كيف زرع «الموساد» شرائح متفجرة في هواتف اللبنانيين؟
كيف زرع «الموساد» شرائح متفجرة في هواتف اللبنانيين؟
أفادت مصادر أمنية بأن تفجيرات بيجر التي استهدفت عناصر في حزب الله ومدنيين في لبنان وسوريا، الثلاثاء، كان من تدبير وكالة التجسس الإسرائيلية «الموساد» والجيش الإسرائيلي، وفقًا لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن حزب الله اختار، في وقت سابق من هذا العام، استخدم آلاف أجهزة النداء لإجراء الاتصالات، بعد أن أعلن زعيمها حسن نصر الله أن الهواتف الذكية ستكون أكثر عرضة للهجمات الإلكترونية من قبل القوات الإسرائيلية.
ولكن تمكن أفراد الجيش والاستخبارات الإسرائيليون من الوصول إلى 5 آلاف جهاز نداء «على مستوى الإنتاج» وإدخال كمية صغيرة من المتفجرات العالية قبل أشهر من استيرادها إلى لبنان، وفقًا لعدة مصادر أمنية.
وقال مصدر أمني لبناني: «حقن الموساد شرائح داخل الأجهزة تحتوي على مادة متفجرة تتلقى رمزًا من الصعب جدًا اكتشافها من خلال أي وسيلة حتى باستخدام أي جهاز أو ماسح ضوئي».
وادعى المصدر أن حزب الله طلب أجهزة النداء من شركة تايوانية تسمى جولد أبوللو «Gold Apollo»، لكن المسؤولين التنفيذيين هناك قالوا إن الأجهزة تم تصنيعها وبيعها بموجب ترخيص من قبل BAC Consulting في مدينة بودابست بالمجر.
وقال إيليا جيه ماجنييه، محلل كبير للمخاطر السياسية في بروكسل ببلجيكا، في وقت لاحق إنه تحدث مع أعضاء حزب الله الذين فحصوا أجهزة النداء التي فشلت في الانفجار ويبدو أن أجهزة النداء تلقت رسالة خطأ مشفرة أرسلت إلى جميع الأجهزة مما تسبب في اهتزازها وإصدارها صافرات لمدة 10 ثوان تقريبا.
بينما ضغط المستخدم على زر جهاز النداء لإلغاء التنبيه تم تفجير المتفجرات، ذلك التصميم الذي من شأنه أن يضمن أن يكون جهاز النداء ممسكا به من قبل المستخدم في وقت الانفجار لإحداث أقصى قدر من الضرر.
تفجيرات بيجر والخرق الأمني
وأشارت صحيفة «ديلي ميل» إلى أن «تلك العملية التي استمرت شهورًا من قبل الموساد والجيش الإسرائيلي، تمثل خرقًا أمنيًا غير مسبوق لحزب الله، الذي تعهد بالانتقام من إسرائيل ومواصلة دعمه لحليفته حماس وسط الحرب الجارية في غزة».
في المقابل، قال مسؤول أمني أمريكي، الأربعاء، إن الهجوم كان مخططا له في وقت لاحق كجزء من «هجوم شامل» ضد حزب الله، لكن إسرائيل اختارت تفجير الأجهزة مبكرا وسط مخاوف من أن الجماعة اللبنانية أصبحت على علم بالخطة.
وقال المصدر لموقع «أكسيوس» الأمريكي، شريطة عدم الكشف عن هويته: «كانت لحظة بين قرارين إما استخدامها أو خسارتها».
اضطرابات في محيط الانفجار
انفجرت أجهزة النداء التي يستخدمها أعضاء حزب الله للاتصالات الحيوية، أمس، مما أدى إلى إصابة الآلاف.
