المزيد

سر لجوء مصر إلى «الروشتة النبوية» لحل أزمة سد النهضة

سر لجوء مصر إلى «الروشتة النبوية» لحل أزمة سد النهضة

دخلت أزمة سد النهضة إلى منعطف أخير، بسبب التعنت الإثيوبي في المفاوضات، ورفض كافة الحلول التي قدمتها مصر والسودان، ولكن بالرجوع إلى العصر النبوي الشريف والخلفاء والصحابة، نجد أنهما قدما روشتة ناجحة لحل أزمة سد النهضة ونقص المياه المحتمل في مصر ومن هنا نستعرض في التقرير التالى بعض من تلك الحلول النبوية الشريفة:

تنبؤات إسلامية
في البداية قال الدكتور عبد الغنى سعد أستاذ الفقة جامعة الأزهر، إن الشريعة الإسلامية اهتمت كثيرا بأزمة نقص المياه وهي المشكلة التى يعانى منها العالم أجمع ومصر خاصة، في حالة تنفيذ سد النهضة، وهناك تنبؤات إسلامية في بداية العصر الإسلامي بحدوث جفاف في القارات والدول وهو ما يحدث الآن، أخبار الجفاف في شرق إفريقيا الذي استفحل في الآونة الأخيرة بعد أن حرمت من الأمطار منذ عدة سنوات؛ مما نجم عنه نفوق الحيوانات وهي المصدر الرئيسي لغذاء الإنسان، ثم موت الآلاف من البشر بسبب ذلك، وهاجر العديد من الآلاف إلى المناطق المجاورة؛ بحثًا عن الماء مصدر الحياة.

النهي عن الإسراف في الماء
وأكد الدكتور عبد الغنى سعد أستاذ الفقة، أن النبي صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنى والقدوة المثلى في مجال المحافظة على الماء من الضياع هدرًا، فقد أخرج مسلم من حديث أنس رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمدِّ، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد).

والرسول صلى الله عليه وسلم أول من دعا الناس إلى عدم الإسراف في استهلاك الماء فقال: “كلوا واشربوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة” بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الإسراف في استخدام الماء في أغراض الوضوء أو الاغتسال، فقد روى عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بسعد بن أبي وقاص وهو يتوضأ، فقال صلى الله عليه وسلم: “ما هذا الإسراف؟” فقال رضي الله عنه: أفي الوضوء إسراف؟ فقال صلى الله عليه وسلم: “نعم، وإن كنت على نهر جارٍ” ولذلك كان يقال: من قلة فقه الرجل ولوعته بالماء.

وقد طبق الرسول صلى الله عليه وسلم ما نهى عنه على نفسه وعلى أهل بيته؛ فعن عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ بثلثي مياة. وقد روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت تغتسل هي والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد يسع ثلاثة أمداد أو قريبًا من ذلك.

الخلفاء
وكشف الدكتور محمد عبد الحليم أستاذ التاريخ الإسلامي جامعة الأزهر، أن كتب الفقه توضح كيف اهتم المسلمون القدامى بعدم الإسراف في استخدام الماء في الوضوء والاغتسال، وإذا كان الحرص على عدم الإسراف في استعمال الماء في الوضوء والاغتسال شديدًا، فإنه فيما عدا ذلك يجب أن يكون أشد.

وانتهج الخلفاء الراشدون نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وساروا على منواله، فاهتموا بمصادر المياه وعملوا على تخزينها والمحافظة عليها لحين الحاجة إليها، كما اعتنوا بترشيد استخدام الماء. ولذلك عندما فتح المسلمون الشام والعراق ومصر، اتجهوا إلى تحسين أحوال هذه البلاد، وبخاصة فيما يتعلق بالزراعة واستغلال المياه، فبنوا السدود وأقاموا الجسور وشقوا القنوات والتُّرَع.

