منذ الثمانينيات، كان العلماء يناقشون ما إذا كان البيض آمنًا أم لا بالنسبة لصحة القلب والأوعية الدموية. وهل يسبب حقًا ارتفاع نسبة الكوليسترول الضار في الدم، وبالتالي يساهم في تصلب الشرايين؛ مما يؤدي إلى انسداد الشرايين. وبهذه الطريقة ، يُفترض أن البيض يساهم في الإصابة بأمراض القلب التاجية ، ويُنصح أولئك الذين يعانون من ارتفاع الكوليسترول ومشاكل في القلب والأوعية الدموية بتجنب البيض تمامًا. لكن هل البيض خطير حقًا على صحة قلبك؟
يعتبر البيض من أكثر الأطعمة الغنية بالكوليسترول؛ حيث تشير التقديرات إلى أن بيضة واحدة كبيرة الحجم، تحتوي على حوالي 200 ملغ من الكوليسترول، وهو ما يمثل حوالي 65٪ من الاستهلاك اليومي الموصى به. لكن في السنوات العشر الماضية، تغير تصورنا للكوليسترول بشكلٍ كبير، واكتشفنا أنه ليس كل الكوليسترول ضارًا بالنسبة لنا، وقد تكون مساهمةالكوليسترول في صحة القلب أكثر مما كنا نعتقد في الماضي. فالبيض يحتوي على كل من الكوليسترول الجيد (HDL) والضار (LDL)؛ حيث يكون للأول تأثير وقائي على الشرايين، والأخير هو السبب وراء انسداد الشرايين. ومع ذلك، من خلال تناول بيضة واحدة كاملة، فإنك ستستهلك أكثر من نصف الكمية المسموح بها من الكوليسترول، ولهذا السبب يُعتقد أنها تساهم في الإصابة بتصلب الشرايين وأمراض القلب. لكن هل الكوليسترول الموجود في البيض يؤدي حقًا إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم؟لتحديد ما إذا كان البيض هو السبب وراء انسداد الشرايين أم لا، تم إجراء عددٌ لا يحصى من التحقيقات العلمية، الكبيرة والصغيرة على مر السنين. وقد جمعت أحدث دراسة في هذا الصدد، والتي نُشرت في يناير من عام 2020 بيانات من 32 عامًا من البحث حول هذا الموضوع، وانتهى الأمر بملايين المشاركين من العديد من البلدان المختلفة. هذه الدراسة، التي نشرت في المجلة الطبية البريطانية، خلصت إلى أن استهلاك بيضة واحدة فقط يومياً؛ لن تزيد من خطر أمراض القلب والشرايين والسكتة الدماغية، أو مرض القلب التاجي.ولكن، في حين أن تناول البيض بكميات معتدلة يُعد آمنًا، إلا أنه قد يكون خطيرًا، خاصةً بالنسبة لأولئك الذين هم بالفعل أكثر عرضة للإصابة بتصلب الشرايين، سواء كان وراثيًا أو مكتسبًا. لذلك، إذا كان أي شخص في عائلتك يعاني من مشاكل في القلب والأوعية الدموية، أو إذا كان مستوى نشاطك منخفضًا، وتتبع نظامًا غذائيًا غنيًا بالسكر المضاف، واللحوم الحمراء، واللحوم المصنعة، والدهون المشبعة، فيجب عليك بالطبع تقليل تناول البيض بقدر ما تستطيع.ومع ذلك، إذا لم يكن لديك تاريخ عائلي للإصابة بالمرض، وحافظت على نظام غذائي صحي شامل مليء بالأطعمة النباتية واللحوم الخالية من الدهون، فيمكنك تناول بيضة كل يوم بحرية. هذا صحيحٌ بشكلٍ خاص عندما يتعلق الأمر بأولئك الذين لا يستهلكون الكثير من البروتين؛ حيث أن البيض يحتوي على نسبة عالية من البروتين. في الواقع، يأتي كل الكوليسترول الموجود في البيض من صفار البيض، ويحتوي بياض البيض على القليل من المواد التي تتكون في الغالب من البروتين، أو لا تحتوي على شيء على الإطلاق.وبصرف النظر عن ذلك، فإن البيض غني بالعناصر الغذائية الأخرى المعروفة بحماية قلبك وشرايينك من الأمراض المزمنة، والتي تعتبر ضرورية لصحة الإنسان، مثل معظم فيتامينات B، وفيتامين E، والدهون غير المشبعة. هذا يعني أنه من خلال تناول بيضة واحدة فقط في اليوم، قد تكون في الواقع تمنع بذلك مشاكل القلب والأوعية الدموية ولا تسببها.
خلاصة القول، يمكنك الاستمتاع بعجة الصباح دون الخوف من إلحاق الضرر بقلبك، ولكن يجب أن تتذكر ألا تأكل أكثر من بيضة في اليوم، خاصه إذا كان نظامك الغذائي العام غير صحي.