تسببت سلسلة التفجيرات، التي بدأت حوالي الساعة 3:30 مساءً بالتوقيت المحلي واستمرت لمدة ساعة تقريبًا، في نشر الذعر والفوضى على نطاق واسع في جميع أنحاء الضاحية الجنوبية لبيروت وجنوب لبنان وحتى في سوريا المجاورة.
وأظهرت لقطات فيديو صادمة كيف وصلت الأهداف غير المتوقعة إلى أجهزة النداء الخاصة بهم، فقط ليتم تفجيرها عند أقدامهم بواسطة انفجار «غير متوقع وعنيف».
وأضافت «ديلي ميل» أن الضحايا ظهروا وهم يتألمون مع إصابات في وجوههم وبطونهم، خلال صور ومقاطع فيديو تمت مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي.
ومن بين الأشخاص التسعة الذين قُتلوا وفقًا للتقارير كانت هناك فتاتان تبلغان من العمر 8 سنوات و12 عامًا.
وأصيب أكثر من 2800 شخص في الانفجارات، وتم نقل 300 منهم إلى المستشفى في حالة حرجة.
.كيف تمت تفجيرات بيجر؟
أشارت التكهنات المبكرة في أعقاب الانفجارات إلى أن اختراقًا إسرائيليًا ربما أدى إلى زيادة تحميل بطاريات أيون الليثيوم التي تعمل على تشغيل أجهزة النداء، والتي يمكن أن تحترق حتى 590 درجة مئوية أي 1100 درجة فهرنهايت عند إشعالها.
لكن مجموعة من المصادر الأمنية والخبراء حددوا منذ ذلك الحين أن الانفجارات كانت ناجمة عن عملية إسرائيلية عطلت سلسلة التوريد وأدخلت متفجرات في أجهزة النداء التي تم تنشيطها عن بعد لاحقًا بواسطة رسالة خطأ مشفرة.
وأوضح ضابط سابق في مجال إبطال مفعول القنابل في الجيش البريطاني -رفض كشف هويته- أن الجهاز المتفجر يحتوي على خمسة مكونات رئيسية: حاوية، وبطارية، وجهاز تشغيل، ومفجر، وشحنة متفجرة.
وأضاف أن «جهاز النداء يحتوي على ثلاثة من هذه الأجهزة بالفعل». تابع: «لن تحتاج إلا إلى إضافة المفجر والشحنة».
وقال كارلوس بيريز، مدير الاستخبارات الأمنية في شركة الأمن الحاسوبي الأمريكية TrustedSec، إنه بحلول وقت الهجوم، «كانت البطارية نصف متفجرة ونصف بطارية فعلية على الأرجح».
وبدا أن لقطات كاميرا الأمن التي تمت مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي، أمس، تظهر اللحظة التي أرسلت فيها إسرائيل رسالتها «القاتلة».
وشوهد أحد أعضاء حزب الله وهو ينزع قميصه في ارتباك في أحد المتاجر بعد أن بدأ جهاز النداء الذي كان يحمله، والذي كان مخفيًا فوق فخذه، في إصدار أصوات تنبيه وإشعال.
وفجأة انفجر الجهاز، مما أدى إلى سحقه على الأرض بينما أصيب عمال السوبر ماركت والمتسوقون الآخرون بالذعر وفروا.
ذكر شون مورهاوس، الضابط السابق في الجيش البريطاني وخبير التخلص من المتفجرات: «بالنظر إلى الفيديو، فإن حجم الانفجار مماثل لذلك الذي تسبب فيه صاعق كهربائي وحده أو صاعق يحتوي على شحنة شديدة الانفجار وصغيرة للغاية».
استكمل مورهاوس كلماته قائلًا إن هذا يشير إلى تورط جهة فاعلة تابعة لدولة. وأضاف أن وكالة الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية، الموساد، هي المشتبه به الأكثر وضوحًا في امتلاك الموارد لتنفيذ مثل هذا الهجوم.