واستمر اهتمام ولاة الأمور في دولة الإسلام، بالمحافظة على توفير الماء اللازم لكل قطعة من الأرض تصلح للزراعة، وقد بلغت الدولة العباسية في ذلك شأنًا عظيمًا. ويشير كل من اليعقوبي في كتاب (البلدان) وياقوت الحموي في (معجم البلدان)، إلى أن الخلفاء العباسيين كانوا يهتمون شخصيًّا بالعمل على تيسير الري حتى يتمكن السكان من زراعة الأرض دون جهد ومشقة، ويتمثل ذلك في شق الترع وإقامة المصارف وتشييد القناطر.

وذكر أن الخليفة “المنصور” وضع تخطيطًا علميًّا لاستغلال مياه نهر دجلة؛ بأن أمر بشق عدد من الجداول والترع تستمد مياهها منه لتيسير ري الأراضي القريبة منه، مثل قناة “جيل”، كما أحسن استغلال نهر الفرات -على الرغم من قلة مياهه- بإقامة قناة تأخذ من “كرخاريا” أحد روافد الفرات، تجري في عقود وثيقة من أسفلها، محكمة بالآجر من أعلاها، وتنفذ في أكثر شوارع بغداد صيفًا وشتاءً، وصممت بحيث لا ينقطع ماؤها في أي وقت من الأوقات. وفي عهد الخلفاء العباسيين رشحت المستنقعات بنظام دقيق.

المياه لجميع البشر
وقال الدكتور محمد عبد الحليم، إن المسلمين اهتموا بحل المشكلات التي تنجم عن استخدام المياه في الري، كما اهتم العلماء والفقهاء بدراسة كل القضايا التي تتعلق بالنزاع الذي يحدث بين المنتفعين بالمياه.. وقد تناول الأئمة الأربعة هذه القضايا في كتبهم ودراساتهم ورسائلهم، ولم يتركوا من هذه القضايا شيئًا دون أن يتناولوه بالفحص والدرس.

من ذلك ما رواه الإمام مالك في كتابه الشهير “الموطأ” عن الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ”.

وما رواه مالك من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا يمنع فضل بئر”. والمعنى أن يكون حول البئر كلأ ليس عنده ماء غيره، ولا يمكن لأصحاب المواشي رعيه إلا إذا تمكنوا من سقي بهائمهم من تلك البئر؛ لكيلا يتضرروا بالعطش، فيلتزم منعهم الماء منعهم الرعي.

كما جعلت الشريعة الإسلامية حق الانتفاع بالماء، مكفولًا للجميع بلا احتكار ولا إفساد ولا تعطيل، فهو حق شائع بين جميع البشر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الناس شركاء في ثلاث: في الماء، والكلأ، والنار” وهذا يعني أن مصادر الماء لا يجوز لأحد أن يحتكرها لنفسه أو يمنعها عن الآخرين، فهي ملكية عامة للجميع. والملكية العامة تستدعي المحافظة عليها، وولي أمر المسلمين مسئول عن ذلك، ومسئول عن تنظيم استفادة جميع المسلمين من هذه الملكية.

تنظيم الري:
واعتمادًا على تفويض الأنصار – رضي الله عنهم – للرسول في تنظيم أرض المدينة واقتصادها، بحيث يتحقَّق نسيج جديد إسلامي (إخائي) للمجتمع الجديد، قام الرسول بتوجيه التعامل مع “الماء والزرع” تعامُلًا يَكفُل أقصى الفعالية، فعندما قال له بنو حارثة من الأنصار: “يا رسول الله، ها هنا مسارح إبلنا، ومرعى غنمِنا، ومَخرج نسائنا – يعنون: موضع السقاية -قال لهم الرسول: ((مَن قطع شجرة، فليَغرس مكانها، فغرَسنا الغابة)).

وقضى رسول الله في وادي مهزور أن يُحبَس الماء في الأرض إلى الكعبين ثم يُرسَل إلى الأخرى، لا يمنع الأعلى الأسفل، (وهي عملية داخلة في باب تنظيم المياه بالنسبة للزراعة)، وفي هذا الإطار ورَد أيضًا عن عبدالرحمن بن الحارث أن رسول الله قضى في سيل مهزور أن الأعلى يُمسك على مَن أسفل منه، حتى يبلغ الكعبين، ثم يُرسله على مَن أسفل منه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى