تطورات متسارعة على الساحة الليبية، تحمل الكثير من السيناريوهات المحتملة خاصة بعد القرارات المتلاحقة للمجلس الرئاسي فائز السراج.
السراج أصدر ثلاثة قرارات خلال 24 ساعة، جاء الأول بوقف وزير الداخلية فتحي باشاغا عن مهامه لحين التحقيق معه، وذلك أثناء زيارته لتركيا.
بعد ساعات من وقف وزير الداخلية، قرر المجلس الرئاسي تعيين الفريق أول محمد علي أحمد الحداد رئيسا للأركان العامة للجيش، وتكليف صلاح الدين علي النمروش وزيرا مفوضا للدفاع.
وكان وزير الداخلية فتحي باشاغا قال بعد قرار توقيفه، إن “أسباب معاناة المواطن هو انتشار الفساد”.
ما العلاقة بين قرارات السراج المتتالية؟
بحسب خبراء هناك علاقة قوية بين القرار الأول وما تبعه، وأن هذه الخطوة تؤكد على تحالف رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج مع الأجسام الأمنية خاصة وزارة الدفاع، وأنه جاء بمن يدينون له بالولاء تخوفا من أي تطورات قد تحدث، فيما يصفها البعض بأنها في إطار محاربة الفساد.
في هذا الإطار قال عادل كرموس عضو المجلس الأعلى للدولة بليبيا، إن التعيينات والقرارات المتتالية هي من أجل كسب تحالفات من جهة، ومن جهة أخرى محاولة محاربة الفساد، بإبعاد من كثر الحديث عنهم لارتباطهم بالفساد المالي.
ويرى كرموس ، أنها “ليست خلافات جوهرية بقدر ما هي ممارسة صلاحيات، وأنها لن تؤول إلى ما هو أسوأ، خاصة أن الأمر لا يعدو أن يكون وقفا مؤقتا من أجل تحقيق، صدر ممن يملك على من يجب أن يمتثل لهذا الأمر”.
وتابع أن “باشاغا يتمتع بالذكاء والوطنية، مما يؤهله لاتخاذ القرار الحكيم، الذي ينهي الأزمة، ولا يعرض الوضع للانهيار”.
على جانب آخر يرى عثمان بركة القيادي بالجبهة الوطنية الشعبية الليبية، إن الخلافات الحاصلة هي صراعات من أجل السلطة والمال على حساب البسطاء.
وأضاف في حديثه. أن الأمور جميعها تحت سيطرة وتخطيط دولة أجنبية، وأن ما يحدث بين السراج وباشاغا أشبه بالمسرحية.
فيما قال المحلل السياسي الليبي أحمد الصويعي، إن التغييرات جاءت في ظل محاولة باشاغا للانقلاب على فائز السراج من خلال استغلال وزارة الداخلية لاستبعاد السراج، وأن هذه الخطوة هي فصل جديد من فصول الاستحواذ على السلطة من جماعة “الإخوان” في ليبيا.
وأوضح الصويعي أن أهمية التوقيت تنبع من الظرف و الموقف ذاته، الذي حصلت في إطاره تعيينات، من شأنها أن تعزز وجود السراج، حيث أنه أوقف باشاغا عن وزارة الداخلية وفي ذات الوقت يغازل مصراتة بتكليف اللواء الحداد برئاسة الأركان، بعد تعيين النمروش وزيرا للدفاع.وشدد على أن الفساد موجود بشكل كبير في كل قطاعات الحكومة، إلا أن سبب الخلاف الرئيسي هو محاولة انقلاب باشاغا على فائز السراج، حيث أن الأخير لديه نزعة كبيرة للاستحواذ على السلطة، و سخر شركة علاقات عامة في الولايات المتحدة الأمريكية لترويجه هناك، حسب قوله.
وعلى عكس ما يراه عادل كرموس، يرى الصويعي، أن هذه التجاذبات تؤثر بالسلب على الوضع في ليبيا، ويحتمل معها عودة الصراع بين الكتائب الموالية لبشاغا من جهة والموالية للسراج من جهة.
فيما قال النائب محمد العباني، إن السراج تبنته “ميليشيا طرابلس” وقدمت له ولحكومته الحماية والحراسة، في حين ازدادت “مليشيات مصراتة” أهمية بتعيين باشاغا وزيرا للداخلية.
وأضاف في حديثه “، أن باشاغا تعهد للمجتمع الدولي بحل المليشيات ونزع سلاحها، وهي نقطة الخلاف بينهم حيث يرى أن المليشيات هي المتواجدة في طرابلس فقط، حسب تأكيد النائب.
يرى العباني أن الصراع بين الأطراف لحصد أكبر قدر من المكاسب في ظل شح السيولة، وأن خروج الشارع الطرابلسي مطالبا بحاجاته الأساسية وحقه في التعبير، ومواجهته بالرصاص الحي، وزيادة انتشار جائحة الكورونا، أدى إلى تبادل الإتهامات بالقتل والقمع والفساد.
وأشار العباني إلى أن قرار الرئاسي بوقف وزير الداخلية عن العمل وطلب التحقيق معه سيؤدي إلى رفع الغطاء عن عمليات فساد كبيرة بالحكومة.
ويرى أن كل ما حدث يقسم الحكومة والشارع بين مؤيدي باشاغا والسراج، وسيبرز كل ذلك في مواجهات مسلحة داخل مدينة طرابلس، وأن الخاسر الوحيد هو المواطن الليبي.
فيما قال المحلل الليبي سنوسي إسماعيل، إن السراج يحاول كسب نقاط لصالحه بهذه التعيينات، ليكون في موقف أقوى أمام باشاغا، الذي سبمثل أمام المجلس الرئاسي حسب القرار الصادر بحقه.
وأضاف أن السراج يترك خيار إقالة باشاغا مفتوحا، وإن كان صعبا جدا من الناحية العملية، ويعزز ذلك تعيينه محمد الحداد ابن مصراتة، رئيساً للأركان، في ذات الوقت اتخذ السراج جملة من القرارات التي تخص التحقيق، حول شبه الفساد التي تحوم حول وزارة الصحة.
وتابع أن القرار الخاص بتنفيذ قانون علاوة العائلة جاء ضمن السياق ، وكذلك القرار الموجه لوزارة العمل بحصر العاطلين عن العمل بهدف تدريبهم وتعيينهم، وأنه الواضح أنه يهدف بذلك إلى تهدئة الرأي العام الغاضب من الفساد وسوء الخدمات وانعدام فرص العمل.
ووصل وزير داخلية حكومة الوفاق الليبية، فتحي باشاغا، إلى مدينة طرابلس أمس السبت، للخضوع للتحقيق، بعد إيقافه عن العمل على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة مؤخرا.
وقال باشاغا، في تصريح إعلامي بعد وصوله لطرابلس، بأنه يتحدث باسم سبعة ملايين ليبي، وخلق دولة قادرة على المحاسبة وحماية أموالها، مشيرا إلى أن حالة المواطن الليبي صعبة جدا ويعيش ظروف غير ملائمة للحياة.
وأضاف باشاغا، أن “أسباب معاناة المواطن هو انتشار الفساد في كل مؤسسات حكومة الوفاق”.
وطالب “بتشكيل لجنة من الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة ومن وزارة الداخلية ومكتب النائب العام لمراجعة كل الملفات التي بها قصور وتسبب معاناة الناس”.