في المقابل، قال بيان لحزب الله: «بعد فحص جميع الحقائق والبيانات الحالية والمعلومات المتاحة حول الهجوم الآثم، نحمل العدو الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذا العدوان الإجرامي الذي استهدف المدنيين أيضًا». فيما رفضت إسرائيل التعليق على الانفجارات.
طلب مركز عمليات الأزمة في لبنان، الذي تديره وزارة الصحة، من جميع العاملين الطبيين التوجه إلى مستشفياتهم للمساعدة في التعامل مع الأعداد الهائلة من الجرحى القادمين لتلقي الرعاية العاجلة..
تحذيرات من أجهزة بيجر.
في خطاب متلفز في 13 فبراير الماضي، حذر الأمين العام للحزب حسن نصر الله أنصاره بشدة من أن هواتفهم أكثر خطورة من الجواسيس الإسرائيليين، قائلًا إنهم يجب أن يكسروها أو يدفنوها أو يحبسوها في صندوق حديدي.
وبدلًا من ذلك، اختارت المجموعة توزيع أجهزة النداء على أعضاء حزب الله عبر فروع المجموعة المختلفة من المقاتلين إلى المسعفين الذين يعملون في المستشفيات.
وأشارت التقارير الأولية إلى أن أجهزة النداء التي طلبها حزب الله تم توريدها من قبل شركة تايوانية تسمى Gold Apollo، وهي شركة مصنعة لأنظمة النداء اللاسلكي.
ولكن المسؤولين التنفيذيين قالوا، اليوم، إن الشركة لم ترخص إلا لعلامتها التجارية على الأجهزة، وأنها تم تصنيعها وبيعها من قبل شركة BAC Consulting KFT المجرية.
وجاء في بيان: «أقامت شركة Apollo Gold Corporation ترخيصًا طويل الأمد للعلامة التجارية الخاصة والتعاون الإقليمي مع BAC».
تابعت: «وفقًا للاتفاقية، فإننا نسمح لشركة BAC باستخدام علامتنا التجارية للمبيعات الإنتاجية في مناطق محددة، ولكن تصميم وتصنيع المنتجات يتم التعامل معه بالكامل من قبل BAC».
وذكر رئيس شركة Gold Apollo هسو تشينج كوانج للصحفيين أن شركته لديها اتفاقية ترخيص مع BAC على مدى السنوات الثلاث الماضية، لكنه لم يقدم دليلًا على العقد.
ولم تعلق الرئيسة التنفيذية لشركة BAC Consulting، كريستيانا بارسوني أرسيدياكونو حتى الآن على الادعاءات التي قدمتها شركة Gold Apollo.
يحتوي جهاز النداء AR-924 الذي طلبه حزب الله، والذي تم الإعلان عنه على أنه «قوي»، على بطارية ليثيوم قابلة لإعادة الشحن، وفقًا للمواصفات التي تم الإعلان عنها ذات يوم على موقع Gold Apollo على موقعهم الإلكتروني قبل إزالته على ما يبدو، الثلاثاء، بعد الهجوم التخريبي.
يمكن أن يتلقى رسائل نصية تصل إلى 100 حرف كما ذكرت الشركة أن عمر البطارية يصل إلى 85 يومًا.
يأتي الحادث أمس في وقت من التوترات المتزايدة بين لبنان وإسرائيل. تخوض حزب الله اللبنانية والقوات الإسرائيلية اشتباكات شبه يومية لأكثر من 11 شهرًا على خلفية الحرب بين إسرائيل وحليف حزب الله حماس في غزة.
و«البيجر» هي أجهزة لاسلكية صغيرة كانت تستخدم بشكل شائع قبل انتشار الهواتف المحمولة لإرسال واستقبال رسائل نصية قصيرة أو تنبيهات، وعملها يعتمد على إرسال إشارات عبر الشبكات اللاسلكية، وكانت تستخدم بشكل رئيسي في المستشفيات، الشركات، وأحيانًا للأفراد.