعين – إلى البنك أين أولادها أو حتى أحفادها ليتحملوا هم مشقة المشوار بدلا منها .
لكن فجأة .. لاحظت في يديها كيس قديم تحكم قبضتها عليه – رائحته غريبة ومقيته ، وحينما نادى “موظف البنك” على رقمها قامت بصعوبة وأظهرت لموظفة البنك 4 صفائح قديمة أخرجت منها مبالغ مالية من فئة العشرين والعشرة جنيهات ، ودار هذا الحوار القصيرة ، الموظفة : إذيك ياحاجة هو انتي جيتي تاني ؟ وهي تحاول أن تخفي الرائحة الكريهة المنبعثة من الكيس البلاستيكي القديم .
ردت عليها السيدة العجوز دون أت ترسم ابتسامة واحدة علي جبنتيها قائلة : 9 آلاف جنيها عديهم براحتك انا عداهم وحفظاهم ؟!!ثم رمقتها بنظرة تأكيد وحذر .
اتابع المشهد من بعيد وعلي وجهي استغراب .. جاء دوري والفضول سيقتلني وان أسال الموظفة من هذه العجوز الغلبانة المسكينة ، إنها هناك منذ أكثر من ساعة دون أي معين لها ويبدو لي أنني رأيتها هنا الشهر الفائت أيضا ، فكانت المفاجأة رد الموظفة نزل علي كالصاعقة !!
الموظفة :” يبدو لي أنها متسولة واضح أنها تتسول وتأتي بمبلغ ما بين 8 الاف جنيها إلى 9 آلاف جنيها تضعها في حسابها البنكي لما يقرب من سنين عديدة ويبدو أن حسابها البنكي كبير جدا ، ضاحكة ( وانا لا استطيع أظهر سرا لأحد العملاء انتي عارفة لكن أطمنك حسابها مليان جدا جدا !! ) حسب تعبيرها لي .
هنا دخل أحد العاملين بالبنك – استرق السمع – ويبدو أنه يعرفها جيدا قائلا :” فيها أقاويل بتقول أنها ساكنة في الظاهر أو غمرة وتيجي مشي لغاية هنا وانها تتسول في تلك المنطقة لكن ماحدش يعرف هي ساكنة فين “.
لحظات مرت سريعة وانا أفكر في “حسبة بيرما ” ديون وأقساط شهرية ومتطلبات الحياة اليومية وانا انظر إلى أرضية البنك المتداخلة أسود في أبيض ، يا ليتها لم تخبرني .
ويوميا نقرأ ونسمع نقلا عن وزارة الداخلية وتحديدا الإدارة العامة لمباحث رعاية الأحداث بقطاع الأمن الاجتماعي عن القبض علي متسولين أو شحاذين أو انقاذ أطفال الشوارع ، ووفقا لآخر احصائية للمركز القومي للبحوث الجنائية تتجاوز أعداد المتسولين أكثر من نصف مليون شخص أغلبهم من الأطفال، وجاءت الاحصائية التي جرى الكشف عنها منذ عامين تقريبا.
ويبدو أن القانون الصادر لهذا الأمر كان منذ عام 1933، وينص على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهرين كل شخص صحيح البنية وجد متسولا في الطريق العام ، وحاول أعضاء مجلس النواب مناقشة قانون جديد لكنه إلى الآن لم يخرج من الأدراج حتي الآن ..